أطفأ، الرئيس الإيرانى، أمس السبت، شمعة عامه الأولى فى "الولاية الثانية"، ففى مثل هذا اليوم الـ 19 من مايو عام 2017 نجح حسن روحانى فى الإطاحة بمنافسه الشرس المدعوم من الحرس الثورى والمرشد الأعلى على رئيسى، وحسم الاستحقاق الانتخابى لصالحه فى الجولة الأولى، وفى5 أغسطس تم تنصيبه، وخلال هذا العام شهدت إيران تحولات عديدة داخلية وخارجية عصفت بهذا البلد، ما دفع المراقبون بوصفه بعام الأزمات والتنافس الطاحن بين التيارات السياسية ومؤسسات الحكم.
وفى هذا التقرير یرصد اليوم السابع أبرز الإخفاقات التى واجهها روحانى ووعوده التى منحها للإيرانيين:
خيبة أمل من إحداث التغير
الأشهر الأولى التى تلت انتخاب روحانى، دشن منتقديه فى أغسطس العام الماضى على مواقع التواصل الاجتماعى، حملة أطلقوا عليها "نادمون"، أطلقها عدد من الناشطين الإيرانيين للتعبير عن ندمهم على المشاركة فى الانتخابات، منتقدين تجاهل الرئيس الإيرانى لوعوده الانتخابية، وتزامنا مع إتمام عامه الأول فى ولايته الثانية، دشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى هاشتاج جديد باسم"انتقد روحانى"، انتقد فيها أنصاره عدم تحقيق روحانى وعوده لهم رغم انقضاء عام على وعوده الانتخابية.
احتجاجات شعبية
وفى أواخر العام الماضى، وبالتحديد فى 28 من ديسمبر، اندلعت احتجاجات شعبية تحمل مطالب اجتماعية، فى مدينة مشهد الواقعة شمال شرقى البلاد، وامتدت إلى أكثر من 70 مدينة فى مختلف المحافظات، ورفعت التظاهرات شعارات "الموت لروحانى" و"الموت للدكتاتور اتركوا سوريا وانظروا لحالنا"، وكانت فى مقدمة أسباب هذه الانتفاضة التى استمرت نحو أسبوعان، هو ارتفاع نسبة البطالة التى كسرت حاجز الـ12.4% بـ3.2 ملايين عاطل، ومساعى حكومته لرفع أسعار الوقود 50%، إضافة إلى خروج 30 مليون إيرانى من مظلة "الدعم النقدى"، وتدهو الوضع الاقتصادى، وسياسة طهران الخارجية التى تنفق وببذخ على أجندة طهران فى سوريا والعراق.
ورغم أن الاحتجاجات هدأت بعد سقوط عشرات القتلى والمصابين إلا أن أسبابها لا تزال قائمة، وتندلع من الحين للأخر تظاهرات فئوية فى بعض المحافظات، وبخلاف تلك الاحتجاجات اندلعت احتجاجات الأحوازيين فى 29 مارس 2018، فى إقليم الأحواز الذى يقطنه العرب احتجاجا على تهميش ومحو الهوية العربية.
رغم الوعود تدهور اقتصادى وتهاوى العملة
ورغم أن الملف الاقتصادى تصدر أولويات روحانى لتحسين الوضع المتردى، إلا أنه نتيجة لعدم وضوح رؤية روحانى فى المجال الاقتصادى استمر الوضع كما هو عليه، بل امتد النزيف الاقتصادى إلى العملة المحلية "التومان" الذى فقد نحو 60% من قيمته وفى 7 ديسمبر 2017 واصل العملة سقوطها وفى أبريل العام الجارى هبطت العملة صلت لأدنى مستوى تاريخى لها حيث وبلغ سعر الدولار الواحد 7000 تومان.
ارتفاع نسبة البطالة
ورغم وعود روحانى بخفض نسب البطالة وخلق فرص عمل تصل لمليون وظيفة، إلا أنه أخفق فى تحقيق ذلك نتيجة تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية، بعد أن أصبح الاتفاق النووى على المحك جراء انسحاب الولايات المتحدة منه فى الـ 8 من شهر مايو الجارى، وعانت إيران على مدار السنوات الماضية أزمة تفشى البطالة، وبحسب صندوق النقد الدولى فإن هذا البلد يقع فى المرتبة الـ24 عالميًا فى البطالة من بين 106 دول، وبلغت عام 2015 - 10.8%، وبحسب إحصائيات رسمية فى إيران بلغت البطالة 12% العام الحالى.
أخفق فى رفع سقف الحريات وفتيات يتمردن على الحجاب الإجبارى
وأخفق روحانى فى ترجمة وعوده برفع سقف الحريات للشباب، وأثبت أنه استغل شعار "الحرية والأمن والتطور"، فقط من أجل استقطاب فئات الشباب ومنحه أصواتهم فى الانتخابات، فرغم دعوته العام الماضى خلال تجمعاته الانتخابية إلى قدر أكبر من الحرية، وضرب مرات عديدة على وتر مناهضة التيار المتشدد للحريات العامة وفصل الجنسين حتى فى الشوارع، لكنه اصطدم بالمتشددين الرافضين لتوسيع الحريات، إضافة إلى صلاحياته المحدودة التى لا تمكنه من ذلك، ونجد أنه فى فبراير العام الجارى دشنت الفتيات حملة تمرد على الحجاب الاجبارى ونشر العديد منهن صورهن على وسائل التواصل الاجتماعى وهن يلوحن به باستخدام العصا فى طهران وعدة مدن إيرانية كبرى، تعبيرا عن رفضهن للحجاب الإجبارى.
حجب تطبيق "تلجرام" أفقد الإيرانيين الثقة فى الرئيس
وفقد الإيرانيون الثقة فى روحانى وانتابتهم خيبة أمل من سياساته، عقب حجب السلطات الإيرانية فى أبريل الماضى تطيبق "تليجرام"، الذى يتميز بخدمة تشفير الرسائل وتدميرها ذاتيا، والمشهور داخل إيران ويضم أكثر من 40 مليون مستخدم إيرانى، وكان حجبه مؤشر واضح على رضوح روحانى لضغوط المتشددين وهيمنة المعسكر المحافظ على المشهد السياسى، ومن أجل أن يبرأ نفسه أمام أنصاره رفض روحانى الحجب، وأصدرت حكومته بيانا تنتقد فيه سياسة الحجب.
اتفاق نووى على المحك
الحفاظ على الاتفاقية النووية التى أبرمها مع الغرب عام 2015 كان التحدى الأكبر أمام روحانى الذى يعتبرها أهم إنجازاته التى تمكن عبرها استئناف تصدير خام النفط ورفع حجم تصديره إلى 4 ملايين برميل، وجلب عشرات المليارات المجمدة بالخارج، وفتح أبواب الأسواق العالمية أمام طهران، كل هذا أصبح من الماضى بعد أن رفض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الاتفاقية، وانسحب منها مايو الجارى، وأعاد العمل بالعقوبات على طهران، وفرض عقوبات وتوعد بفرض المزيد على طهران من أجل أرغامها على الذهاب مجددا إلى طاولة المفاوضات وتعديل الاتفاق من أجل تقليم أظافرها وتقويض برنامجها الصاروخى الباليستى الذى يرى أنه يهدد حلفاء واشنطن.
لكن طهران باتت تعوّل على انتزاع ضمانات من الأوروبيين الذين يرغبون فى الانفتاح على الأسواق الإيرانية، ومنحتهم مهلة نحو 60 يوما لتنفيذ ذلك، ليس هذا فحسب بل وجاء الانسحاب الأمريكى من الاتفاق بمثابة ضربة قوية للتيار الإصلاحى الذى دعم وبقوة الصفقة النووية.
سياسة طهران الخارجية إلى أسوأ
اصطدم روحانى خلال تطبيق شعار "الانفتاح" بقيود فرضتها عليهم ثوابت النظام والمؤسسات المهيمنة على السلطة، كالحرس الثورى والولى الفقيه، وأخفق الرئيس الإيرانى فى تطبيق مبدأ "التعامل البناء" الذى دعا إليه، وعلى مستوى العلاقات مع دول الجوار العرب خسرت طهران علاقاتها مع العديد من بلدان الخليج بسبب سلوكها، وتطبيق أجندة إقليمية تهدد الأمن القومى العربى، ومؤخرا فى 1 مايو الجارى قطع المغرب علاقته الدبلوماسية بايران نتيجة بسبب دعم عناصر إيرانية لجبهة البوليساريو.
أخفق فى رفع قيد الإقامة الجبرية عن زعماء التيار الإصلاحى
لاتزال معضلة تقف أمام روحانى، الذى لا يمتلك صلاحيات تؤهله لتسوية قضية الإقامة الجبرية المفروضة على زعماء التيار الإصلاحى مير حسين موسوى وزوجته زهرا رهنوارد، ومهدى كروبى منذ عام 2011، وكانت من الوعود التى منحها فى حملته الانتخابية 2013، ولم يتمكن من حلها رغم دعوات أنصار الإصلاحات التى تحث روحانى على القيام بدور لحل القضية.
روحانى يفشل فى خلع يد الحرس الثورى المهيمنة على السياسة والاقتصاد
وفشل روحانى فى معركته لخلع يد الحرس الثورى من الاقتصاد وهيمنته على العملية السياسية، وواجه هذا الطموح عنف من قادته وإساءات من أنصاره، الذين هتفوا ضده خلال مسيرات مراسم يوم القدس العالمى يونيو العام الماضى فى العاصمة طهران، بعد أن تجرأ ودعا قادة هذه المؤسسة العسكرية بالابتعاد عن السياسية، وقال روحانى خلال خطاب ضمن الحملة الانتخابية مايو العام الماضى فى مدينة مشهد "لدينا طلب واحد فقط: أن تبقى الباسيج والحرس الثورى فى أماكنهما لأداء عملهما". وعزز روحانى نداءه باقتباس كلمات الزعيم الأعلى الراحل آية الله روح الله خمينى مؤسس الجمهورية الإسلامية، الذى قال روحانى إنه حذر القوات المسلحة من التدخل فى السياسة.
وبخلاف التحديات السابقة فهناك العديد من الأزمات الأخرى، حيث لم يحقق الرئيس الإيرانى فى ولاية الثانية تقدما ملموسا، ولعل أبرزها حل المشاكل المتعلقة بالبيئة من بينها توفير المياه الصالحة للشرب للمناطق التى ما زالت تعانى من هذه المشكلة، وحل مشكلة الجفاف التى باتت تهدد 300 مدينة فى إيران، ومشكلة تلوث الهواء التى تعانى منها أقاليم حدودية والعاصمة.