ذهب الفنان محمود شكوكو إلى المستشفى لزيارة قريب له، فعرض عليه قريبه إجراء تحاليل وأشعة للاطمئنان على صحته، وبإجرائها وجد نفسه محاصرا داخل المستشفى بالأدوية والعلاج، نحو ثلاثة أسابيع ثم شاء القدر أن يرحل وهو فى المستشفى يوم «21 فبراير» فى مثل هذا اليوم 1985. «الوفد 13 أغسطس 2016».
كان الرحيل ختاما لحياة فنان ولد فى 1 مايو 1912 بحى الجمالية بالقاهرة، وحظى بمكانة خاصة فى قلوب المصريين، منذ أن استجاب لنداهة الفن، ولم ينفع معه عقاب الأب الذى أراد له مواصلة مهنة النجارة التى تتوارثها العائلة. هو كما تقول سناء البيسى فى سيرة الحبايب «دار الشروق - القاهرة»: «رائد فن المونولوج ومبتكر مسرح العرائس، عرفته مصر كلها وبلاد العرب كفنان شعبى أصيل خرج من أعماق الحارة المصرية ليحقق نجاحا جماهيريا لم يسبق له مثيل، وآية ذلك أنه كان الفنان الوحيد الذى صنعت له تماثيل كانت تباع فى مكان بقزازة أيام كان الزجاج عزيزا بعد الحرب العالمية الثانية 1939-1945».
و«هو النموذج الأمثل لنجم السينما الذى صنعه جمهور ما بعد الحرب العالمية الثانية»، طبقا للناقد والمؤرخ الفنى «أشرف غريب» فى مجلة الكواكب «العدد 2065 -22 فبراير 2010» مضيفا: «كانت الطبقات الشعبية هى الفئة السائدة فى جمهور السينما بحكم تمركز القدرة الشرائية فى أيديهم، بفعل التغيرات التى أحدثتها الحرب على المستويين الاجتماعى والاقتصادى قبل السياسى، وكان طبيعيا أن يبحث جمهور الطبقة الشعبية عمن يمثلهم تمثيلا حقيقيا على شاشة السينما، كانوا يريدون بطلا شعبيا حقيقيا ليس فى طيبة وسلبية إسماعيل ياسين، أو سذاجة حسن فايق وسعيد أبو بكر، كما أنه ليس بالضرورة أن يكوم معلما كعبد الفتاح القصرى أو حتى زكى رستم، كانوا يريدون بطلا بسيطا مثلهم يتسم بالرجولة والشهامة والجدعنة والفهلوة إذا لزم الأمر، يريدون بطلا من الممكن أن يكون مكوجيا أو أسطى نجار مثلا، فهل هناك من هو أنسب من محمود شكوكو لهذه المهمة بكل ما تسبقه من خبرة حياتية وشهرة فائقة حققها فى عالم المونولوج».
يقودنا رأى «غريب» إلى الاعتقاد بأنه لو لم يكون هناك «شكوكو» كفنان فى حياتنا لاخترعناه، فالظرف التاريخى أهداه إلى السينما المصرية ليقدم فيها أكثر من 160 فيلما، كما أهداه للتفرد فى مجاله، فعبر نحو 400 مونولوج سخر من كل شىء بالرغم من أنه بدأ دون أن يعرف القراءة والكتابة حتى تعلمها فيما بعد: «زهقت من لعل وطهقت من عسى /ودموعى تملى حلة من الصبح للمسا/معلشى يا عنية لعل وعسى/ياقلبى اصبر شوية لعل وعسى»، وتوسله لليلى مراد فى أوبريت «كلام جميل»: «من ناحية قلبى ونار قلبى باتحبب موت/ وحبيبى لوجه يوم عندى حرقع ميت صوت»، «وتعجبه من انهيار الجنيه: قول يا شكوكو.. قول/ الحلو اللى اسمه الجنيه/ ليه قلت قيمته ليه؟/ وخصوصا لو فكوه»، وتذكر: «البيسى أن ظاهرة صنع التماثيل له أثارت غضب المفكر والكاتب عباس العقاد فهاجم صانعيها، معتبرا أن صنيعهم دليل على التأخر، وقرأ أحد أصدقاء شكوكو ما سطره العقاد فقال لائما: «أسأل العقاد سؤالا واحدا مباشرا: هل تستطيع قريحته الفذة أن تخلق بيتا كهذا، ثم أنشد: «بصيت فى قلب الحبيب من تحت عقب الباب/ لقيت حداشر نفر شرطا كلهم عذاب».
تبقى قصته مع البرنسيسة عائشة هانم فهمى، صاحبة القصر المعروف باسمها فى حى الزمالك من أهم دراما حياته، ومما هو شائع أن قصة حب جمعتهما وتزوجا، وكانت هى طليقة الفنان يوسف وهبى الذى حرض عليه القصر والعائلات الارستقراطية، بحجة أن زواجها منه وهو الصعلوك طعنة لبنات الأسر الارستقراطية والعائلة المالكة، فوقع الطلاق بعد تدخل أصدقائه وحيد ومحمود فريد، وأبو السعود الإبيارى، وأحمد عزت مدير الشهر العقارى زوج زوزو شكيب، وسعيد مجاهد ونجيب خورى «محمود شكوكو.. شارل شابلن العرب- الكواكب 20 نوفمبر 2016»، غير أن ابنه «سلطان» يذكر لسناء البيسى: «لم تكن بينهما علاقة وإنما كانت تحب فنه فقط، وتذهب لمسرح بديعة مصابنى لمشاهدته على المسرح، وتوددت إليه لكنه لم يستجب إليها، وتعجبت من هذا الذى أرادت التودد إليه وأخذ يقنعها بالعودة لصاحبه «يوسف وهبى»، حتى عادت إليه بالفعل».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة