د. مصطفى النجار

الخلافة الوهمية والحكام الداعشيون

الثلاثاء، 15 يوليو 2014 07:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تداولت وكالات الأنباء خبرًا عن اعتزام جبهة النصرة بسوريا إعلان خلافة الشام لتكون موازية لخلافة داعش، ثم صدر بيان توضيحى من الجبهة حول الموضوع جاء فيه (إنَّ مشروع جبهة النصرة من أول يوم أُسست فيه هو إعادة سلطان الله إلى أرضه وتحكيم شريعته، إننا نسعى لإقامة إمارة إسلامية وفق السُنن الشرعية المعتبرة ولم نعلن عن إقامتها بعد، وفى اليوم الذى يوافقنا فيه المجاهدون الصادقون والعلماء الربانيون سنعلن عنها بإذن الله، إننا نسعى لتحكيم الشريعة من خلال إقامة دور للقضاء ومراكز حفظ الأمن وتقديم الخدمات العامة للمسلمين فى غضون عشرة أيام بديلا عن الهيئات الشرعية السابقة ولن نسمح لأحد أن يقطف ثمار الجهاد ويقيم مشاريع علمانية أو غيرها من المشاريع التى تقام على دماء وتضحيات المجاهدين، لن تتهاون جبهة النصرة مع المجموعات المفسدة فى المناطق المحررة بالاتفاق مع الفصائل الصادقة، رص الصفوف ضد الأخطار التى تهدد الساحة سواء من قبل النظام النصيرى أو جماعة الخوارج الغلاة).
تستمر الملهاة العبثية فى بلادنا العربية بين متطرفين لا يفهمون حقيقة الدين ويريدون منا اتباعهم وبين حكام فاشلين قادوا شعوبهم للجحيم وأعطوا الفرصة لظهور هؤلاء التكفيريين والترويج لمشاريعهم المناهضة للتسامح والمخالفة لروح الإسلام، إذا تأملنا المشهد السورى والعراقى نجد أنفسنا أمام أنظمة طائفية قمعية حاربت شعوبها وزرعت بينهم الكراهية والشقاق ولم تستطع أن تجرى إصلاحات تستوعب بها سنة الحياة فى ضرورة التغيير، الثمن الذى تدفعه شعوبنا العربية بسبب غباء حكامها ثمن باهظ أوصلها لخطر التقسيم وانفراط عقد الدولة، هل كان من الممكن أن يصعد خطاب داعش أو أخواتها فى سوريا إلا بسبب المناخ الاستبدادى والقمعى الذى صنعه هؤلاء الحكام الفشلة، لماذا تمرد هؤلاء الشباب الذين انقادوا لأفكار التكفيريين على مجتمعاتهم وارتضوا الانخراط فى منظومة لا تعرف إلا القتل وسفك الدماء لكل من اختلف معهم.
أوهام داعش الهزلية فى إقامة دولة الخلافة الإسلامية عززها طائفية نظام (المالكى) فى العراق واستباحته للعراقيين السنة وتبعيته للنظام الإيرانى وانتهاكه لحقوق الإنسان الذى جعل كثيرا من العشائر السنية تصطف مع داعش لمجرد الثأر من النظام الطائفى الذى استباح أرضها وقتل أبناءها.
نموذج داعش وأخواتها قابل للتكرار فى كل بلد عربى وإسلامى ينتج نفس المناخ الذى أفرز داعش، ثورات الربيع العربى كانت رسالة لحكام المنطقة بأن الديمقراطية لا تحتمل التأجيل وأنها صمام الأمان لاستقرار أى دولة ولكن لم تفهم هذه الأنظمة الرسالة خاصة بعد تعثر التجارب الثورية نظرًا لعوامل كثيرة نهشت فيها لتفرغها من مضمونها وتستبدلها بأشكال جديدة للأنظمة لا تحقق مضمون الديمقراطية وتعتقد أن القمع وخنق الحريات هو الوسيلة المثلى لحكم الشعوب.
لم تكن داعش لتظهر فى بلاد تمارس الديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان والتعددية، لذلك فالخوف من المستقبل أن يحمل لنا تجارب داعشية جديدة قد تختلف فى الشكل والممارسات لكنها تتفق فى تكفير المخالف واستحلال دمائه مع احتكار فهم الدين وخلق المظلومية.. الديموقراطية وحدها هى أساس الحفاظ على تماسك أى دولة وعدم انفراط عقدها، الذين حولوا المطالبة بالديمقراطية إلى مؤامرة يحاربون دعاتها هم أنفسهم الذين يفتحون الطريق لدواعش جديدة، تجارب التاريخ تقول إنك إذا قمعت من يطالب بالإصلاح فستواجه غدًا من يعمل على الهدم.. فهل نعى الدرس؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة