كانت وفاة والده نقطة فارقة فى حياته، جعلته يغير مساره من رجل أعمال وخبير فى مجال الدعاية والإعلان والاستيراد والتصدير، إلى محترف الجلوس على "دكة التلاوة" فى المآتم والاحتفالات الدينية، داخل مصر وخارجها، حتى أن كل من يسمعه يردد: "اللى خلف مامتش.. وابن الوز عوام".
الشيخ ياسر عبد الباسط عبد الصمد
كنا قد التقينا فى سلسلة حلقات أبناء القراء فى دولة التلاوة الحديثة، اللواء المقرئ طارق عبد الباسط عبد الصمد، واليوم مع ابن جديد لصوت السماء الشيخ ياسر عبد الباسط عبد الصمد 48 سنة. وإلى نص الحوار..
دخلت مجال التلاوة مؤخرًا حدثنا عن أسباب ذلك؟
أثناء دراستى الجامعة فى كلية الآداب قسم اللغات الشرقية توفى والدى عام 1988، فكانت ضربة قاضية لى حتى أننى كنت لا استطيع سماع صوته، فإذا سمعت صوته فى الراديو أغلقته، وبعدها فى عام 2000 أديت عمرة وحينما عدت عزمت على استكمال حفظ القرآن الكريم كاملا وقد كان فى خلال 3 سنوات، على يد الشيخ زكريا الجهينى، وأتممت الحفظ ووفيت بنذر كنت قد نذرته وهو ذبح جمل".
لكن أعتقد أنه وبحكم نشأتك فى منزل ربه من قراء القرآن تعلقت به منذ الصغر؟
قطعًا تعلق قلبى بالقرآن الكريم منذ صغرى، فقد كنا نذهب أنا وأخوتى مع والدى أثناء تلاوته قرآن الجمعة فى مسجد الإمام الشافعى، وبعد العودة كنا نقلد ما قرأه، كان سنى وقتها 6 سنوات، ووالدى استعان بالشيخ عبدالعزيز بكرى، ليحفظنا القرآن، وكان يسعد جدًا حينما يرانا نقرأ القرآن، وحينما نقرأ فى المدرسة أو الاحتفالات الرسمية للمدارس بحضور المسئولين، وكان يقدمنا للضيوف يقدمنا على أننا شيوخ فيقول مثلا "الشيخ ياسر" ويدعونا للتلاوة أمام ضيوفه.
ياسر عبد الباسط عبد الصمد طفلا مع والده
متى بدأت احتراف التلاوة؟
بدأت احتراف التلاوة بعدما أنهيت حفظ القرآن الكريم، لكن قبل ذلك كنت أقرأ فى المدرسة واحتفالات الإدارة التعليمية ومرة قرأت فى سيدى عبد الرحيم القنائى وكان سنى وقتها 6 سنوات وهذه كانت أول مرة أقرأ أمام جمهور.
ومتى أول مرة دعيت للتلاوة..وكم كان أجرك؟
أول مرة دعيت للتلاوة بشكل رسمى، كان افتتاح زاوية فى البساتين فى يوم جمعة، وفوجئت بعد التلاوة بأحدهم يجرى خلفى يعطينى ظرف به 100 جنيه ولوحة تذكارية، ولم أكن اتوقع ذلك.
وهل تعمل شيئًا إلى جانب التلاوة؟
لا أعمل سوى فى التلاوة فقد اعتذرت التجارة، والدعاية والإعلان منذ عام 2011 وتفرغت للتلاوة، لكننى أعمل قارئ سورة فى مسجد الإمام الشافعى منذ عام 2015، ولم أكن أتخيل أن أكون قارئا فى المسجد الذى يتلو به والدى، ومن قبله فى عام 2003 كنت قارئ سورة لمسجد حسن الأنور فى مصر القديمة، والتحقت بمعهد القراءات فى عام 2015 وحصلت على شهادة تجويد ومازلت أدرس به.
ماذا تعلمت من والدك؟
أكثر ما تعلمته من والدى الصدق، فكان يسامحنا على الخطأ لكن أن نكذب لن يسامحنا.
لمن تحب الاستماع من المقرئين القدامى والجدد إلى جانب عبد الباسط عبد الصمد؟
أحب الاستماع للشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمد عمران لكن حاليًا الكل يستسهل ويقلد، فكل بلد أذهب إليها أجد من يقلد الشيخ عبد الباسط حتى فى عصره كان هناك من يقلده، لكن التقليد يجب أن يكون مرحلة ثم تأخذ طابع خاص بك والمقلدين ما هم إلا أصفار توضع على يمين الرقم تزيده قيمة وهى بلا قيمة.
هل دعيت للتلاوة خارج مصر؟
سافرت فرنسا وألمانيا وهولندا وجنوب أفريقيا وتركيا وأمريكا وبريطانيا وأستراليا والسعودية والجزائر وإيران، وكردستان العراق.
على ذكر إيران والعراق.. فى عام 2014 تم وقفك أنت و3 مقرئين لسفرك للعراق وأداء الأذان الشيعى.. ما الذى حدث بالتفصيل؟
أنا سافرت كردستان العراق قبل أشهر قليلة ولم أسافر العراق نهائيًا فى هذه الفترة، وقرأت خبر وقفى فى الصحف وتعجبت من قرار وزارة الأوقاف هذا ولم يتم التحقيق معى كما زعمت الأخبار التى قرأتها، وفكرت فى مقاضاة الوزارة، لكن نصحنى المقربين بالتزام السكوت، وحتى أننى حينما سافرت إيران وطلبوا منى تسجيل الأذان الشيعى على أن يعرضوه بعد وفاتى رفضت ذلك ولم أسجله.
هل اعتمدت قارئًا بالإذاعة؟
حتى الآن لم يتم ذلك، رغم أننى تقدمت أكثر من مرة، لكن فى كل مرة يتم تأجيلى بحجة أن صوتى قريب لصوت والدى وأن لديهم فى الإذاعة تسجيلات والدى، فيقولون لى ما الجديد الذى تقدمه، وأنا أقول هذه وراثة ماذا أنا بفاعل.
هل تسعى لأن يرث أحدا من أبناءك التلاوة كما ورثتها عن أبيك؟
لدى اثنين من الأبناء "يمنى" فى المرحلة الجامعية و"يوسف" فى الإعدادية ويأتى إليهم محفظين للقرآن فى المنزل، وأتمنى أن يرث يوسف التلاوة، لكننى أشفق على الجيل الحالى فى حفظ القرآن الكريم بسبب اكتظاظ وسائل الترفيه من حولهم والتكنولوجيا التى غزت عقولهم.
ماذا تتمنى؟
أتمنى أن يديم الله على نعمة القرآن حتى وفاتى وتسجيل المصف بطريقة مختلفة عن والدى كأن أسجله بورش عن نافع أو وعمرو البصرى.