ـ حسن نصر الله يستخدم قوة السلاح لفرض إرادته السياسية
ـ حزب الله يدير اللعبة السياسية في لبنان.. وانفجار المرفأ كرس انهيار مؤسسات الدولة
ـ نراهن على أصدقاء لبنان ودعمهم لخلق واقع سياسي جديد
ـ مشاورات "الغرف المغلقة" وراء تأخر العملية السياسية
ـ سلمت ماكرون رسالة تضم "خارطة طريق".. والحكومة المستقلة لن تكون دون ضغط شعبي وخارجي
ـ التوقيفات بحق عدد من المسئولين على خلفية حادث مرفأ بيروت "مضحكة"
ـ تعديل قانون الانتخابات النيابية وإجراء انتخابات مبكرة سيسهم فى إخراج لبنان من الوضع الراهن
ـ نؤيد تشكيل حكومة مستقلة بعيدة عن المحاصصة لاستعادة ثقة الشعب بدولته
ـ لا نريد أن نكون جزءا من التسويات السياسية التى دمرت لبنان
مشهد أقل ما يوصف به أنه" متأزم" بكل ماتحمل الكلمة من معنى .. الرابع من أغسطس هو الحد الفاصل بين لبنان القديم ولبنان الجديد، فثانى أقوى انفجار فى العالم والذى وقع بعنبر12 فى مرفأ بيروت أصبح "كلمة السر" فى تغييرات كبيرة قد تعيد تشكيل مشهد لبنان السياسى، حيث فتح الباب على مصرعيه أمام تقاطر إقليمى دولى صوب بيروت لوضع مسارات سياسية جديدة والمساهمة فى مساعدة اللبنانيين، وأشعل هذا الانفجار فتيل النزاع السياسى، كما فتح له عدة محاور أهمها المطالبة بتحقيق دولى والاتهامات الموجهه لحزب الله بضلوعه فى الحادث بشكل أو بآخر، مرورا بالجدل السياسى حول تشكيل حكومة مستقلة واستقالة رئيس الجمهورية، وتقصير ولاية مجلس النواب وصولا لانتخابات نيابية مبكرة.
وجاء قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فى لاهاى بشأن قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحرير ليزيد المشهد ارتباكا، حيث أدانت عنصر ينتمى لحزب الله دون توجيه إدانة مباشرة لقياداته أو الدولة السورية على عكس كثير من التوقعات .
تزامن هذا مع أزمتين طاحنتين، الأولى حبس أموال المودعين فى المصارف، ما أطلق احتجاجات الغضب على السياسات الاقتصادية، والثانية بسبب فيروس كورونا الذى ألقى هو الآخر بظلاله على بلد منهك من كافة الجوانب.. دفعتنا هذه المعطيات للتساؤل حول تداعيات كل هذه المتغيرات على الأوضاع السياسية فى لبنان ، ومستقبل البلد بعد استقالة حكومة حسان دياب ، وانعكاسات حكم قضية الحريرى على المشهد فى ظل التجاذبات الدولية ، حملنا علامات الاستفهام التى لدينا لأقدم الأحزاب اللبنانية وأحد أهم مكونات السياسة فى لبنان، وهو حزب الكتائب الذى أعلن مؤخرا استقالة أعضاءه من مجلس النواب على خلفية حادث مرفأ بيروت الذى فقد فيه الأمين العام للحزب نزار نجاريان.
سامى الجميل رئيس حزب الكتائب أكد، فى حوار خص به اليوم السابع من بيروت ، أن لبنان رهينة بيد حزب الله وليس من مؤشرات واضحة تقود لفك الطوق من على رقاب شعب عانى ما يكفى وقدم ثمنا باهضا لهذا الوضع.
وعول الجميل على حادث مرفأ بيروت كنقطة انطلاق للبنان الجديد ، مشيرا لضرورة إجراء انتخابات نيابية مبكرة وتشكيل حكومة مستقلة كبداية لتصحيح المسار، مؤكدا أن الدعم العربى و الدولى إلى جانب التحرك الشعبى هو السبيل لإنقاذ البلاد من الانهيار..كما تطرق لملف انفجار مرفأ بيروت والمستقبل السياسى للبنان وغيرها من الملفات المطروحة على الساحة اللبنانية ..وإلى نص الحوار:
* ذكرت فى تعليقك عقب الحكم فى قضية اغتيال رفيق الحريرى أنه كان متوقعا..فسر لنا؟
نحن نثق بالمحكمة الدولية، الحكم كان بحق من أثبتت له الأدلة القاطعة ، والباقون لم تتوفر لهم الأدلة الكافية لكن هذا لا يعنى أنهم غير متورطين، ولم يكن الحكم مفاجأة لأننا نعلم أن المحكمة لا تدين أشخاصا اعتباريين بل أشخاصا طبيعيين والادعاء كان على أشخاص والحكم لا يخرج عن إطار الادعاء، وبالتالى الحكم أكد على مصداقية المحكمة .
ولا ننسى أنه تم العبث من قبل القائمين على الجريمة بمسرح الحادث لمحالوة إخفاء الأدلة وهذا صعب مهمة المحكمة، ولكن بالنهاية الحكم أثبت تورط عنصر منتمى لحزب الله فى الجريمة ، والفضل فى كشف شبكة اتصالات بين منفذى الجريمة يعود لوسام عيد الضابط بالأمن الداخلى فى لبنان وتم اغتياله نتيجة هذا الكشف.
*ما تداعيات هذا على المشهد السياسى فى لبنان ؟
المشهد اللبنانى لا يرتبط بالحكم ، فلبنان رهينة بيد حزب الله سنوات طويلة والشعب اللبنانى يدفع الثمن من أمنه واقتصاده واستقراره، ونتساءل إلى متى سيبقى وطننا رهينة ، إلى متى يدفع شعب لبنان الثمن ، وشبابها يتقوون للهجرة لفقدانهم الأمل فى بلادهم ، ندفن أبنائنا وأصدقائنا تحت التراب؟!
نعول على أن يكرس انتهاء لبنان القديم، وبناء لبنان حر مستقر وحضارى وقابل أن يستوعب أحلام شبابه .
*تتجه الأمور للهدوء النسبى ما قد يحمل فى باطنه مؤشرات تسوية ما جرت يترتب عليها تولى الحريرى الحكومة الجديدة، ما تقديرك لصحة هذه الرؤية؟
لا أدرى بما يجرى بمطبخ المنظومة السياسية التى أوصلت لبنان إلى ما هو عليه الآن ، لكن المؤكد أن هناك حالة معارضة داخل المجتمع اللبنانى تريد التغيير ونحن جزء لا يتجزأ منها ، فنحن نريد تغييرا حقيقيا فى المشهد السياسى وأول ملامحه تشكيل حكومة مستقلة بمعزل عن المنظومة السياسية
وأرى أن مهمة هذه الحكومة فى المرتبة الأولى استعادة ثقة الشعب والمجتمع الدولى بلبنان، وإعادة إعمار بيروت وتنظيم انتخابات نيابية مبكرة ليتمكن الشعب من محاسبة المسئولين وإبراز وجوه وكفاءات جديدة تتولى زمام الأمور فى الفترة القادمة .
*هل تؤيد حكومة يرأسها سعد الحريرى؟
الحكومة القادمة يجب أن تكون مستقلة بالكامل عن كافة الأطراف السياسية فى البرلمان ، لاستعادة ثقة الشعب حتى تكون منزهة عن الأداء الذى تسبب فى وصول البلاد إلى الأوضاع الحالية.
* هل تنظر لاستقالة الحكومة باعتبارها خطوة ضمن خطوات التغيير الفاعل؟
هذا يتوقف على طريقة تشكيل الحكومة الجديدة، إذا كانت مستقلة تماما عن التيارات والأحزاب السياسية ، لكن تكرار التجارب السابقة سيكون مضيعة للوقت وإضرار بمستقبل لبنان .
*بالنظر للمؤشرات الحالية، ما مدى إمكانية تشكل حكومة بمعزل عن "المحاصصة" ؟
طالما ظل مجلس النواب مكونا على نفس نسقه الحالى أى 95 % من تشيكلته من "المافيا" السياسية التى تقوم بتسويات على السياسة الخارجية والمالية العامة فلن تأتى حكومة مستقلة، فهم من نفذوا التسوية السياسية التى أتت بميشال عون رئيسا فى عام 2006 ، وجميع من فى المجلس وافق فيما عدا نحن.
وسط مطالب بإجراء انتخابات نيابية مبكرة..هل ترى أن إجراءها وفق القانون الحالى سيكون مجديا ؟
ليس هناك أى قانون يمنع إرادة الشعب من تغيير المعادلة داخل البرلمان ، فإذا كانت هناك إرادة شعبية وإصرار الشعب على التغيير فسوف يحدث حتما.
نحن ندرك أن تغيير القانون يحتاج وقتا كبيرا ولكن لا يجب الارتكان لضرورة تغييره كذريعة للإطاحة بمبدأ الانتخابات ، لا نريد أن يكون تغيير القانون ذريعة لتأجيلها أو عدم الالتزام بتوقيت إجرائها.
*استقالت الحكومة منذ العاشر من أغسطس..برأيك ما الأسباب وراء تأخر دعوة الرئيس للاستشارات النيابية؟
لأن النظام والقائمين عليه اعتادوا مشاورات "الغرف المغلقة" والتسويات والاتفاقات السياسية ، لا يحترمون إرادة الشعب ، واتفقوا على تقاسم مقدرات الدولة فيما بينهم والتوحد على مصالحهم .
ما الدور الذى يلعبه حزب الله محليا وإقليميا؟
نعتبر أن "حزب الله" عراب هذه الاتفاقات وهو من يدير اللعبة السياسية فى لبنان. فلبنان رهينة بيد "حزب الله " الذى زعزع استقرار البلاد وجلب العقوبات الاقتصادية عليه وعزله عربيا ودوليا ما أدى فى النهاية إلى الأزمات الاقتصادية وشلل حركة الاستثمارات، وليس من مؤشرات واضحة تقود لفك الطوق من على رقاب شعب عانى ما يكفى وقدم ثمنا باهضا لهذا الوضع.
وزعزع هذا الحزب أيضا أمن المنطقة واستقرارها عبر استخدامه ميليشيا مسلحة تتدخل فى شئون بعض دول المنطقة، أيضا يستخدم قوة السلاح بالداخل لفرض إرادته السياسية وهذا ما حدث عام2011لإسقاط حكومة الحريرى، واحتلاله بيروت فى أحداث 7آيار (مايو) 2008 ، فلا يمكن للبنان أو لأى بلد بناء دولة قانون فى ظل وجود ميلشيا مسلحة على أرضه.
وهذا الحزب يتفاخر بأن دعمه المالى وتسليحه وأيضا غطاءه السياسى يأتى من طهران، فهو لا يمثل مشكلة محلية للبنان فقط بل إقليمية دولية
وكى نتمكن من مواجهة دعم خارجى لحزب داخلى فيجب أن تعمل الدول الأخرى على لجم هذا التدخل الخارجى بشئوننا الداخلية.
سامى الجميل
*تقدمت كتلة الكتائب باستقالتها دون أى يلحق بها أى من الكتل السياسية الأخرى ، ألا ترى استعجالا فى القرار؟
الكتل النيابية الكبيرة لم تستقل لأنها جزء من هذه المنظومة السياسية التى انتخبت الرئيس عون وشكلت الحكومات منذ 5سنوات وأقرت القانون الانتخابى الذى أتى بحزب الله على رأس السلطة ويؤمنون لبعضهم النصاب وقت الضرورة.
نحن الآن ننحاز للشعب وليس لهذه المنظومة وسنظل داعمين للشعب اللبنانى ونقاوم إلى جانبه ولن نكون جزءا من التسويات التى دمرت لبنان ، فنفضل أن نكون خارج سياق المنظومة السياسية للوقوف إلى جانب المواطن اللبنانى، لابد من العودة للشعب ونعطيهم الفرصة للمحاسبة وهو من يتولى الاختيار ممثليه .
كلما نزف لبنان سينزف معه العلم الكتائبي وعلينا ان نكون على قدر التضحية وقدر انتفاضة "نازو" ونلتزم بطيبة قلبه وحبه للبنان والحزب، وسنبقى نرفع الرأس بلبنان والكتائب
ننتقل لملف انفجار المرفأ..هل ترى أن التوقيفات بحق عدد من المسئولين على خلفية الحادث ترسخ للثقة فى جدية التحقيقات ؟
هذه التوقيفات أو المساءلات"مضحكة" وأمر يدعو للسخرية، لأن مسئولية هذا الحادث سياسية بالدرجة الأولى ، والمتهم الحقيقى رأس الهرم الإدارى والسياسى فى الدولة، فتخزين هذه الكمية من المواد الخطرة وتخزينها مدة6سنوات هى قرار سياسى، وبغطاء سياسى .
ولابد من محاسبة المسئولين فى الدولة على جرائمهم بحق هذا الشعب.
هل ترى أن هذا الانفجار سيغير مجريات الأحداث فى لبنان؟
بلا شك أن الانفجار كرس انهيار مؤسسات الدولة وعدم قدرتها على إدراة شئون البلاد على كافة المستويات، وتداعياته الاقتصادية والمالية كبيرة جدا فلبنان يمر بازمة اقتصادية خانقة سبقت الانفجار بوقت كبير ، والحادث جاء ليضاعف حجم المأساة التى يعشيشها اللبنانيون
وأؤكد أن كل شئ متوقف على قدرة اللبنانيين لإحداث تغيير فى الطبقة السياسية والحكومة الجديدة، ونظام إدارة الدولة للنتقل إلى مرحلة جديدة مع طبقة سياسية وواقع سياسى جديد ونعول على مساعدة أصدقاء لبنان من الدول العربية والأجنبية ، فالشعب اللبنانى لم يعد قادرا على تحمل مزيد من المعاناة ، يريد بلدا مستقرا قادرا على تأمين العيش لأبنائه ، وهذا لن يتحقق إلا بواقع سياسى جديد، عبر عدة خطوات منها انتخابات نيابية مبكرة.
سامى الجميل يتحدث لليوم السابع
كيف تقيم الدور العربى فى هذه الأزمات التى يمر بها لبنان ؟
بلا شك دورهم فى غاية الأهمية فلبنان له أصدقاء تاريخيون ، ونحن نعول وعلى أصدقائنا أن يكونوا صوت شعب لبنان..من لا صوت له، و مصر فى صدارة تلك الدول فهى صديقة تاريخية للبنان وكانت دائما داعمة لنا بقوة، ونعول كثيرا على دورها الرائد بالمنطقة .
وماذا عن الدور الفرنسى فى الأزمة؟
فرنسا تقوم بدور الوساطة فهى على تواصل بجميع الفرقاء السياسيين ونتمنى أن تصل لنتيجة.. التقيت مع الرئيس ماكرون ووكيل الخارجية الأمريكية ديفيد هيل.
هل لك أن تطلعنا على المناقشات التى جرت فى هذه اللقاءات وأى توجه يدعمون ؟
كل الدول تحاول إيجاد حلول وفرنسا تحاول ان تكون وسيطة وتقدم مبادرات وهذا محور النقاش الذى جرى، لكن نواجه عقبتين حزب الله والمنظومة السياسية المتواطئه مع الحزب .
أثناء زيارة الرئيس الفرنسى سلمته رسالة..هل لك أن تطلعنا على فحواها؟
كانت الرسالة عبارة عن اقتراح بخارطة طريق لإخراج لبنان من كبوته على مراحل، الأولى قصيرة المدى تشمل إعادة إعمار ما هدمه انفجار مرفأ بيروت ومساعدة الشعب لتجاوز المحنة وهذه المساعدات لابد ألا تمر عبر مؤسسات الدولة أو الحكومة لأننا لا نثق فى كيفية توزيعها ، والمرحلة الثانية إجراء تحقيق دولى فى حادث المرفأ
المرحلة الثالثة حكومة مستقلة بالكامل لاستعادة ثقة الشعب والمجتمعين العربى والدولى لإنقاذ لبنان ، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة بإشراف دولى يضمن شفافيتها ويجب أن تكون الحكومة التى تدير هذه الانتخابات حيادية ، والمجلس النيابى المنتخب تكون مهمته الاولى وضع كافة قضايا ومشكلات الشعب على طاولته ويملك من الشرعية الشعبية لمعالجة تلك المشكلات بشكل حقيقى، وأهم تلك الملفات السلاح غير الشرعى فى لبنان ، علاقته بمحيطه الإقليمى وتحييده من كافة الصراعات ، تطوير او خلق نظام سياسى جديد قادر على ترسيخ الدولية المدنية وتفعيل الآليات الدستورية .