بدا العالم وكأنه يضج من كرة القدم ويطلق صرخات الأنين ضد ما آلت إليه اللعبة من تحولات تجعلها ليست قائمة على المتعة فحسب، وإنما يربطها أمور أخرى فى مقدمتها الأموال.
نحن هنا فى مصر نعانى من عدم انتظام المسابقة بسبب كثرة تأجيل المباريات لدواعى مشاركة الأندية فى بطولات خارجية، وهو ما أحدث أزمة كبرى الموسم الماضى، واعتبرته بعض الأندية عدم مساواة وأحيانا يكون هناك حل بضغط مواعيد المباريات لتجد الأندية نفسها تلعب مباراة كل ثلاثة أيام، ويزيد العناء أكثر عندما تقام المباراة خارج الأرض ويستدعى الأمر السفر من مدينة لأخرى.
ولكن أمام الغضب تجاه ما يحدث فى الدورى المصرى نجد أن دورينا ليس هو الوحيد الذى تشكو أنديته من ضغط المباريات المتوالية، الكل سواء، الكل يعانى من كرة القدم الحديثة وتبعاتها.
فى هذا الإطار تظهر لنا حالتان مختلفتان متشابهتان مع الدورى المصرى واحدة منها عالمية متمثلة فى مانشستر سيتى الإنجليزى، وأخرى عربية بطلها نادى الهلال السعودى ومن الحالتين نستعرض رد الفعل .
بيب جوارديولا المدرب الإسبانى الشهير، سخر من جدول الدورى الإنجليزى بعدما خاض السيتى مباراة ولفرهامبتون يوم الجمعة وبعدها بـ48 ساعة فقط لعب مباراة أخرى أمام شيفيلد قبل أن يعود ويلعب الأربعاء، وقال: "الآن يجب أن أشكر البريميرليج لمنحنا ثلاثة أيام قبل المباراة التالية".
وأيضا أظهر مدرب الهلال السعودى الرومانى رازفان لوشيسكو، ضيقه من ضغط المباريات متهما اتحاد الكرة السعودى بالعمل ضد مصلحة ناديه قائلا: "هل هذا جزاء من يشرف الوطن لديهم! نحن مثلنا السعودية فى آسيا والمونديال، ولم نمثل أنفسنا فقط.. هل من العدل أن يخوض الفريق مباراة كل 3 أيّام، مع فرق لا تلعب إلا مرة واحدة فى الأسبوع.. فريقى يواجه عدم تقدير من اتحاد كرة القدم، سواء كنادٍ أو لاعبين، بسبب الجدولة التى تم إعدادها لنا".
إذن ورغم أنه أمر ليس بجديد اتضح أن مشاركة أى ناد فى أكثر من بطولة فى وقت واحد ما بين المحلية والقارية، ظهرت مشاكله بشكل يضر بالأندية ودفعها إلى الشكوى.
ومع معاناة كثرة خوض المباريات دون حساب لسلبيات ذلك من إجهاد يؤثر على الأداء، ويتسبب فى الهزائم.. هنا تظهر سلبيات ما يطمح إليه فيفا من اتساع مساحات البطولات المختلفة، والتى دأب فى الفترة الأخيرة إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم، على الدفع لتنظيمها بهدف زيادة المداخيل المالية وتوزيعها على الاتحادات القارية فى شكل منح لتسيير شئونها وتطوير الكرة فى كل البلدان وعلى الأخص النامية منها.
لذا فكرة التوسع فى تنظيم بطولات جدية يجب أن تكون هناك حذر فى تطبيقها ودراسة الأمر بشكل منطقى من حيث تأثيره السلبى قبل الإيجابى، ويجب أن يكون هناك اتجاه مقابل لتحقيق تلك المعادلة وبهذا المفهوم ظهر رفض عدد كبير من الأندية الأوروبية الشهيرة مقترح إنفانتينو باستحداث بطولتين جديدتين، إحداهما دورى الأمم العالمى بمشاركة منتخبات، والثانية نسخة معدلة من كأس العالم للأندية بمشاركة 24 فريق على أن تنطلق نسخة "استكشافية" من البطولتين فى 2021، وهو ما ينذر بصدامات منتظرة بين أطراف اللعبة بسبب اختلاف المفاهيم من جانب لآخر كل حسب وضعيته وتوجهاته.