حياة المصريين.. الهكسوس تسربوا لحياة المصريين ولم يظهروا فجأة

الإثنين، 09 أغسطس 2021 03:00 م
حياة المصريين.. الهكسوس تسربوا لحياة المصريين ولم يظهروا فجأة موسوعة مصر القديمة الجزء الرابع
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تكن حياة مصر سهلة أبدا، فهى على قوتها كانت العيون عليها، ونتابع التوقف مع موسوعة مصر والجزء الرابع الذى يأتي بعنوان "عهد الهكسوس وتأسيس الإمبراطورية".
ويقول العالم سليم حسن في تمهيد الكتب:
 
إن عصر الدولة الوسطى — وقد فصَّلْنا القولَ فيه على قدر ما سمحتْ به مصادرنا — عهدُ حضارة وثقافة وفن عظيم، فلقد قَطَعتْ فيه مصر شوطًا بعيدًا، صاعدة فى معارف الرقى الإنسانى من جميع نواحيه، ولكن ما لبث هذا العهد أن انقضى، وخَلَفَه عهد مظلم حالك، لا يكاد المؤرخ المحقِّق يَلْمح فيه ما يهديه إلى حال البلاد ونظمها ومقدار ثقافتها، اللهم إلا ومضات لا تكاد تلمع حتى تخبو، ثم تتوالى جحافل الظلام وتتلاحق بعد ذلك، فتحجب كلَّ شىء فى جوفها القاتم العابس. 
كان ملوك هذه الدولة لا يكاد يستقر أحدهم فى عرشه حتى تتزلزل قواعده، ويهوى بين عشية وضحاها، وهكذا ظلَّت هذه الحال المفجعة تطغى على البلاد على إثر سقوط الأسرة الثانية عشرة، حتى حوالى ختام الأسرة الثالثة عشرة، عندما ظهر على مسرح السياسة المصرية قومٌ مِن الأجانب ملكوا أزمَّة البلاد، وريفها بخاصة، وتَحكَّموا فى أقدارها قرابة قرن ونصف قرن من الزمان.
 
وتدل معلوماتنا الحديثة على أن هؤلاء المغتصبين لم يهبطوا على البلاد فجأة فاستولوا عليها كما يزعم المؤرخون، ولكنهم تسرَّبوا إليها ببطء وعلى مهل، حتى إذا نشروا ثقافتهم ومبادئهم، ووضَحَتْ أمامهم سبل مصر وشعابها، انقضُّوا عليها بجيش جرَّار، سيطروا به على الدلتا فى بادئ الأمر، ثم امتد سلطانهم إلى مصر الوسطى، ولقد ألحق المصريون بهؤلاء الغزاة كلَّ نقيصة متأثرين بعدوانهم، فسمَّوْهم «الهمج» و«الهكسوس» (الرعاة) و"الطاعون" إلى غير هذه الأسماء التى يُضْفيها المغلوب على المغتصب القاهر.
 ولم يكن هؤلاء الغزاة الذين اجتاحوا مصر جملةً حوالى عام 1730ق.م همجًا ولا متوحشين — كما تُحدِّثُنا التقاليد التاريخية التى وصلت إلينا عن تاريخ كتَّاب الإغريق — بل كانوا مثقفين ذوى حضارة وعرفان، فنَهِلَت مصر من موردهم، واستنارت بمدنيَّتهم التى انتظمت فنون الحرب ونواحى الصناعة، وأَخذَت عنهم كثيرًا من المخترعات التى لم تُعرف قبلُ فى وادى النيل، ولقد كان ذلك حافزًا لنا على إفراد فصلٍ من هذا الكتاب لِبَحثِ أحوال أولئك الأجانب، وما خلَّفوه فى البلاد من آثارٍ، وكيف هاجروا إليها أولًا، ثم كيف غَزَوْها جملةً، ومن أين أَتَوا، وإلى أى السلالات البشرية يَنتسِبون، وغير ذلك من المسائل المعضلة فى تاريخ هؤلاء القوم.
 
ولقد عُنِينا بتحقيق مدة إقامتهم فى ديارنا، إلى أن استيقظ الروحُ القومى، وهبَّ الوعى المصرى، وشَعَرَ بما تعانيه البلاد من ذل ومهانة، فى ظِلِّ الحكم الأجنبى الغاصب، وسيطرتِه على معظم تربة مصر، وهى أرض الدلتا التى تفيض بالثراء، ومصر الوسطى التى تنعم بأجمل الأجواء، وأطيب الغلات؛ من أجل ذلك هبَّ المصريون إلى ساحة القتال يناضلون عن استقلال بلادهم، يقودهم سلسلة من ملوك مصر الشجعان، لتخليص البلاد من النِّير الأجنبي، فاستُشهد منهم من استشهد فى ساحة الشرف مدافعًا عن أرض الكنانة، وناضل منهم من ناضل حتى مات حَتْف أنفه، إلى أن قيَّض الله لمصر النصر النهائي، وتحرَّرَت البلاد منهم على يد الفرعون العظيم "أحمس الأول"، الذى طارد العدوَّ المستعمِر حتى خارج حدود مصر .









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة