قال الدكتور محمد سامح عمرو أستاذ القانون الدولى وسفير مصر السابق لدى اليونسكو، إنه عمل عن قرب فى ملف سد النهضة فى فترات معينة، ومازال، فيما يخص الجوانب القانونية لمياه النيل وملف سد النهضة خاصة، مشيرًا إلى أنه حتى الآن مازال المفاوضون فى هذا الملف من إثيوبيا والسودان يتحدثون عن مبادئ بالية من القانون الدولى، مثل مبدأ السيادة على الأنهار الموجودة داخل الدولة، فهو مبدأ بالى طرح قديمًا تحت اسم نظرية هارمون استخدمتها الولايات المتحدة مع المكسيك، ولكنه انتهى من هذا الوقت، ولا تستطيع أى دولة القول بأن لها سيادة مطلقة على نهر ما، وبالتالى لا يوجد فى القواعد والمبادئ المستقرة بالقانون الدولى فى استخدام المجارى المائية فى غير الأغراض الملاحية ما يشير إلى ذلك.
وأضاف أن هناك ثوابت فى هذه القواعد حاليا، وهى قواعد بدأت كمبادئ عرفية عن بعض المؤسسات والمنظمات، وصولًا إلى اتفاقية 1997 للأمم المتحدة التى عكست كل المواثيق والاتفاقات الدولية حول هذا الأمر، وصولًا الى اتفاقية برلين، فهى قواعد مستقرة وثابتة وتطبقها كل الدول.
وأفاد أن الدول حينما تتحدث وهى لديها نية للتعاون تطبق القواعد المستقرة فى القانون الدولي، ولكن لا يمكن بعد مئات السنين أن يكون هناك نهر يسير فى مجرى طبيعى وتقوم دولة بشكل منفرد بالادّعاء بأن لها سيادة مطلقة على النهر، وتقوم ببناء سد لتتحكم فى كميات المياه بغرض توليد الكهرباء أو لأى سبب آخر، فهذا أمر غير مقبول فى فلسفة السياسة والقانون الدولى.
وأضاف عمرو فى كلمته بمؤتمر "سد النهضة.. بين فرض الأمر الواقع ومتطلبات الأمن القومى" الذى نظمه المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن قواعد استخدام مياه الأنهار أكدتها المحاكم الدولية فى أكثر من قضية، ومنها حكم محكمة العدل الدولية عام 1937 فى نزاع بين إسبانيا ودولة مجاورة لها، أرست خلاله المحكمة كل مبادئ استخدام الأنهار، مؤكدًا أن محكمة العدل الدولية تناولت عددًا كبيرًا من القضايا حول استخدام الأنهار خلال العشرين عامًا الأخيرة، وهذا مؤشر على وجود مشاكل فى استخدام المياه، وهى قضايا فى أوروبا وأفريقيا وبشكل كبير فى أمريكا اللاتينية، وهذا دليل على وجود قواعد القانون الدولى، وهذه القضايا دليل على عقلانية هذه الدول فى أنها تلجأ إلى طرف ثالث عند الاختلاف لمحاولة تسوية النزاع، سواء كان هذا الطرف هو القضاء الدولى أو طرف آخر أو وسيلة دبلوماسية أخرى.
وأكد أنه لابد من وضع نهاية لهذا النزاع، فلم يعد العالم يحتمل وجود نزاعات مسلحة تؤثر على التنمية، سواء فى الدول المتنازعة أو فى دول الجوار، مشيرًا إلى أن المبادئ المستقرة عبر العرف الدولى أو الاتفاقيات الدولية التى تنظم مياه نهر النيل قديمة، وأول اتفاقية كانت عام 1902، وحتى لو أن الطرف الآخر يحاول النزاع فى هذه الاتفاقية فى حد ذاته دليل على وجود الاتفاقية، ووجود متغيرات كثيرة يحتم النقاش حولها، ولكن لا يمكن انكار الاتفاقيات القديمة، مؤكدًا أن الحقوق التاريخية هى حقوق تاريخية ومازالت قائمة.
وأشار إلى أن البنك الدولى يضع قواعد لتمويل بناء السدود، والدولة التى لا تحترم قواعد بناء السدود لن تمولها البنوك الدولية، وبالتالى لا يمكن لدولة استخدام مبدأ السيادة المطلقة على نهر دولي، فهناك قواعد لابد من احترامها.
وتابع: أى دولة تريد عمل مشروع أيا كان على النهر لابد من إخطار الدول الأخرى والتشاور معها، والتعاون معها للوصول إلى افضل النتائج، مع الحفاظ على مبادئ الاستخدام المنصف والعادل للنهر، وعدم الإضرار بالدول الأخرى، فلا يؤدى الموقع الجغرافى لدولة إلى الإضرار بدول أخرى، وهناك مبادئ أخرى مثل التقييم البيئى وجودة المياه وغيرها، فالأمر لا يتعلق بكمية المياه فقط.
وأضاف: مصر أخذت خطوات واسعة لتغيير المزاج العام بينها وبين الدول، وخاصة بعد التغيرات السياسية التى حدثت فى مصر والدول الأخرى، بجانب فشل دول حوض النيل فى الوصول الى اتفاق جامع، ومصر فتحت باب التعاون بحسن نية ووضوح، ومن هنا جاء إعلان المبادئ، أخذت مصر خطوة إعلان المبادئ لفتح صفحة جديدة بخصوص سد النهضة، وتضمن الإعلان قواعد قانونية مستقرة فى القانون الدولي، ويجب تنفيذ الاتفاق بشكل ثلاثى بحسن نية وبهدف إقامة هذه القواعد، واذا اخلت دولة بالاتفاق فوفقا للقانون الدولى يخل الطرفان الاخران بالاتفاق.