لا أعرف سبباً لأعمال التكسير والتدمير فى شارع الثورة بالدقى، بعد إزالة الأرصفة القديمة، التى كانت بحالة فنية جديدة جداً ولا يوجد بها أى خلل، وما نجم عن ذلك من تشويه الشارع، وإنفاق أموال من خزينة الدولة دون جدوى، بالإضافة إلى أعمال إزالة للأكشاك المرخصة من المحافظة، وبات أصحابها الآن فى الشارع يبيعون بضاعتهم فى العراء.
البعض سيقول إن الرصيف قديم ويحتاج إلى تجديد، ونحن لا نعارض هذا الاتجاه لكن لماذا لم تخطط محافظة الجيزة لهذه العملية، خاصة أن سور المتحف الزراعى المتاخم لأرصفة شارع الثورة "آيل للسقوط"، ويعانى منذ سنوات من شروخ عرضية كبيرة وتصدعات يعرفها كل من يسير بجواره، فهل مع إزالة هذا السور الضخم سنلجأ إلى تكسير الرصيف مرة أخرى، وتجديده ورصد ميزانيات وأموال تدفعها الدولة، التى فى أمس الحاجة إلى توفير كل قرش للإنفاق على التعليم والصحة وبناء الإنسان!!
ما يحدث في شارع الثورة نموذج لما يصير فى العديد من الشوارع، والمتهم الأول المحليات وسوء التخطيط، وهذا يذكرنى بمثال قديم أراه نموذجاً لغياب التخطيط المستقبلي، وهو شارع "فيصل" في الجيزة، الذى تم شقه ورصفه بعد شارع الهرم بسنوات، فالأول أقدم وأهم، لكن بعد ازدحامه ومشكلاته المرورية التي لا تنتهى كان البديل شارع فيصل، الذى لم يكن هناك تخطيطاً مستقبلياً على الإطلاق عند تأسيسه فجاء أضيق من شارع الهرم وتحول سريعاً إلى بؤرة زحام وتكدس، وبدلا من حل مشكلة المرور فى الهرم خلقنا مشكلة جديدة اسمها فيصل والهرم.
إدارات التخطيط في الأحياء، خاصة محافظة الجيزة "بعافية شوية"، فلا يوجد دور حقيقى لهذه الإدارات، ولا تقدم ما يخدم المجتمع ويحافظ على أموال الدولة، التي يتم إلقاؤها على الأرض من أجل بناء رصيف وتكسير آخر، وكأن الميزانيات المرصودة والأموال المخصصة للتطوير والإصلاح لآبد أن تنفق حتى ولو كان هذا الإنفاق دون جدوى.
شارع الثورة يعانى من حالة تكدس مرورى واضحة، خاصة مع وجود مدرسة جمال عبد الناصر في قلب الشارع، وعدد من المؤسسات الإدارية والشركات والبنوك، ومع ظاهرة "السايس" التي تؤرق الجميع، تحول الشارع إلى جراج كبير، ومع ذلك بدأت محافظة الجيزة في تقليل حجم الرصيف الموجود في الشارع الآن ليصبح نصف القديم تقريباً من أجل تحويله إلى جراج فعلى وتأجيره بعد القرار الأخير الذى أصدره المحافظ بإطلاق يد الأحياء فى تأجير المساحات الجانبية من الأرصفة للسيارات الخاصة بالشركات والبنوك والمدارس وحتى الأفراد.
تكسير شارع الثورة يحتاج إلى تحقيق ومتابعة من جانب الحكومة، وعلى محافظة الجيزة أن تبدى أسبابها حول المرصود من أموال لهذه الأعمال، ولماذا لم يتم توجيهها إلى المناطق الأولى بالرعاية أو القرى الفقيرة، خاصة أن الأرصفة كانت جيدة، كما يجب تعويض أصحاب الأكشاك الذين أصبحت بضائعهم في الشارع!