من دار السلام بالقاهرة، إلى حدائق الأهرام بالجيزة، رحلة بدأت لعلاج الشاب "محمد وجيه" صاحب الـ19 عاما من الإدمان الذى وقع فريسة له مثل غيره من العديد من الشباب الذين سقطوا أمام هذا المرض المنتشر، رغبة والده فى إعادته إلى سابق عهده، واستعادته كما كان شابا محبوبا من الجميع، أفراد أسرته وأصدقائه وجيرانه، دفعته إلى البحث عن مصحة لعلاج الإدمان، إلا أن تلك الرحلة سرعان ما انتهت عقب بدايتها، حيث فوجىء والد الضحية باتصال من إدارة مركز علاج الإدمان الذى تبين فيما بعد أنه غير مرخص، وأنه عبارة عن سلخانة للتعذيب، يفيد بالحضور لتسلم ابنه جثة هامدة، مدعين أنه فارق الحياة نتيجة سقوطه بحمام المركز، إلا أن المفاجأة التى لم يتوقعها والد الشاب أن إبنه تعرض للتعذيب حتى الموت، وأنه فقد نجله الأكبر على يد عدد من المدمنين السابقين الذين يديرون المركز وسط غفلة من الهيئات الرقابية المسئولة عن متابعة تلك المراكز وإغلاق المخالف منها.
الضحية
والتقى "اليوم السابع" بأسرة المجنى عليه حيث تقيم بمنطقة دار السلام فى القاهرة، والده الجالس بصحبة عدد من أفراد أسرته وأصدقائه أمام منزله يتلقى واجب العزاء، عبارات من المقربين منه لمواساته فى محاولة للتخفيف عنه من ألم فراق ابنه، سألناه عن كيفية سقوط ابنه فى عالم الإدمان، ومحاولة علاجه حتى مقتله فقال: "ابنى محمد كان يدرس بالمدرسة المعمارية بدار السلام، حيث كان على وشك الانتهاء منها، محبوبا من الجميع، صاحب خلق وشخصية هادئة، إلا أن الاونة الأخيرة شهدت تغييرات على طبيعته، حيث كان دائم التعصب، عالى الصوت، وحينها شككت فى تعاطيه المواد المخدرة، سألت أصدقائه المقربين منه، فأكدوا أنه يتعاطى مخدر الاستروكس".
محرر اليوم السابع امام مركز الإدمان
وأضاف والد الضحية: "استشرت عدد من أفراد الأسرة وأصدقاء ابنى، حتى توصلنا إلى ضرورة إيداعه بمصحة لعلاج الإدمان، وتكفل أحد أصدقائه بالاتصال بأحد مديرى مركز لعلاج الإدمان بالهرم، واتفقنا معه على الحضور لنقله للمصلحة، حيث طلب مبلغ مالى مقابل شحنه من المنزل إلى المركز، مقابل مبلغ مالى، بالإضافة إلى دفع مبلغ مالى اخر نظير علاجه وإقامته، وفى اليوم المحدد حضر عدد من الأشخاص التابعين لمركز علاج الإدمان ونقلوه إلى مقر المركز، وعندما طلبنا منهم الحضور للاطمئنان عليه أكدوا أن الزيارة بعد 5 أيام، مع عدم السماح بلقائه وجها لوجه، وأنه سيتم السماح فقط بمشاهدته والاطمئنان عليه.
وتابع والد الضحية حديثه: "بعد نقل إبنى إلى المركز تلقينا اتصالا من شخص يدعى "محمد" وهو أحد مسئولى مركز علاج الإدمان، أخبرنا خلاله أن ابنى فارق الحياة نتيجة سقوطه بحمام المركز، وطلب منا الحضور لاستلام جثمانه، فأسرعنا إلى المركز وفوجئنا بآثار تعذيب على جسده، وأكد عدد من نزلاء المركز الذين يتلقون العلاج أنه تعرض للتعذيب على يد العاملين بالمركز حتى فارق الحياة، وفى نهاية حديثه طالب والد المجنى عليه الأجهزة الأمنية والقضائية بالقبض على كافة المتهمين، وسرعة إحالتهم إلى المحاكمة وإصدار أحكام قضائية رادعة بحقهم مع إغلاق كافة المراكز غير المرخصة المنتشرة خاصة بمنطقة حدائق الأهرام، والتى تنتهك إنسانية الشباب الراغبين فى العلاج من الإدمان".
مركز الإدمان
ومن جانبه ذكر "أحمد" عم الشاب المجنى عليه، أنه عقب توجههم إلى مركز علاج الإدمان لاستلام جثمان "محمد" فوجىء بآثار تقييد بالحبال على يديه وساقيه، بالإضافة إلى آثار اعتداء على أنحاء جسده، مضيفا أن مدير المركز طلب منهم عدم إبلاغ قسم شرطة الهرم، مدعيًا أن سبب الوفاة سقوطه فى حمام المركز، وذكر أنه سيتكفل بإصدار تصريح الدفن، إلا أنهم أصروا على ابلاغ قسم شرطة الهرم، حيث حضر المقدم محمد الصغير رئيس مباحث الهرم وقوة أمنية بصحبته وألقت القبض على عدد من العاملين بالمركز.
مركزالإدمان (2)
وأضاف عم المجنى عليه، أن المركز الذى شهد الجريمة عبارة عن طابقين، الطابق الأول به عدد من الغرف تحتوى على أسرة من طابقين، والطابق الثانى به عدد كبير من المراتب المفروشة أرضا ينام عليها النزلاء الذين يتلقون العلاج، مؤكدًا على أن النزلاء ذكروا أنهم يتعرضون للتعذيب على يد العاملين بالمركز من المدمنين السابقين المتعافين، وأنهم لا يتلقون أى أدوية سواء شراب منوم فقط.
من جانبه، ذكر مصدر أمنى بمديرية أمن الجيزة أن الشاب المجنى عليه يدعى "محمد" يبلغ من العمر 19 سنة، أودعه أفراد أسرته بالمركز لتلقى العلاج بعد اكتشافهم وصوله لمرحلة الإدمان، ويوم الحادث تلقوا اتصالا من مسئولى المركز يفيد وفاته، وفور حضورهم اكتشفوا وجود آثار اعتداء بجسده، فتأكدوا من وجود شبهة جنائية، مما دفعهم لإبلاغ قسم شرطة الهرم.
مركزالإدمان (1)
وأضاف المصدر، أن العقيد محمد راسخ مفتش مباحث غرب الجيزة، والمقدم محمد الصغير رئيس مباحث قسم شرطة الهرم انتقلوا لمكان الحادث لإجراء التحريات ومعاينة مقر المركز، وتبين أن جسد الشاب يحتوى على آثار تقييد بحبل بيديه وقدميه، بالإضافة إلى إصابة بأعلى يده اليمنى، وإصابة أخرى صغيرة بوجهه، وتمكن رجال المباحث من ضبط المتهمين، وتبين أنهم اعتدوا عليه عقب تقيده بالحبال حتى فارق الحياة، فتحرر محضر بالواقعة، وتم إحالتهم إلى النيابة للتحقيق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة