ذهب النبى عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، وبدأت الحياة تعتدل بعض الشيء، لكن الأحزان كانت هناك أيضا، فقد مات أبى أمامة أسعد بن زرارة، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "فصل فى موت أبى أمامة أسعد بن زرارة":
ابن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار أحد النقباء الاثنى عشر ليلة العقبة على قومه بنى النجار، وقد شهد العقبات الثلاث وكان أول من بايع رسول الله ﷺ ليلة العقبة الثانية فى قول، وكان شابا وهو أول من جمع بالمدينة فى نقيع الخضمات فى هزم النبيت كما تقدم.
قال محمد بن إسحاق وهلك فى تلك الأشهر أبو أمامة أسعد بن زرارة والمسجد يبنى أخذته الذبحة - أو الشهقة -.
وقال ابن جرير فى (التاريخ): أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، ثنا يزيد بن زريع، عن معمر، عن الزهري، عن أنس أن رسول الله ﷺ كوى أسعد بن زرارة فى الشوكة، رجاله ثقات.
قال ابن إسحاق: حدثنى عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال: قال رسول الله ﷺ: «بئس الميت أبو أمامة، ليهود ومنافقى العرب، يقولون لو كان نبيا لم يمت صاحبه، ولا أملك لنفسى ولا لصاحبى من الله شيئا".
وهذا يقتضى أنه أول من مات بعد مقدم النبى ﷺ، وقد زعم أبو الحسن بن الأثير فى (أسد الغابة) أنه مات فى شوال بعد مقدم النبى ﷺ بسبعة أشهر، فالله أعلم.
وذكر محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة: أن بنى النجار سألوا رسول الله ﷺ أن يقيم لهم نقيبا بعد أبى أمامة أسعد بن زرارة فقال: "أنتم أخوالى وأنا بما فيكم وأنا نقيبكم".
وكره أن يخص بها بعضهم دون بعض.
فكان من فضل بنى النجار الذى يعتدون به على قومهم أن كان رسول الله ﷺ نقيبهم.
قال ابن الأثير: وهذا يرد قول أبى نعيم وابن منده فى قولهما: أن أسعد بن زرارة كان نقيبا على بنى ساعدة، إنما كان على بنى النجار، وصدق ابن الأثير فيما قال.
وقد قال أبو جعفر بن جرير فى (التاريخ): كان أول من توفى بعد مقدمه عليه السلام المدينة من المسلمين - فيما ذكر - صاحب منزله كلثوم بن الهدم، لم يلبث بعد مقدمه إلا يسيرا حتى مات، ثم توفى بعده أسعد بن زرارة وكانت وفاته فى سنة مقدمه قبل أن يفرغ بناء المسجد بالذبحة - أو الشهقة -.
قلت: وكلثوم بن الهدم بن امرئ القيس بن الحارث بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصارى الأوسى وهو من بنى عمرو بن عوف وكان شيخا كبيرا أسلم قبل مقدم رسول الله ﷺ المدينة، ولما قدم رسول الله ﷺ المدينة ونزل بقباء نزل فى منزل هذا فى الليل؛ وكان يتحدث بالنهار مع أصحابه فى منزل سعد بن الربيع رضى الله عنهما إلى أن ارتحل إلى دار بنى النجار كما تقدم.
قال ابن الأثير: وقد قيل: إنه أول من مات من المسلمين بعد مقدم رسول الله ﷺ، ثم بعده أسعد بن زرارة، ذكره الطبري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة