مبروك لمصر كلها فوز الزمالك بكأس بطولة الكونفدرالية الأفريقية، فهذه الكأس الغالية جاءت بعد سنوات عجاف خاصمت فيها البطولات الأفريقية الفرق المصرية، كما أنها تأتى قبل أسابيع قليلة من انطلاق بطولة كأس الأمم الأفريقية التى تستضيفها مصر فى خمس مدن مختلفة، وتتطلع الجماهير المصرية إلى الفوز بها، يعنى بالبلدى البطولة الغالية التى انتزعها الزمالك من فريق نهضة بركان العنيد بضربات الترجيح هى بشرة خير وعلاة قبل انطلاق البطولة الأفريقية الكبيرة على أراضينا.
الفوز الذى حققه الزمالك كبير ومستحق ويفرح كل الجماهير من كل الألوان، أهلى، إسماعيلى، مصرى واتحاد، لأنه فى النهاية ينسب للزمالك المصرى، ويؤرخ لمصر فى سجلات الفوز بالبطولات، فنقول إن الأندية المصرية حصدت بطولة الأندية الأبطال كذا مرة، وبطولة الكونفدرالية كذا مرة، وكم كان ترجمة هذا المفهوم واضحا فى الشوارع المصرية وعلى المقاهى، فالجميع كان يأمل فى انتزاع الفوز بالكأس فى هذا النهائى الصعب، بصرف النظر عن الفريق الذى يشجعه فى المسابقات المحلية.
استاد برج العرب والحضور الجماهيرى المنظم والهتافات الحماسية والمثالية فى كل شىء، أعطتنا أملا كبيرا فى استعادة روح المباريات وعودة الجماهير المصرية لتزين المدرجات من جديد بلافتاتها اللافتة ودخلاتها المميزة وهتافاتها التى تزلزل الحجر وتحرك اللاعبين، ويمكن القول إن مباراة نهائى الكونفدرالية فى استاد برج العرب يمكن أن تكون نهاية صفحة مقاطعة الجماهير للمدرجات وبداية عهد جديد تعود فيه كل عناصر اللعبة إلى صورتها الطبيعية.
نعلم أن هناك استعدادات غير مسبوقة وثورة تنظيمية وأمنية فى بطولة أمم أفريقيا التى تستضيفها مصر، وسيكون هناك تكنولوجيا فى الحصول على التذاكر ودخول المشجعين إلى الاستادات واستحداث الـ FAN ID أو بطاقة المشجع التى يدخل بها الاستادات التى تقام عليها المباريات إلى جانب التذكرة الخاصة بكل مباراة، ونعلم أن الإمكانات والاستعدادات لهذه البطولة سيجعل منها أفضل بطولة فى تاريخ الاتحاد الأفريقى، ومع ذلك لا يمكننى إخفاء فرحتى بمشهد الستين ألف متفرج وهم يشجعون ويهتفون فى المدرجات بكل حماسة وأدب وروح رياضية، فلم نشهد طوبة أو زجاجة فى الملعب مصدرها المدرجات، كما لم نر الشماريخ التى يتفنن بعض المتعصبين فى إدخالها للمباريات، وهو ما يجب أن نبرزه باعتباره مرحلة جديدة لعودة المشجع الحقيقى إلى مدرجات الساحرة المستديرة.
من ناحية ثانية، فوز الزمالك على نهضة بركان وانتزاعه كأس الكونفدرالية كان فوزا أيضا على التعصب وضيق الأفق، ورأينا جميعا المناوشات على مواقع التواصل الاجتماعى قبل المباراة والتى تشبه السجالات بين مشايخ التطرف وأصحاب الفتاوى الشاذة، وبالفعل كان هناك من يسأل: هل يجوز أن يشجع الأهلاوى أو الاتحاداوى أو الإسماعيلاوى أو المصراوى الزمالك؟ واشتد الهرى والكلام الفارغ والسجال المفتعل على السوشيال ميديا، لكن ربك والحق أن الشارع المصرى كان فى حتة تانية خالص وكل الجماهير أيا كانت ألوانها شجعت الزمالك وتمنت الفوز مصريا خالصا بالكونفدرالية.
هذا التشجيع من كل الألوان للزمالك فى نهائى الكونفدرالية، طبيعى بعد الإخفاقات الأخيرة للأندية المصرية فى البطولات القارية، فالجماهير المصرية تشعر أنها أصبحت بعيدة عن بطولات أفريقيا التى تزداد شراسة وقوة عاما بعد عام، ووصول الزمالك للنهائى كان فرصة لجميع الجماهير لأن تحصد بطولة باسم مصر، فآخر بطولة حصل عليها الزمالك كانت دورى الأبطال موسم 2002 من الرجاء المغربى وفى نفس الموسم حصل أيضا على كأس السوبر الأفريقى من الوداد المغربى أيضا، كما أن آخر بطولة حصل عليها الأهلى كانت فى عام 2013 عندما انتزع الأميرة الأفريقية من أورلاندو الجنوب أفريقى.
هى فرصة إذن لنستعيد طعم الفوز بالبطولات الكبيرة القارية والدولية، وكم كنا نتمنى أن يوفق الأهلى فى النهائيين الأفريقيين اللذين خسرهما أمام الوداد المغربى والترجى التونسى ويعود إلى كأس العالم للأندية، لكن قدر الله وما شاء فعل، وعلينا أن نسمو فوق البطولات المحلية وأن نعرف حجمها ودورها فى تأهيل الأندية والمنتخبات لبطولات أكبر وأهم، ويارب تكون كونفدرالية الزمالك بداية عهد جديد من البطولات للأندية والمنتخبات المصرية مستقبلا، وأولها كأس الأمم الأفريقية فى يونيو المقبل.