تونس وقرض صندوق النقد..بين إجراءات الإصلاح الاقتصادى المؤلمة..وتحديات الواقع

الخميس، 06 أكتوبر 2016 03:03 م
تونس وقرض صندوق النقد..بين إجراءات الإصلاح الاقتصادى المؤلمة..وتحديات الواقع تونس و صندوق النقد الدولى
/أ ش أ/

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلن صندوق النقد الدولى فى شهر مايو من العام الماضى 2015، تعليق جميع مساعداته المالية لتونس لحين استكمال حزمة إصلاحات اقتصادية، ومالية هيكلية كان قد تم الاتفاق عليها فى العام 2013 مع إعطاء مهلة للحكومة التونسية مدتها سبعة أشهر تبدأ فيها تطبيق الإجراءات، والاشتراطات التى طلبها الصندوق المتعلقة بإصلاح القطاع المصرفي، والمالي.
 
وقبيل اجتماعات الخريف للصندوق التى تبدأ غدا بواشنطن يبدو الموقف مختلفا إذ تشارك تونس هذه المرة، وقد قطعت شوطا لا بأس به من الإصلاحات التى طلبها الصندوق، بل تحضر الاجتماعات وقد وقعت فى شهر أبريل الماضى على اتفاق قرض جديد أكبر مع الصندوق بقيمة نحو 2.9 مليار دولار شريطة تطبيق برنامج أوسع للإصلاح الاقتصادي، وحصلت على الدفعة الأولى منه بقيمة 320 مليون دولار.
 
وبين الأمس واليوم تطرح تساؤلات حول قدرة تونس على استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى الحتمي، وفق المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وبين سيناريو 2015 عندما أوقف الصندوق برنامج المساعدات لتونس الذى كانت قد وقعته فى 2013 بقيمة 1.74مليار دولار كانت قد حصلت منه على 1.15 مليار دولار بعد مرور عامين من توقيع الاتفاق لعدم التزامها بتنفيذ ما اتفقت عليه مع الصندوق.
 
أوقف صندوق النقد الدولى منح تونس بقية أقساط القرض حتى تقوم السلطات التونسية بتنفيذ التزاماتها فيما يخص القطاع المصرفي، وكذلك الإصلاحات المالية التى سوف تساعد على التقليل من نقاط الضعف التى يعانى منها الاقتصاد، وتحفز البلاد على تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولا.
 
وكانت تونس قد وقعت اتفاقا مع صندوق النقد الدولى فى يونيو 2013 يقضى باقتراضها مبلغ 1.74 مليار دولار ، مع التزامها بتنفيذ سياسات إصلاحية مالية ومصرفية، لكن أثناء عمليات المراجعة التى جرت فى مطلع العام 2015 وجد الصندوق قصورا فى تنفيذ برنامج الإصلاح وكانت وقتها قد حصلت على 1.15 مليار دولار من إجمالى القرض الذى أوقف آخر قسطين منه من جانب الصندوق.
 
ووقعت تونس اتفاقا جديدا مع صندوق النقد الدولى فى شهر مايو 2016 بقيمة أكبر وصلت إلى 2.88 مليار دولار (حصلت بالفعل على الدفعة الأولى منها بواقع 319.5 مليون دولار) عند التوقيع على الاتفاق الذى اشترط إصلاحات اقتصادية، ومالية وهيكلية أوسع، وذكر الصندوق فى بيان وقتها أن القرض سيكون على تسع دفعات، قيمة كل منها نحو 320 مليون دولار، وإن صرف الدفعات الثمانية الباقية سيتم على أربع سنوات بواقع دفعتين سنويا لكن هذا الصرف سيكون مشروطا بتنفيذ برنامج "لدعم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية" فى البلاد. 
 
وقامت الحكومة التونسية منذ التوقيع على الاتفاق الجديد مع صندوق النقد ببعض الإصلاحات الجدية المتفق بشأنها المتمثلة فى المصادقة على قانون المصارف، وقانون الاستثمار بالإضافة إلى اعتماد مرونة أكبر فى مستوى سعر الصرف أدى إلى خفض قيمة الدينار التونسى بنسبة 10%، نجدها اليوم تواجه صعوبة فى تنفيذ بعض الإصلاحات الأخرى على غرار التحكم فى بند الأجور.
 
وجاء إعلان رئيس الوزراء التونسى يوسف الشاهد عن اتجاه الحكومة تأجيل زيادات الرواتب الوظيفية حتى العام 2019 (13.3 مليار دينار بند الأجور فى الموازنة) ليدفع الاتحاد العام التونسى للشغل والذى يضم النقابات العمالية فى البلاد إلى إصدار بيانين شديدى اللهجة فى أسبوع واحد، سبق بهما توجه الحكومة إلى واشنطن لحضور اجتماعات الصندوق لخريف 2016، حذر فيهما الحكومة من خطوة تأجيل أو حتى تأخير الزيادات فى الرواتب.
 
واعتبر الاتحاد هذا التوجه من الحكومة تنصلا من الاتفاقات التى وقعتها مع الاتحاد خاصة وثيقة قرطاج وضربا لمصداقية التفاوض وتهديدا للاستقرار الاجتماعي، مطالبا الحكومة بالبحث عن حلول أخرى لمعالجة عجز الموازنة الذى تضاعف إلى 6.5 مليار دينار منها محاربة التهرب الضريبي، والفساد.
 
ويرى محللون اقتصاديون فى تونس أن الإصلاحات الاقتصادية التى يطلبها صندوق النقد الدولى والتى تتمحور فى ثلاث أولويات رئيسة هى تحسين موارد الدولة وإصلاح القطاع البنكي، وتحسين مناخ الأعمال بما يشمله ذلك من التوسع فى فرض الضرائب وزيادة الأعباء الضريبية بنحو 50% فى بعض الأحيان وزيادة أسعار الكهرباء، والخدمات، وترشيد الإنفاق العام وغيرها، جميعها إجراءات غير سهلة التحقق بالكامل وتبدو مؤلمة فى ظل الظروف الاستثنائية التى تشهدها تونس خاصة أن أغلبها يركز على الجوانب المالية، والاقتصادية على حساب البعد الاجتماعي، وزيادة قاعدة الطبقات الفقيرة، والمهمشة فى البلاد
 
وبين المحللون أن الإجراءات التى تعتزم الحكومة اتخاذها من زيادة الضرائب ورفع الأسعار وتقليل الإنفاق الحكومى لمعالجة خلل الموازنة وما سيقابله من مقترح وقف زيادة الأجور سيجعل أثر تلك الإجراءات مضاعف على الشارع التونسي، ما يجعل على الحكومة التونسية الإسراع فى تنفيذ برنامج شامل لجذب الاستثمارات لمواجهة ذلك.
 
ووسط هذه الأجواء تتطلع الحكومة التونسية إلى الحصول على حصة إضافية من صندوق النقد الدولى قبل نهاية السنة الحالية لتمويل ميزانية الدولة بعد أن تحصلت على قسط أول بقيمة 319.5 مليون دولار فى شهر مايو الماضي، ومن المتوقع أن يكون هذا هو الموضوع الرئيس لمشاركة الوفد التونسى فى اجتماعات الصندوق بجانب طلب دعم الصندوق فى الترويج للمنتدى الاستثمارى الدولى الذى تعقده تونس نهاية شهر نوفمبر المقبل، وتأمل فى تسويق مشروعات استثمارية بقيمة 15 مليار دولار من خلاله.
 
اجتماعات صندوق النقد الدولى التى تبدأ غدا الجمعة سبقها إعلان الصندوق لتوقعاته بشأن النمو فى تونس والتى خفض فيها توقعاته للنمو إلى 1.5 فى المائة بنهاية هذا العام لكنه ترك نظره إيجابية للاقتصاد التونسى للعام 2017، حيث رفع فيها توقعاته للنمو فى العام المقبل إلى 2.8 %.
 
وقد قال نائب مدير الشؤون المالية العامة فى صندوق النقد الدولى عبد الحق الصنهاجي، فى مؤتمر صحفى عقده أمس،" إنه لا وجود لحل سحرى بالنسبة لسياسة الميزانية فى تونس، التى تعانى من نسبة دين مرتفعة، وفى ذات الوقت من مشاكل فى القطاع المالى الذى يتطلب تدخل الدولة".
 
وأضاف المسئول فى صندوق النقد إن البرنامج الذى شرعت تونس فى تنفيذه مع الصندوق بداية من شهر أبريل الماضى يقضى بالحد من النفقات العمومية، والعمل على التحكم فى كتلة الأجور التى تعد مرتفعة مقارنة بالمستويات المسجلة فى الدول المشابهة.
 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة