لا يمكن أن يتغافل أحد عن حالة الانفجار الإعلامى السلبى التى تمر بها مصر مع التردى الشديد فى المضمون والمحتوى والرسالة النهائية التى تصل للمواطن، رغم أن الإعلام هو أحد الروافد الرئيسية فى تشكيل وعى الناس وبناء الرأى العام، إلا أن هذه المسؤولية لم تجد من يقدرها حق قدرها.
لا نتحدث عن الانفلات الفضائى الذى جعل بإمكانية فرد أو فردين عمل بث فضائى وإدارة قناة من داخل غرفة منزلية بلا أى ضوابط ولا رقيب وقد جاء تحرك الدولة لمواجهة هذه الفوضى متأخرا لكنه محمود على كل حال.
نحن نتحدث عن المحتوى الإعلامى الذى تقدمه كثير من البرامج والصحف فى تغطياتها، إذا تأملت الشهور القليلة الماضية ستجد كأن بحرا من الصحافة الصفراء قد تسلل لكل الصحف والفضائيات بما فيها الصحف الجادة لتغرق كل هذه الوسائل فى مناقشة موضوعات تافهة وسطحية لا تمت للأولويات الوطنية بصلة، حيث وجدنا خلال الشهور الأخيرة تركيزا على إبراز حوادث من نوعيات نادرة ومثيرة للجدل ومناقشة موضوعات لا يمكن أن تراها فى أى وسائل إعلامية موضوعية، وإذا انتقد البعض هذا التدنى أسرع المبررون يقولون: «إن «الجمهور عايز كدا».
مذيعات ومذيعون أصبحت لهم مساحات للظهور الإعلامى ومخاطبة الرأى العام وبعضهم اعتقد أن برنامجه أو برنامجها هو مصطبة عائلية يفعل بها ما يشاء وينصب نفسه عالما وواعظا ومهددا للناس، ابحث على موقع اليوتيوب على فيديوهات غرائب الإعلام المصرى ستجد الكثير مما نتحدث عنه لتدرك حالة السقوط غير المسبوق فى تاريخ الإعلام المصرى الذى كان مدرسة للمهنية.
من الذى يجب أن يتحمل المسؤولية تجاه ذلك؟ الدولة أم ملاك القنوات والصحف أم الإعلاميون أنفسهم؟ أم المشاهد الذى قد يقابل ما يصدمه ببعض الامتعاض والاستغراب ثم لا يفعل شيئا لتغيير هذا الواقع الذى يحاصره من كل مكان ويؤثر بلا شك على عائلته؟
نحن نحتاج إلى تأسيس جماعات ضغط مجتمعية تعنى بمهنية الإعلام وأخلاقياته ومضمونه ولا يعنى هذا بالضرورة الانتقاص من حرية الإعلام فالفارق بين الحرية والمسؤولية فرق شاسع، لماذا لا يتأسس مرصد إعلامى مستقل يرصد ما تقدمه وسائل الإعلام بلا تحيز سياسى ولا فكرى وإنما من منطلق مهنى بحت يصدر تقريرا شهريا عن الأداء المهنى لكل الوسائل ومع الوقت ستتكون شخصية اعتبارية لهذا المرصد من الممكن ربط تقاريره بجذب المعلنين وفرص هذه الوسائل فى الترقى المادى والانتشار الأوسع؟
هذا الدور المستقل لن يلغى ما تقوم به الجهات التابعة للدولة كالمجلس الاعلى للصحافة وغيره ولكنه دور مكمل يستخدم الرقابة الشعبية لرفع مهنية الإعلام وتنقية الفضاء الإعلامى من الظواهر المرضية التى لحقت به.
شيوخ الصحافة وحكماؤها مدعوون للتفكير فى هذه المبادرة التى أعتقد أنها ستجد تأييدا شعبيا كبيرا بسبب ما يشعر به الكثيرون من خطورة ما يحدث فى الإعلام المصرى حاليا، بما يهدد مستقبل الوعى العام ومضمون الرسالة الإعلامية وتقاليد المهنة.
من سيأخذون المبادرة سيكتب لهم التاريخ أنهم تحركوا لعلاج ظاهرة تفاقمها سيضر الأجيال القادمة ويضر المهنة نفسا، فهل من مبادر؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
مثل ما تفعله حضرتك تماماً
تخريب مصر من أجل مصالح شخصية ضيقة وعقول متحجرة
عدد الردود 0
بواسطة:
colombo
عندك حق ..حاجة زفت قوى ياكبير ههههه
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
ايناس محمد
الاعلام فى خطر
عدد الردود 0
بواسطة:
ام مصريه
لاول مره اجد مقال به حلول لازمة الاعلام فى مصر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
انور عبد الظاهر
عندك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
هبه فاروق
مقال رائع ومبادره جيده
عدد الردود 0
بواسطة:
اسم الله عليك
ايه الحلاوة دى
عدد الردود 0
بواسطة:
منى أحمد
هام جدا ً
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت بلال
مقال فى الصميم
مبادره نافعه يا دكتور مصطفى ادعو الله ان تتحقق
عدد الردود 0
بواسطة:
ali
الجزيره
اسال السؤال ده لقناه الجزيره