د. مصطفى النجار

من يصادر حق الشعب فى حماية ثرواته؟

الأحد، 27 أبريل 2014 03:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط كثير من القرارات والتعديلات التشريعية التى حدثت فى مصر خلال الشهور الماضية فى ظل غياب مجلس تشريعى منتخب ووسط ضوضاء السياسة وانشغال الناس، وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بمشروع قانون يحصن العقود التى تبرمها الحكومة مع أى مستثمر من الطعن القضائى، ويمنع مشروع القانون المواطنين من الطعن فى العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين. من دافعوا عن القانون يقولون إنها خطوة تدعم اقتصاد البلاد المتعثر ويعبر عن رغبة الدولة فى استعادة الثقة فى تعاقداتها وإرسال رسالة طمأنة للمستثمرين والممولين وغيرهم من الراغبين فى التعاقد مع الدولة، خاصة أن هناك كثيرا من الاستثمارات خاصة الاستثمارات العربية التى تربط دخولها لمصر بوجود إطار قانونى يحمى مصالحها طبقا لتصريحات منسوبة لمصدر مسؤول فى وزارة الاستثمار.

القانون الجديد الذى وافق عليه مجلس الوزراء يمنع أى طرف ثالث من الطعن فى العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، بعد أن صدرت عدة أحكام قضائية خلال السنوات الماضية ببطلان عقود تخصيص أراضٍ للمستثمرين وخصخصة شركات عامة، بعد ثبوت وقائع فساد وسوء تقدير للقيمة الحقيقية لهذه الشركات والأراضى، أغلب الإدانات التى صدرت عن القضاء المصرى كانت تدين تسهيلات تخالف القانون حصل عليها هؤلاء المستثمرون من مسئولين فى الحكومات السابقة. المدافعون عن القانون الجديد يقولون ليس من المفترض أن يدفع المستثمرون ثمن أخطاء الحكومات ويتساءلون: كيف يأمن المستثمر إذن على ضخ استثمارات فى دولة لا تحميه ولا تحصن أمواله؟ وعبر المستشار محمد عطية النائب الأول الأسبق لرئيس مجلس الدولة عن رفضه لهذا التشريع قائلا فى تصريحات صحفية منشورة «إن هذا التشريع مشبوه بعدم الدستورية» لأن الدستور يعتبر الحكومة تدير أملاك الشعب ولا تملكها، ولا يجوز لها تحصين تصرفاتها من الرقابة القضائية.

لكى يدرك القارئ خطورة هذا التعديل عليه أن يتذكر صفقات تورطت فيها الحكومات السابقة مثل صفقة بيع عمر أفندى الشهيرة وبيع شركات مصرية مثل المراجل البخارية وغيرها وأراضى شاسعة مثل مشروع مدينتى، وغيرها من العقود التى حكم القضاء المصرى بفسخ كثير منها بسبب ما حدث فيها من إهدار للمال العام وتبديد موارد الدولة التى يمتلكها الشعب.

عقود النظافة المجحفة التى أبرمتها حكومة أحمد نظيف مع شركات أجنبية ما زالت مصر تعانى منها حتى الآن رغم سقوط نظام مبارك وما زالت شوارعنا ممتلئة بأكوام القمامة، ولا نستطيع فسخ هذه العقود بسبب شروطها الجزائية الخرافية ومع صراخنا من عقود مثل هذه العقود يأتى مثل هذا القانون ليرسخ تضييع حق الشعب فى مساءلة حكومته وسلطته التنفيذية التى يدفع رواتبها من ضرائبه كى تدير شؤونه وممتلكاته وإذا أساءت التصرف وبددت حقوق الناس فإن الحصانة التى أقرتها لعقودها تمنع القضاء من التدخل.

من سيقولون إن هناك برلمانا سيراقب بعد ذلك وهو كاف لتحقيق الشفافية يتغافلون عن خطورة مبدأ التحصين لقرارات إدارية وعقود تجارية، ومنع القضاء من ممارسة دوره الطبيعى فى تصحيح أى خطأ وحماية ممتلكات المصريين ومواردهم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة