استهلاك المياه المعدنية فى مصر قضية كبيرة جدا، وتجارة رائجة تدر المليارات على أصحابها، على اختلاف الأسماء التجارية للشركات التى تعمل فى هذا المجال، فالمستهلك غالبا لا يعرف الفرق بين مياه "الحنفية" والماء المُعبأ فى زجاجات بلاستيك، ويباع باعتباره مياه معدنية مُستخرجة من البئر الجوفى الفلانى، أو المنطقة الجبلية العلانية، دون وجود معلومات حقيقية مؤكدة عن مراحل تجهيز وتعبئة المياه المعدنية بالصورة الكافية، وهل فعلا تختلف عن المياه العادية أم لا؟!
وحتى نتفق ونتحدث من أرضية محايدة، المياه المعبأة ليست سيئة أو بها مشكلات أو ضارة على الصحة، بل هى أفضل من مياه الصنبور وتمر بدرجات معالجة ورقابة أفضل بكثير من الأولى، لكن السؤال الأهم هل تقدم للجسم مواد معدنية مهمة، مثل الكالسيوم والماغنسيوم، والبوتاسيوم، وغيرها من المواد التى نسمع عنها فى الإعلانات لدرجة أن بعض المستهلكين فى القرى والريف المصرى، يظنون أنها "موصوفة للمرضى"، وتساعد فى شفاء وجزء من علاج مرضى الضغط والسكر والكبد!!
الحقيقة لن تجد من يخبرك بصدق عن حقيقة المياه المعدنية، وهل فعلا تُعبأ من "الحنفية" كما يقول البعض، ثم تخضع لعمليات معالجة واختبار حتى تصل إلى المستهلك عديمة الطعم والرائحة، على عكس المياه العادية التي أصبح لها رائحة مميزة نتيجة تهالك الشبكات والمواسير القديمة الموجودة في باطن الأرض ومر عليها عشرات السنين، أم أنها فعلا تأتى من باطن الأرض عن طريق آبار جوفية عميقة، وتختلف عن مياه النيل.. ظنى أن هذه أسئلة لن تجد إجابات، وعلى وزارة الصحة أن تخبرنا بها وتقدم نماذج توعوية عنها، باعتبارها أمور تهم المستهلك ولها تأثير مباشر على الصحة.
الأسرة الصغيرة تستهلك من 6 إلى 8 لترات يوما من المياه المعدنية، بتكلفة حوالى 20 جنيها يوميا، و600 جنيه شهريا، وهذه بالطبع تكلفة إضافية على أى أسرة متوسطة الحال "موظفين"، مع العلم أن بعض الأسر تلجأ إلى " فلاتر المياه"، التى لن تجد أحد يتحدث عنها أيضا، وعن مدى جودتها وتأثيرها على الصحة، وخطورتها على الكُلى، حال تأخر صيانتها أو متابعتها وتغيير هذه الفلاتر كما ينبغي، لذلك هذا أمر يحتاج إلى مراجعة جادة، خاصة أن هذه الفلاتر باتت في كل منزل وانتشرت بصورة غير مسبوقة، ويتم الترويج لها حتى في القرى والنجوع الفقيرة.
الموضوع يحتاج إلى متابعة جادة من جانب الأجهزة المعنية للتوعية بفوائد وأضرار المياه المعدنية وكيف نحكم على مستوى جودتها، وأى الأنواع يتم شراؤها أو الابتعاد عنها، مع التأكيد على نفس مستوى التوعية فيما يخص الفلاتر المنزلية، التي باتت داخل كل بيت، خاصة أن نسب ومعدلات الإصابة بأمراض الكلى مازالت مرتفعة فى مصر، وهذا أمر يحتاج إلى مراجعة جادة وتوعية حقيقية بهذه القضية.