تابعت ككل المصريين والعرب والمسلمين جميعا السجال الفكرى بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب والدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، بمؤتمر الأزهر العالمى للتجديد فى الفكر الإسلامى، بحضور علماء مسلمين من 46 دولة حول العالم، فى الجلسة الأخيرة للمؤتمر والتى كانت بعنوان "دور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية فى تجديد الفكر الإسلامي"، والتى رأى فيها الخشت ضرورة تجديد التراث الدينى بما يتناسب مع مقتضيات العصر الحديث وهذا لا يتضمن ترميم بناء قديم بل تأسيس بناء جديد بمفاهيم حديثة للوصول إلى عصر دينى جديد.. بينما أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب على أهمية التراث الذى خلق أمة كاملة وسمح للمسلمين بالوصول إلى الأندلس والصين، وأن تصوير التراث بأنه يورث الضعف والتراجع مزايدة عليه، وأن التجديد مقولة تراثية وليست حداثية.
وكانت المفاجأة أن المتابعين والمهتمين والإعلام هع والسوشيال ميديا قد تركوا المؤتمر وتوصياته وما خلص إليه إلى إذكاء روح الفتنة بين كلام الأستاذ وتعقيب الإمام وهذا يدعونا إلى تحديد عدد من الملامح فى تلك الأزمة على النحو التالي:--
أولا.. أن هذه المساجلة وذلك الحوار كان نقاشا علميا مهذبا وراقيا افتقدناه طويلا حول مسألة تجديد الفكر الإسلامى، وهو الأمر الذى يجعلنا نتحسس كلامنا عندما نؤكد أن هذه المناوشة الفكرية كانت عميقة بالدرجة التى لم يدركها دعاة الفتنة والذين انبرت أقلامهم وحناجرهم للهجوم على الإمام من ناحية أو الأستاذ من جانب آخر.
ثانيا.. قبل أن يرد الإمام على مداخلة الأاستاذ قال إن الدكتور محمد الخشت يعلم ما بينى وبينه من صداقة وبيننا مناوشات فكرية كبيرة، بينما قال الأستاذ إنه يحترم الأزهر بشدة ويتفق معه فى بعض الأحيان ويختلف معه فى أخرى.. مما يؤكد على تلك العلاقة الطيبة التى تربطهما والسمو الفكرى الذى يجمعهما.
ثالثا.. لاحظ المركز الوطنى للدفاع عن حرية الصحافة والاعلام أن مجتمع السوشيال ميديا انبرى هو الآخر للنيل من رأى الأستاذ أو الهجوم على رأى الامام دون أن يدرك البعض القيمة الحقيقية العظمى لهذا السجال الفكرى وكأنهم يتحدثون عن أغانى المهرجانات والثقافة المتردية التى أوصلتنا لحالة الثقافة الضعيفة التى لا تضيف إلى تجديد الخطاب الديني.
رابعا.. رغم سمو مداخلة الأستاذ وعبقرية رد الإمام فإن دعاة الفتنة وجدوها فرصة سانحة لتعميقها وبيان أن مصر تشهد فتنة كبرى وأن الأزهر بعالمية رسالته لم يعد قادرا على تطوير نفسه، وهو الأمر الذى ينال من مصر واستقرارها وينال من قوته الناعمة وعلى رأسها الأزهر الشريف الذى سيبقى أبد الدهر منارة دينية وعلمية وثقافية ليس لها نظير.
خامسا.. أن هذا السجال الفكرى يؤكد أن لدينا من العقول والافكار التى يمكن أن تتبارى فى سمو ورقى افتقدناه طويلا بعيدا عن تأويل الامور إلى غير ما تقصد من سمو فهم ورقى عبارات ونبل مواقف.
أخيرا.. يدعو المركز الوطنى للدفاع عن حرية الصحافة والإعلام أصحاب الرأى والفكر وأصحاب الرسالة الإعلامية إلى تعظيم هذا الحوار الذى لم نعتاده طويلا، وعدم السير فى طريق الفتنة التى يمكن أن تنخر فى حوارنا الراقى الذى يشير إلى أن مصر بها من القامات الفكرية التى تنتج دوما علما وفكرا ينير العالم كله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة