تراخيص البناء قضية تشغل بال كل مواطن، فالأمر لا يتوقف فقط عند حائز الأرض الذى يرغب فى بناء عقار، لكن الموضوع له أبعاد عديدة ودوائر متصلة، تبدأ من العمالة التي تجد مصدر رزقها في قطاع المقاولات وأعمال البناء، مروراً بشركات الحديد والأسمنت والسيراميك والأدوات الصحية والدهانات، وصولا إلى شركات الأثاث والأجهزة الكهربائية، فكل هذه السلسلة مرتبطة بتراخيص البناء، التي توقفت منذ شهر إبريل 2020 ومنتظر أن تبدأ بصورة تدريجية خلال أيام.
تعطيل العمل في القطاع العقارى يتسبب في خسائر كبيرة، قد يرى البعض أنها غير مباشرة أو ملموسة، إلا أنها تشكل خطورة كبيرة، خاصة أنها ترتبط بشريحة كبيرة من العمال في قطاع المقاولات، والعمالة اليومية والموسمية، التي لا تتمتع بغطاء تأمينى، لذلك يجب أن يتم مراعاة هذه الفئة من جانب الحكومة، والإسراع في التنفيذ الفعلى لضوابط منح تراخيص البناء الجديدة.
تعطيل تراخيص البناء ليس في مصلحة أحد، فعلى الرغم من إصدار وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، الاشتراطات الخاصة بمعايير البناء الجديدة منذ 5 أشهر كاملة، إلا أن المحليات، ممثلة في وزارة التنمية المحلية، والأحياء وأجهزة المدن لم تشرع فعلياً فى التنفيذ، ولم يخرج الأمر عن مجموعة تصريحات للواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية، أكد خلالها أن تراخيص البناء ستبدأ تجريبياً اعتباراً من أول مايو المقبل ولمدة شهرين، في 27 حى ومركز مدينة على مستوى الجمهورية، ثم يتم بعد ذلك تعميم التجربة، وهذا يعنى أن هناك المزيد من الوقت الضائع والأموال في هذا القطاع الحيوى.
التوقف عن إصدار تراخيص البناء فى المدن أو الريف لفترات طويلة يؤثر بصورة مباشرة على العمالة الموجودة في قطاع المقاولات، التي فقدت آلاف الوظائف على مدار الفترة الماضية، نتيجة وقف التراخيص من جهة، وانتشار فيروس كورونا من جهة أخرى، وهذه قضية تستحق الاهتمام والمتابعة، خاصة أن هذا القطاع كثيف العمالة، ومصدر رزق لآلاف الأسر المصرية، كما أنه يؤثر بصورة كبيرة على الصناعات المرتبطة بالتنمية والبناء، مثل الأسمنت والحديد والسيراميك والأدوات الصحية، والدهانات، ومن يعملون في تلك القطاعات، الذين إما أن يخسروا وظائفهم أو يتعرض عدد كبير منهم للتسريح وفقدان مصدر رزقه، نتيجة ضعف العوائد وحجم الإنتاج.
يجب أن تكون هناك معايير واضحة وشفافة في التعامل مع قضية منح تراخيص البناء، لما لها من تأثير مباشر على قطاع المقاولات والصناعات المرتبطة بها، وعلى مراكز المدن الأحياء سواء في القاهرة الكبرى والمحافظات أن تكون أكثر حسماً وإنجازاً فى الموافقات المرتبطة بهذه التراخيص، وأن يتجاوز الموضوع الروتين المعهود من جانب المحليات، والتفاصيل الصغيرة التى يتم اختراعها لتعطيل " المراكب السايرة" كما يقول أبناء البلد، بل يجب أن تكون هناك شفافية ووضوح للإجراءات المتبعة والأوراق المطلوبة، بحيث يحصل كل من يستحق على الترخيص، وليس كل من يدفع للترخيص، حتى لا تتكرر مأساة ملايين العقارات المخالفة التي نعيش مشكلاتها الآن.
يجب أن تتجاوز الأحياء ثقافة الروتين، ودوائر المماطلة والتسويف، وحل آلاف الشكاوى الناتجة عن تراخيص البناء، حتى لا يتحول الموضوع إلى سبوبة وباب خلفى للفساد كما كان في السابق، وهذه قضية يجب أن تكون محل متابعة من جانب الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الحكومة، ويجب اتخاذ خطوات فعلية على الأرض لتفعيل الحصول على تراخيص البناء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة