يأتى شهر رمضان كل عام ويتسارع الناس لفعل الخير وبذل كل ما يستطيعون تقربا لوجه الله وابتغاء مرضاته، بجوار زكاة الفطر التى يؤديها المسلمون قبل عيد الفطر يقبل الناس على التبرع ومساعدة الفقراء بشكل فردى يتنوع ما بين توفير شنط رمضان وشراء ملابس العيد للفقراء وما يشبه ذلك من البر الفردى وهذا أمر محمود.
إجمالى المبالغ التى ينفقها المصريون فى أعمال الخير فى رمضان قد يتجاوز سنويا مليارى جنيه طبقا لبعض الإحصائيات التقريبية السابقة وقد يزيد عن ذلك، مشكلة البر الفردى أنه مثل المسكن المؤقت الذى يسعد الفقراء ولكنه لا يحل مشاكلهم ولا يغير واقعهم المرير الذى يزداد سوءا يوما بعد يوم، لذلك يجب أن نفكر بشكل جديد فى الاستفادة من إقبال الناس على فعل الخير فى رمضان لتحقيق طفرات نوعية فى التنمية ورفع المعاناة عن الفقراء.
عدم وجود خريطة لأولويات التنمية فى مصر يهدر كثيرا من الجهود المبذولة لتحسين ظروف الحياة، لذلك علينا أن نبدأ بعمل خريطة قومية للتنمية فى مصر ولنبدأ من المناطق الأكثر فقرا ومعاناة وخاصة صعيد مصر لترسم هذه الخريطة سلم الأولويات التى يحتاجها الناس سواء مرافق أساسية وبنية تحتية ثم إيجاد فرص عمل لسكان هذه المناطق عبر إقامة مشاريع إنتاجية جديدة تستوعب كل ضحايا البطالة الذين يهجرون مدنهم للعاصمة.
تخيل أننا سنضع خريطة للتنمية لمدة عشر سنوات وكل شهر رمضان يمر يتم تجميع أموال البر وتخصيصها لتنمية مدينة بعد مدينة، لا نمنع الناس من البر الفردى ولكن نوجههم إلى أن ثواب المشاركة فى خريطة التنمية هو مثل الصدقة الجارية التى سيظل أثرها نافعا للناس مدى الحياة وأن هؤلاء الفقراء الذين يحزنون من معاناتهم ستتغير حياتهم جذريا وليس جزئيا.
مشروع البر الجماعى وتنفيذ خريطة التنمية يحتاج إلى متخصصين فى مجال التنمية بكل فروعها، وهؤلاء موجودون فى كثير من مؤسسات المجتمع المدنى بمصر، لذلك يمكننا بناء شراكة جادة بين الحكومة وهذه المؤسسات التى تصل ميزانية بعضها إلى مليارات الجنيهات من حصيلة التبرعات بحيث يحدث اصطفاف كامل من المؤسسات والأفراد والجهات الحكومية لتنفيذ هذا المشروع ليصبح كل شهر رمضان يمر علينا هو إعلان عن النجاح من الانتهاء من تنمية مدينة ما وبناء مرافقها وبنيتها التحتية وفتح مشاريع إنتاجية بها تكفل أهلها، تخيل أن كل النازحين من قراهم ومحافظاتهم سيعودون مرة أخرى لأماكنهم بعد أن يجدوا فيها فرصة للقمة العيش، تخيل حماس المصريين وهم يرون أموالهم وصدقاتهم فى رمضان قد غيرت وجه الحياة فى مصر عاما بعد عام.
قد يجد البعض فى هذا الكلام أضغاث أحلام وأمانى غير قابلة للتحقيق لكن الحقيقة أن النجاح يبدأ من الحلم، وتحقيق الحلم يصبح أسهل إذا كنا نمتلك موارد تحقيقه ونحن نمتلكها بالفعل لكن ينقصنا تنسيق الجهود وتوحيد مسارات البناء لأن العمل الجماعى الذى تحتشد فيه الجهود هو الذى يحقق النجاحات والإنجازات الكبرى.
أولى الخطوات هو مؤتمر يجمع كل هؤلاء المتخصصين وترعاه الحكومة وينتهى بوضع خريطة التنمية المرجوة وتوزيع الأدوار مع تلافى البيروقراطية والروتين الحكومى لبدء انطلاقة مخلصة ومنهجية قد يتغير بها وجه الوطن ويرتاح بها فقراؤه، فمن يبادر ويتبنى ويلبى النداء؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايوب مصر
فى رمضان نبنى الوطن
عدد الردود 0
بواسطة:
صوت الحق
كل سنه وانت طيب ياكببببببييييير
ياكببببببببييييير قوى اسكت
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشمري .. السعودية
ربنا فوق
ربنا يحمي الأوطان منك و من أمثالك ...
عدد الردود 0
بواسطة:
هاله احمد
مقال جميل
الله غليك يا دكتور ربنا يكرمك على المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
على سامى
دومت بخير يا دكتور مصطفى وكل عام وانت بخير
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن صالح
كل مقالاتك رائعه يا مصطفى
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
عزه حسين
كل عام وانت بخير دكتور مصطفى
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب محمود
شكرًا مصطفى، أتمنى ان يسمع صوتك
بدون