د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: أصل وصورة

الخميس، 22 يونيو 2017 12:00 م
د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: أصل وصورة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كثيرون يعشقون فكرة تقليد الآخرين، فالبعض يُحب أن يتقمص شخصية غيره، وهذا عادةً ما يحدث عندما لا يجد الشخص ذاته، ولا يستطيع أن يقف على مقومات الشخصية، فيُحاول أن يجد ضالته فى غيره، فيسعى إلى تقليد شخصية يتمنى أن يجد فيها نفسه، ويعيش معها بخياله، أو حتى يحاول تقليدها على أرض الواقع، ولكن مهما حاول الإنسان مُحاكاة غيره، فلن يصل إلى درجة التمكن فى ذلك؛ لأن كل شخص له لونه وطعمه الخاص به، ولا يُمكنه أن يكون صورة من غيره، ومن يفعل ذلك، فبالقطع فى النهاية سيفقد إحساسه بنفسه تمامًا، فالأولى بالإنسان أن يسعى ليصل إلى حقيقتـه ومقوماته وإمكانياته الخاصة، بدلاً من أن يستغرق كل طاقته فى التقليد الأعمى لغيره، والأدهى من ذلك أنه لن يستطيع أن يُقنع مَن حوله؛ لأن التقليد عادةً ما يكون شكليًا، فكيف يمكن أن يُقلد القناعات والانفعالات، والثقافة والحضور، فكل هذه أمور لا يمكن تقليدها، وهى أساس ومنبع الشخصية .

ففى ذات يوم، وبينما كان "أينشتاين" فى طريقه إلى إحدى محاضراته، قال لسائق سيارته: "أشعر بأننى مُتعب ومُتوعك"، فقال له السائق: "أنا قد استمعت إلى العشرات من محاضراتك، ولدى فكرة لا بأس بها عن النظرية النسبية، فما رأيك فى أن أنوب عنك فى محاضرة اليوم؟، لاسيما وأن شكل "أينشتاين" لم يكن مشهورًا ومعروفًا فى ذلك التوقيت؛ بسبب ضآلة شبكات الاتصالات، فأُعْجِبَ "أينشتاين" بالفكرة، وبعد أن اختبره تبادلا الملابس، ولما وصلا إلى قاعة المحاضرة، ووقف السائق على المنصة، وجلس العالم العبقرى، الذى كان يرتدى زى السائق فى الصفوف الخلفية، وسارت المحاضرة على ما يرام، إلى أن وقف بروفيسور وطرح سؤالاً من الوزن الثقيل، وهو يشعر بأنه سيُحرج به "أينشتاين"، هنا ابتسم السائق، وقال للبروفيسور: "سؤالك هذا سهل جدًا، لدرجـة أننى سأكلف سائقى الذى يجلس فى الصفوف الخلفية بالرد عليه"، وبالطبع فقد قدم السائق "أينشتاين" ردًا أبهر الجميع، وجعل البروفيسور يتضاءل خجلاً .

فالواقع أن هذا السائق مهما حاول تقليد العالِم، فهناك هنَّات صغيرة تُظهر أن الصورة لا يمكن أن تصل إلى الأصل .

لذا، علينا أن نُحاول أن نجد أنفسنا، ونُدعمها، ونضعها فى قالبها الصحيح، بدلاً من أن نقتبس مقومات شخصياتنا من الآخرين، فإعجابنا بالغير وتعلمنا منهم وجعلهم قدوة لنا أمر رائع ولا بأس به، بل إنه أحيانًا يضع الكثيرين على بداية الطريق الصحيح، ولكن لابد أن يكون بجانب ذلك وضع رتوش خاصة بالشخصية ؛ حتى لا تتحول إلى صورة كربونية من الآخرين، لا طعم لها ولا لون، وعلينا أن نتذكر دائمًا أن الصورة مهما بلغت درجة إتقانها، فهى لا يمكن أن تصل إلى درجة الأصل .

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة