إن الهدف الأكبر من دراسة وبحث التاريخ هو أخذ العبرة من الماضى لفهم معطيات الحاضر ومحاولة التعامل مع المستقبل، فللتاريخ أهمية كبيرة فى صنع مستقبل الأمم، لذلك يجب على الدولة مجتمعة أفراداً ومؤسسات أن تمتلك الحد الأدنى من المعرفة والوعى فى التاريخ، وتوظفه خير توظيف فى رسم المستقبل فالذى لا يفهم تاريخه، ولا يحسن قراءته، ومن لم يتعلم من أخطاء الماضى، فإنه حتماً فى طريقه لتكرارها، لأنه لم يدرس تاريخه وكل الأمم تتباهى بتاريخها وتعلمه للأجيال المقبلة، وتحرص على ذلك حتى يكون التاريخ رابطا لأبناء الوطن الواحد وجزء من وجدانه.
وهناك مصادر عديدة لكتابة التاريخ منها الوثائق والمستندات والخرائط والروايات.
لكن الخطورة تكمن فى أمانة كتابة التاريخ، فمن سيكون الكاتب؟ وهل سيكون موضوعيا أم صاحب هوى؟ وما قوة وصدق روايته؟ وهل يتأثر بمجريات الأمور وقت كتابته للتاريخ أم أنه سيقدر الأمانة؟ وهل سينشد رضى الأقوياء فى زمن كتابة التاريخ أم سينشد رضاء ضميره؟
إننا فى مصر نحتاج وبكل شدة إلى كتابة دقيقة لتاريخنا المعاصر فى السنوات القريبة الماضية.
الحقيقة أن المواطن المصرى الذى عاش فى عهد ناصر والسادات ومبارك والمجلس العسكرى والإخوان والسيسى لا يعرف أى حقيقة كاملة، وإنما استمد معلوماته من وسائل الإعلام.
والحقائق والأسرار تظهر فى سنوات لاحقة، وبات هناك تخبط كبير من كان صالحا ومن كان طالحا.
وسأضرب لك أمثلة: مبارك فى آخر أيامه تم القبض على عدد من رموز العمل السياسى الذين كان يتباهى بهم قبلها بأيام!! فهل كان التباهى هو الحق أم القبض هو الحق؟
الإخوان تم تبرئة معظمهم من قضايا جنائية كثيرة بعد ثورة يناير ووصلوا لحكم مصر!! فهل كان اتهامهم قبلها حقا أم أن براءتهم بعدها حق؟
بعض الرموز السياسية فى حقبة زمنية واحدة وفى مجال واحد تم الاعتراف بفضلهم الوطنى، وبعضهم تم الهجوم عليهم!! فأين الحقيقة؟ ومن الذى سيجيب؟
الحقيقة، من وجهة نظرى، أن من يكتب التاريخ يجب أن يكون شخصا محلفا، أى أقسم اليمين وعليه مسؤوليات أمام شعبه.
ولا أعتقد أن كثيرا منا يختلف على أمانة وصدق المواطن المصرى عبدالفتاح السيسى الذى أعتقد أن من واجبه أن يؤدى أمانة الرواية لأصحاب الحق.
لا يمكن أن نستأمن شخصا فى الوقت الحالى أكثر منه على ذلك، وليته يفعلها، نريد أن نعرف الأحداث والوقائع وكواليس القرارات ومن وقع عليه ظلم من الناس ومن ظلم بقوته وجبروته؟ كيف كانت تسير الدولة المصرية منذ ٢٠١٠ وحتى يومنا هذا؟ هل كل ما يقال ويشاع فى الإعلام حقيقى أم أن هناك حقائق أخرى؟
هل هناك أشخاص يجب أن نعتذر لهم وهناك غيرهم تجب محاسبتهم؟
كيف نرد المظالم إلى أهلها وكيف نعيد لعائلات حقوقها «إن كانت أخذت ظلما».
كل منا فى قراءة السنوات الماضية له رؤيه تنبع من ثقافته أو من قناعاته أو من اتجاهه السياسى، لكننا نريد شخصا متجردا لم يكن طامعا أو طامحا فى العمل السياسى كى يروى لنا التاريخ بصدق.
والأخطر من ذلك هو تفشى الروايات وتفحش الخلاف وهناك أسر وعائلات من المفترض أنهم يعيشون فى بلد واحد تحت علم واحد، لكن يروى كل منهم عن الآخر الروايات والحكايات بخير وبشر بصدق وبكذب.
ويبقى المواطن البعيد عن مراكز صنع القرار حائرا يريد أن يعرف أين الحقيقة.
هناك أسئلة تحتاج إلى إجابات مستندة إلى حقائق، هل كان حكم مصر فاسدا قبل يناير؟ ومن نزلوا الشوارع فى يناير هل جاؤوا جميعهم من خارج مصر؟ ومن حرقوا بلادنا فى هذه الأوقات هل هؤلاء مصريون مثلنا؟ وهل كان كل القادة بعدها على نفس مستوى الوطنية؟ وهل استغل البعض الموقف لتصفية حسابات أو لتحقيق مكاسب شخصية؟
طبعا كل منا لديه إجابة عن هذه الأسئلة وفق تصوره، لكن يا ترى إجاباتتا هى الحقيقة؟ وإجابة من منا التى سنعتمدها عنوانا للحقيقة؟
إننى أدعو الرئيس السيسى إلى تشكيل لجنة من علماء كتابة التاريخ تؤدى اليمين أمامه ويدعمها بشكل مباشر، ويكون لها الحق فى الاطلاع والسؤال كى تكتب وتروى لنا ماذا جرى فى بلادنا.
لا يمكن أن نحرم من هذه الحقائق حتى نتعلم من أخطائنا، وننبه الأجيال المقبلة كى لا يكونوا مثلنا فيكررونها.
وأمام رب العباد فهناك مظالم لابد من ردها إذا ظهرت حقائق جديدة وهذا أيضا واجب وأمانة.
إن الاختلاف الكبير فى الآراء والروايات أحيانا يدخلنا فى مناقشات سلبية تهدم الحاضر وتشق المستقبل وتشتت من تماسكنا.
إننا نتطلع إلى وحدة مجتمعية حقيقية بين أبناء الوطن الواحد على اختلاف انتمائهم «طبعا مع احترامنا للقانون وعقاب المجرمين».
إن ما شهده هذا الجيل الحالى من أحداث أعتقد أنه كان كثيرا جدا، أحداث متعاقبة وثورات وحروب وتغيرات فى كل المجالات فى بلادنا لدرجة تفوق الاستيعاب.
والعجيب أن هناك أشخاصا بيننا كانوا فى زمن ماض لهم رأى سرعان ما تغير فى الزمن الحاضر أو بتعبير أدق تستطيع أن تقول كانت لهم وجوه تغيرت فى كل عصر، حسب لون وتوجه هذا العصر، والأخطر أنهم مازالوا موجودين بيننا ويؤثرون حتى يومنا هذا.
أعرف أن الرئيس بداخله الكثير، وأعرف أيضا أنه لا يريد إحراج أحد، ويتجنب دائما ذكر الأسماء، وأعرف أنه لا يريد أن يظهر أى رأى فى أى حقبة سياسية أو فيمن سبقوه فى الحكم.
بل أحيانا نجده يقول إنهم فعلوا حتى وإن لم يفعلوا..
لكننى كلى أمل أن يكمل الرئيس أمانته ويروى لنا وللتاريخ كواليس ماذا حدث فى بلادنا فى السنوات القليلة الماضية، كلى أمل فى ذلك طال الانتظار أو قصر، ويمكن ساعتها نعرف ماذا كان يقصد الرئيس بأنه لن يسمح بأن يقترب من حكم مصر فاسد.. فنساند الرئيس ونقف معه أيضا ضد هذا الفاسد.. لما نعرفه!
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
أرشحك رئيس هيئة الإستعلامات
خالد أبو بكر رجل وطنى وبيحلل المشهد السياسى كويس