الأبحاث الحديثة المتقدمة بينت أن التأريض، وهو تلامس الإنسان مع الأرض، نعمة لم نكن نعرف أسرارها مطلقا إلا مؤخرا، وأن الجلوس أو النوم على الأرض، والأفضل الطين، يحسن المزاج حتى لو كان ساعة واحدة . أغلب أوضاعنا طيلة حياتنا الحالية تجعلنا معزولين عن الأرض بمواد غير موصلة مثل المطاط والبلاستيك والأحذية والخشب والبلاستيك والصفيح والأسفلت وأسطح الأرضيات .
عندما نصبح على اتصال مباشر مع سطح الأرض عن طريق الجلوس على الأرض أو النوم، أو الوقوف حفاة تتخلص أجسامنا من الشحنات الضارة إلى الأرض، مما يجعلنا نشعر بأننا أفضل ويرفع مناعتنا، وكأننا نوصل كابلا نعيد بواسطته الاتصال بالأرض الأم لنتخلص من شحنات ضارة تخترق أجسام البشر حاليا كل يوم . التأريض يفسر لنا كيف كانت مناعة الأجداد أفضل من الأحفاد، ويفسر لنا قلة السرطانات فى القبائل البدوية، وكيف أن أغلب الزعماء والعباقرة من لوبى التأريض .
انتشرت عادة الجلوس على الكراسى فى القرن السادس عشر الميلادى، وكانت الكراسى تستخدم فى المقام الأول من قبل الشخصيات الكبيرة، وسرعان ما أصبحت رمزا للثراء والمكانة الاجتماعية.الهواية المفضلة لملايين من البشر حاليا هى الجلوس، يجلسون أغلب حياتهم، أوقات الفراع، وعند مشاهدة التليفزيون، ومتابعة الشبكة العنقودية، ومقابلة الأصدقاء، والمذاكرة، والعمل والانتظار وخلال التنقل والسفر . لقد استسلم البشر لعادة الجلوس، وأدمنوها، وحتى لو أرادوا تحية الضيوف جلبوا لهم الكراسى !
يا للهول، تبين الأبحاث الحديثة أن أغلب أمراض العصر توجد حاليا فى من سقطوا من قبل فى وباء إدمان الكراسى، وأن الاستغراق فى الجلوس كثيرا ضار جدا بصحة الجالسين كما لو كانوا يدخنون السجائر. عشرة دراسات حديثة عن وباء الجلوس، منها تسعة سنة 2017، وأحدها سينشر فى نوفمبر 2017 تبين لنا أن الجلوس لفترات طويلة مدمر للصحة ويماثل تدخين السجائر، وحتما قريبا سيكتب على المقعد هذا يدمر صحتك .
هناك معدل وفيات أعلى بكثير عند الذين يجلسون على الكراسى لفترات طويلة،و ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تقلل المخاطر لكن لا تلغيها . تشمل أسباب الوفيات : أمراض القلب والسمنة والسكر من النوع الثانى، والسرطان، وتحديدا سرطان الثدى والرحم، والقولون والمستقيم والرئة . يمكن أن يسبب الجلوس لفترات طويلة مشاكل صحية خاصة للعضلات والعظام . يزيد الجلوس من أخطار 16 مرضا مثل مرض السكر، وأمراض القلب وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم، والحساسية وقلة المناعة، وضمور العضلات، وانخفاض مرونة الأوعية الدموية والليمفاوية، وانخفاض التغدية الدموية للساقين، وزيادة معدلات الإصابة بالسرطان، وتراكم الدهون، والسمنة، والشيخوخة المبكرة، وتشوهات العمود الفقرى حتى عند الطلبة .
آلام أسفل الظهر مشكلة رئيسية للعاملين فى المكاتب بسبب الجلوس لفترات طويلة . كما يزيد السلوك الساكن بالجلوس أو الاستلقاء لفترات طويلة من ارتفاع خطر صعوبة واضطرابات النوم .
كثيرون وصلوا لأعلى المناصب وتفوقوا علميا ومهنيا وكانوا وما زالوا من رواد الاستذكار والكتابة والاطلاع على الطبلية . تبين أن الطبلية أفضل صحيا بكثير من المائدة والمكتب . كانت الأسرة المصرية تجلس كثيرا على الأرض حتى فى المدن، وتعودنا أن نلتف جالسين القرفصاء حول الطبلية عند تناول الطعام، والفراعنة والأجداد كانوا يجيدون جلسة القرفصاء، التى أصبحت رياضة حاليا .و بمرور الزمن أصبحت الطبلية رمزا تلتم العائلة المصرية حوله . مازال اليابانيون يحتفظون بالطبليات، وهناك مطاعم تتميز بوجود الطبلية، وتجد غرفة الطعام هناك غاية فى البساطة، تحتوى على طبلية بسيطة مع دولاب بسيط بدون شغل مساحات كبيرة ولا أثاث غالى الثمن . من طقوس الجلوس على الطبلية، أن يخلع اليابانيون الأحذية التى تتلوث وتتسخ بأرضيات الطرق والشوارع وأحيانا الجوارب، وهناك من يخالف ذلك يرتكب جرما فظيعا .
يتمتع المصلون أيضا بالجلوس على الأرض، وبالطبع يخلع المصلون الأحذية قبل الدخول للمساجد، وهذا يساهم فى ترسيخ قيم التعبد والنظافة والإجلال والتوقير. العلم الحديث يجعلنا نحرص على خلع الأحذية قبل دخول منازلنا وغرف العمليات الجراحية، ونخلع الأحذية قبل الجلوس القرفصاء.
دخول المنزل بالأحذية يزيد من الحساسية، والأحذية وراء أغلب القاذورات فى المنازل الحديثة، وأحيانا أسفل الحذاء أقذر كثيرا من المراحيض . جلسة الكاتب المصرى حضارية، وهذه الجلسة أصبحت من جلسات اليوجا الشهيرة التى تكسب الإسترخاء والتركيز ،و تقوى من قوة ومرونة العضلات الهيكلية، وتفيد فى الهضم، وتزيد من تدفق الدورة الدموية للأمعاء .
تبين أن ممارسة تمارين القرفصاء يومياً تفيد فى تعزيز بناء عضلات الجسم وزيادة الكتلة العضلية،و حرق الدهون فى النصف الأسفل من الجسم، كما تبين عالميا ولادات القرويات أكثر يسراً وأقل فى المضاعفات من ولادات نساء المدن لمهاراتهن فى الجلوس القرفصاء .
تشمل نصائح الوقاية من وباء إدمان الجلوس على الكراسى : الإكثار من النوم أو الجلوس على الأرض قدر المستطاع ويا حبذا فى الأماكن المفتوحة خاصة الحدائق والحقول وبجوار المجارى المائية، وتقليل وقت الجلوس خاصة فى أماكن العمل، وممارسة الرياضة قبل وبعد الجلوس على الكراسى، والإكثار من الوقوف الذى يمثل بديلا فعالا عند تعذر ممارسة الرياضة، ولتتحرك عندما تستقبل أى مكالمة تليفونية، وتمتع بالصعود على السلالم ولا تستخدم الأسانسير إلا نادرا.
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو الفتح
اين اتغيير من هذا الجمال ؟
ماهذا الجمال ؟ اكرمك الله وحفظك وزادك الذي كرم العلم واهله لهذا قالوا ان كل تقدم تغيير ةليس كل تغيير تقدم فاين الناس اليوم من هذه المعاني ربنا يكرمك
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور-مجدى-بدران
مقال ممتاز
مقال ممتاز وذو قيمة ومنفعة ونريد المزيد والمزيد