"إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه"، مثل شعبي دراج، يقال في الأرياف لدى عدم إمكانية الشباب في الحصول على وظيفة حكومية، حيث يرى البعض أن الوظيفة الحكومية هي الأهم في مسيرة الشاب.
هذه المقولة الشعبية رسخت أفكار سلبية ـ للآسف ـ عند البعض، وجعلت كثير من الشباب يعزفون عن النزول لسوق العمل الخاص، إنتظاراً للوظائف الحكومية، بالرغم من أن الجهاز الإداري للدولة يكتظ بالموظفين، وقد يكون مؤهل الشخص غير مطلوب، أو تقديره الجامعي لا يؤهله للالتحاق بوظيفة حكومية، ومع ذلك تبقى الأحلام في "الوظيفة" ملازمة للشاب، حتى يخرج من مرحلة الشباب ويدخل في مرحلة آخرى وهو ينتظر ويفضل الإنتظار دون البحث عن مشروع شخصي أو عمل خاص يدر عليه رزق حلال.
بعض الشباب تخلوا عن هذه الأفكار السلبية، وشقوا طريقهم، ورسموا مستقبلهم، من خلال الالتحاق بالقطاع الخاص، أو تنفيذ مشروع شخصي، وبعضهم بات الآن ضمن مصاف رجال الأعمال، وآخرين كبرت تجارتهم وتوسعوا في مشاريعهم.
بعض الشباب العازفون عن العمل بالقطاع الخاص، والمتلطعون على المقاهي يسهرون طوال الليل ويستيقظون عصراً، تنفق عليهم أسرهم، هم نفس الأشخاص الذين يترددون على مطاعم أكل ومشروبات وكافتيريات ومشروعات ناجحة أقامها الأشقاء العرب المتواجدين في مصر، ولم يفكر شبابنا في سر نجاح هؤلاء الأشخاص المغتربين في بلادنا، في حين أن شبابنا يتكاسل ومازال ينتظر العمل الحكومي، ويقضي معظم وقته إما على المقاهي أو على الانترنت.
الرغبة في الالتحاق بالعمل الحكومي، خاصة من غير المؤهلين لذلك، دفعهم للجنوح للطريق غير السليم، عن طريق تقديم رشوة لنصابين ومحتالين، أقنعوهم بقدرتهم على تعينهم في المؤسسات الحكومية، وما أن استولوا على أموالهم، اكتشف الشباب أنهم وقعوا فريسة لنصابين.
وبصفتي محرراً للشئون الأمنية، أرصد يومياً عدة قضايا تضبطها مباحث الأموال العامة، يقع ضحاياها الشباب الذين يلقون بـ"تحويشة" العمر بين أيدي النصابين طمعاً في الحصول على الوظيفة، ثم تتبخر أحلامهم عندما يستولي النصابين على أموالهم ويهربون.
عزيزي الشاب المنتظر للوظيفة الحكومية، عجلة العمر تدور ولن تتوقف، فإنهض من غفوتك وابحث عن فرصة عمل في قطاع خاص، أو مشروع شخصي، لتساهم في عجلة الإنتاج لبلدك، ولتكن شريك نجاح في إقتصاد وطنك، فلا تكن عبء على غيرك، بل كن أداة إنتاج ونجاح، وإن "فاتك الميري اتمرغ في تراب الخاص".