د. نعمان جلال

مصر في مرمى نيران الضغوط الدولية وضرورة التعامل الحازم

الجمعة، 30 أغسطس 2013 10:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الضغوط الدولية ليست مسألة جديدة والخطط المعادية من الظواهر المعروفة في التعامل بين الدول . واستخدام القوة الصلبة والقوة الناعمة بالتبادل في السعي لضرب وتخريب وإضعاف الدول من الأمور العادية في التاريخ الدولي وأية قوة صاعدة تسعى القوى القديمة لضربها حفاظاً على مكانتها . ولو نظرنا لتاريخ نشأة الإسلام نجد ما يسمى بالقوة الناعمة الآن كان يطلق عليها مصطلح " المنافقون " وقد لعب بعض "الأحبار"في الحضارة الإسلامية دورا مماثلا. وهؤلاء المنافقون المرجفون " و المشككون و ناشرو الفتن تحدث القرآن الكريم عنهم في آيات كثيرة " الفتنة اشد من القتل " وفي التاريخ العربي عرف ما يسمي بالطابور الخامس.

جاءت نشأة حركة الإخوان المسلمين عام 1928م في مدينة الإسماعيلية بمصر بعد سقوط الدولة العثمانية عام 1924م ولا نشك في صدق نوايا الحركة ولكننا نشك في استخدام الآخرين لها و دراسة ظروف نشأة الحركة تثير بعض التساؤلات في استغلالها دون إدراك ودون وعي نتيجة ما نسميه الحمية الإسلامية والغيرة على الدين وخاصة في مرحلة حسن البنا قبل أن تتحول إلي الاتجاه القتالي بإنشاء التنظيم الخاص بقيادة عبد الرحمن السندي عام 1939 و قام باغتيال القاضي الخازندار و محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر وغيرهما مما دفع. السلطات المصرية لعقد اجتماع مع الإمام حسن البنا وخيرته بين العمل الدعوي وبين النشاط السياسي والتنظيم السري فاختار العمل الدعوي وقال قولته المشهورة منددا بالتنظيم السري وأعضائه "إنهم ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" وهكذا تبرأ مؤسس الحركة من بعض قياداتها ممن انحرفوا عن الطريق الصحيح الذي أمر به الإسلام واستعصوا علي التقويم .

واستعراض إحداث مصر وما قامت به الحركات الإرهابية باسم الإسلام في الستينيات وخاصة منذ منتصف السبعينات خير دليل على الأهداف التي سعت بعض القوى الدولية لدفع تلك الحركات لتحقيقها وتتمثل في ثلاثة أهداف معادية ومتناقضة مع االفكر والشعارات المعلنة من قبلها فالعبرة بالنتائج وأبرزها:
الأول : تشويه صورة الإسلام و تصويره بأنه يدعو للعنف والإرهاب باسم الجهاد ضد الحكام وأبناء الوطن وليس ضد الأعداء الحقيقيين ، ونشر هذا الفهم الخاطئ، عن الإسلام .
الثاني : خدمة الأ
هداف الاستعمارية للدول الأجنبية تحت راية الإسلام ومواجهة الكفر والإلحاد وما حدث في نشأة جماعات الجهاد والتكفير والهجرة والقاعدة وغيرها وتركزها في أفغانستان بعد قيام ثورتها ضد النظام الملكي ثم الغزو السوفيتي حققت هذه الحركات أهداف المخطط الأمريكي في تدمير الاتحاد السوفيتي ثم تحولت بعد ذلك لتدمير دولها عبر خلاياها في تلك الدول فأصبحت كالمرتزقة أو التائهة في أهدافها بالانتقال من أفغانستان للبوسنة فالعراق واليمن وسوريا ومصر
الثالث : إضعاف الدول الإسلامية مثل باكستان التي تحولت إلي ملاذ آمن لتلك الجماعات، وإضعاف الدول العربية التي هي ركيزة الإسلام الصحيح ،في هذه المرحلة مثل مجلس التعاون بثرواته الطبيعية و مصر بحضارتها وشعبها وسكانها وجيشها الذي أوصى به النبي محمد ووصفه بأنه "خير أجناد الأرض وبث الفتنة الطائفية خلافاً لوصية الرسول " استوصوا بقبط مصر خيراً " وسلوك ووصايا الخلفاء الراشدين بعدم قتل الأطفال والنساء والرهبان والحفاظ على ممتلكاتهم ومقدساتهم بخلاف ما يحدث من هذه الفئة، وكان عبد الله بن سبأ زعيم المنافقين يظهر التشدد في الإسلام لخداع المسلمين، ولإثارة الفتن بين صفوفهم وهذا هو دور الجماعات الإرهابية الجديدة . فما يحدث الآن هو ضد الإسلام والمسلمين ويخدم الأهداف الاستعمارية و هو تكرار لتاريخ وممارسات الفرق المنحرفة منذ نشأة الإسلام..
وبالنسبة لمنهج التعامل مع الموقف نشير إلي ثلاثة أمور.
أولها : ضرورة معرفة المندسين بيننا والحذر من سلوكهم وافكارهم،
ثانيها :تحديد الأولويات و معرفة كيفية إدارة الأزمات أو التعامل مع الدول الخارجية التي تتكالب ضد مصر سعيا لتنفيذ مخططاتها ولذا ينبغي التعامل بأسلوب دبلوماسي نشط يتسم بالكياسة والحزم في نفس الوقت.، فأجهزة الإعلام والخارجية والأمن كلها أجهزة متكاملة و بعد حرب 1967م كان يتم استدعاء السفراء الأجانب وتوجيه السفراء المصريين بالخارج لتكثيف اتصالاتهم بصورة دائمة ويقدمون تقرير يومية وأسبوعية وشهرية عن أنشطتهم، وإنني على ثقة بأن وزير الخارجية ووزيرة الإعلام من أكفأ الكوادر المصرية ولكن ينبغي أن يعيشوا نبض الأزمة وليس العمل التقليدي ولعل ضعف الإعلام الخارجي مرجعه أن هيئة الاستعلامات لا يتولاها أبناؤها وإنما سفراء من الخارجية أو باحثين من الصحف القومية وهم ليسوا خبراء في الإعلام مما يفسد العمل ويحبط حماس العاملين ويجب وضع حد لهذه الممارسة الخاطئة والمدمرة للكفاءات..
ثالثها : على الأجهزة الأمنية القيام بدورها بحزم دون الالتفات للقوي الدولية الضاغطة لمصالحها أو لبعض جمعيات حقوق الإنسان التي تمول من الخارج ، الذي يقدم الأموال خدمة لمصالحه وأجندته ، ومن الملفت للنظر أن الاتحاد الأوربي في اجتماعه يوم 21 أغسطس قرر وقف توريد المعدات العسكرية وإعادة النظر في المساعدات لمصر ولكنه سمح بالمساعدات للمنظمات الحقوقية أليس ذلك يثير التساؤل والشكوك وفي نفس الوقت نشيد بجمعيات حقوقية ذات أصالة وطنية وعربية وفي مقدمتها الجمعية المصرية لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان لبياناتها ومواقفها الصحيحة والايجابية بخلاف بعض الجمعيات الحقوقية الاخري التي تجاهلت حقوق من قتلوا من رجال الشرطة والأمن أو من الجنود في سيناء وحرمة الموتى وإدانة التمثيل بالجثث، وكررت ما ذكرته البيانات غير الصحيحة والمنحازة لمنظمات حقوقية دولية تعمل بأجندة خارجية وتمول منها كما تجاهلت ما حدث في فض أمريكا حركة وول ستريت Wall Street وفض بريطانيا تظاهرات سلمية في لندن بالقوة ولم تتركها سوي أسبوعا واحدا وقال رئيس الوزراء دافيد كاميرون لتذهب حقوق الإنسان للجحيم إذا تعرض امن بريطانيا للخطر ووقف الحزب المعارض مع الحكومة بقوة.
وأخيرا نقول لمجلس الأمن الدولي أنه انتهك ميثاق الأمم المتحدة في جلسته الخاصة عن مصر تحت مسمى المشاورات غير الرسمية والبيان الذي أصدره وإرساله مبعوثاً إلى مصر للتحدث مع مختلف الأطراف بما فيها المسجونين ممن قاموا بالإرهاب والتحريض في حين أن المادة 2/7 من الميثاق تؤكد على عدم تدخله في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء لان مهمة المجلس هي حفظ السلم والأمن الدوليين .

إن جلسة مجلس الأمن غير الرسمية للمشاورات بناءً على طلب بريطانيا وفرنسا واستراليا، كان ينبغي التصدي لها ، برفض عقد الجلسة أو بحشد مجموعة فلا يتوافر نصاب أو على الأقل طلب التحدث فيها إذا انعقدت، وهذا من ثوابت العمل في الأمم المتحدة وهناك سوابق كثيرة في هذا الصدد، والتصدي لها إعلاميا بقوة .

ونتساءل أين كان هذا المجلس من انتهاك حقوق الروهينجا في ميانمار ، ومن قتل الفلسطينيين واعتقالهم وحبسهم لسنوات طويلة، إننا نعيش مرحلة تنفيذ مخططات الشرق الأوسط الكبير بالقوة الناعمة في حين كان الرئيس السابق جورج دبليو بوش ينفذها بالقوة الصلبة وكلاهما أساء للشعب الأمريكي وصورته لدى الشعوب العربية
إن مصر في فوهة بركان مدمر فالمخطط الذي وضع منذ التسعينات إعمالاً لفلسفة صراع الحضارات يجرى تنفيذه، واستخدم هذا المخطط لتدمير العراق وتسليمها للصراع الطائفي والعرقي ، ثم جاء دور سوريا التي يدمرها أهلها ، والآن دور مصر ، وغداً يأتي دور دول الخليج العربية ، والخرائط والسيناريوهات جاهزة ومن هنا فأن وحدة الموقف العربي وبخاصة الموقف الخليجي العربي مع الشعب المصري تعد ضرورة لإحباط هذه المخططات ولحسن الحظ فأن الشعب المصري بكافة طوائفه يدرك ذلك ما عدا قلة تستخدم بوعي أو بغير وعي أداة للمخطط الاستعماري بعد أن تم تجنيدها وغسيل أدمغتها وتضخيم طموحاتها بأفكار وهمية لإعادة ما يسمي بالخلافة الإسلامية العثمانية التي كانت ابعد ما تكون عن الإسلام ، وتعيش في الفساد الداخلي ، والنظرة المتدنية نحو العرب، وتستخدم العثمانية الجديدة لمزيد من الفتن والصراع الدولي لتدمير المنطقة العربية فهل يتصور عاقل إن دولة عضو في حلف الناتو ولها علاقة استراتيجية عسكرية مع إسرائيل تعمل حقيقة من اجل الإسلام.

إن تدمير الكنائس المسيحية هو تنفيذ لمخطط معادي للإسلام ليتخذ ذلك أداة للتدخل في شؤون مصر بحجة حمايتها وحماية المسيحيين ولكن كان الأقباط أكثر وعياً فرفضوا ذلك بقوة و قال قادة الكنيسة فليتم تدمير الكنائس ولتبقى مصر سليمة، وان تدمير الكنائس أهون من قتل إنسان وهم بذلك أكثر وطنية من تلك الجماعات التي تحمل اسم الإسلام وتعمل لمصلحة أعدائه ودمر بلادها.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة