"نقد القصة القصيرة فى مصر" لـ خالد عاشور كتاب عن تحولات الفن والإبداع

الأحد، 30 يناير 2022 07:00 ص
"نقد القصة القصيرة فى مصر" لـ خالد عاشور كتاب عن تحولات الفن والإبداع القصة القصيرة
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نلقى الضوء على كتاب " نقد القصة القصيرة فى مصر.. تحولات النقد والإبداع" لـ الدكتور خالد عاشور، والذى ينطلق من فكرة أنه لم يحظ نقد القصة القصيرة فى مصر بما يستحقه من رصد وتأريخ ونقد، فيما يعرف بـ"نقد النقد" ((Meta criticism، وذلك على الرغم من اتساع دائرة النشاط النقدى حول ذلك الفن، منذ استنباته فى تربة الإبداع المصرى فى بديات القرن الماضي، متأثرًا باتجاهات النقد الأدبى السائدة على مدى هذا التاريخ.
 
وعلى عكس القصة القصيرة حظى نقد الأجناس الأخرى بدراسات عديدة، مثل كتاب اتجاهات نقد الشعر فى مصر للدكتور عبد الواحد علام، وكتاب "نشأة النقد الروائي" للدكتور على شلش، وكتاب "نقد الرواية فى الأدب العربى الحديث فى مصر" للدكتور أحمد إبراهيم الهواري، وغيرها من الدراسات والرسائل العلمية فى الجامعات المصرية.
 
من هنا تأتى أهمية هذا الكتاب الجديد للإعلامى الدكتور خالد عاشور بعنوان: "نقد القصة القصيرة فى مصر .. تحولات النقد والإبداع" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب فى مائتين وخمس وسبعين صفحة من القطع المتوسط. مشتملًا على ثلاثة أبواب، يحتوى كل باب على فصلين.
 
ترصد هذه الدراسة النشاط النقدى الذى دار حول فن القصة القصيرة فى مصر منذ مطلع ستينيات القرن الماضى حتى مطلع التسعينيات منه، وهى الفترة التى شهدت تبلور فن القصة واكتماله، كما شهدت تبلور ونضج الحركة النقدية المصرية خاصة تلك التى دارت حول فن القصة القصيرة.
 
ولقد استعان المؤلف على رصد تحولات الإبداع القصصى ونقده عبر هذه السنوات، بالرجوع إلى الصحافة الأدبية الصادرة آنذاك والتوثيق المباشر منها، قبل أن تتحول الدراسات المنشورة على صفحاتها إلى كتب مستقلة قد لا يلمس قارئها طزاجة وآنية اتصالها بالواقع الأدبى والثقافى كما يلمسه عند قراءة الدراسة أو المقالة على صفحات المجلة وقت صدورها. وهذا ما يفسر عنوان الكتاب: "تحولات النقد والإبداع"؛ إذ تظهر هذه التحولات جلية عند رصدها من خلال الصحافة الأدبية وتفاعلها النقدى مع مسيرة القصة القصيرة إبداعًا.
 
وعبر صفحات الكتاب نمضى مع القصة المصرية القصيرة ونقدها فى رحلة أدبية ونقدية كاشفة لمنحنيات الإبداع الأدبى ونقده وللعلاقة الجدلية بينهما التى لا تعنى دائمًا أن الإبداع سابق للنقد، وأن النقد عملية تابعة للإبداع؛ فلقد سجل التاريخ الأدبى للنقد لحظات كثيرة كان فيها سابقًا على الإبداع، ومستشرفًا لتيارات أدبية، ومبشرًا بمذاهب أدبية. وهو ما نتعرف عليه من خلال "نموذج" القصة القصيرة كنموذج نقدي.
 
فى مطلع الستينيات سادت النظرة الاجتماعية للقصة التى تجعل موطن توكيدها الأول هو موقف القاص من مشكلات مجتمعه وقضايا وطنه دون اهتمام كبير بفنية التعبير الأدبي، وهو ما ظهر جليًا فى نقد غالى شكرى وفؤاد دوارة ورجاء النقاش ويوسف الشارونى وأنور المعداوى وغيرهم. فى حين تصدى عدد من نقاد هذا الاتجاه للإسراف النقدى فى إعلاء "مضمون" القصة، وكان على رأس هؤلاء: عبد القادر القط الذى اتسم منهجه بالتوازن النقدى بين الفكرة ومعالجتها الفنية خاصة عندما يتعلق الأمر بفن رهيف مثل القصة القصيرة.
 
كذلك يرصد الكتاب جهود يحيى حقى فى نقد القصة التى ركزت على اللغة الفنية ومنها انطلق الناقد إلى أفاق أخرى داخل النص عبر لغته، وكذلك جهود شكرى عياد التى اتسمت بالتركيز على الشكل الفنى للقصة القصيرة.
 
ثم يتعرض الكتاب للحلقة الذهبية فى تاريخ القصة القصيرة ونقدها فى مصر وهى الحلقة التى شهدت إبداع جيل الستينيات أو ما يطلق عليه جيل "جاليري" الذى ارتبط بإصدار مجلة "جاليرى 67" وهى المرحلة التى أخرجت لنا أسماء خالدة فى الإنتاج القصصى مثل: يحيى الطاهر عبد الله وعبد الحكيم قاسم وجمال الغيطانى وإبراهيم أصلان ومحمد حافظ رجب وإدوار الخراط وغيرهم من الأصوات التى كانت تبحث عن طريق جديد للقصة القصيرة، عقب هزيمة 67 وهى الحركة التى خلقت حولها حركة نقدية واسعة، رادها وبشّر بها من قبل نقاد مثل: صبرى حافظ وإدوار الخراط ويوسف الشارونى وعبد الحميد إبراهيم وعبد الرحمن أبو عوف وغيرهم. 
 
غير أن هذا النشاط النقدى لم يدم طويلًا، إذ ساد الركود النقدى فيما بعد 1973 وخفتت الأصوات النقدية التى واكبت جيل جاليري، ولم تعد القصة القصيرة مثار اهتمام النقاد على نحو واسع كما كانت. 
 
وهنا يلفت المؤلف النظر لصوت نقدى بدا استثناءً وسط ذلك الركود النقدى وهو القاص ضياء الشرقاوي، الذى يكشف الكتاب عن وجه آخر له وهو ضياء الشرقاوى ناقدًا للقصة القصيرة، ويقدم عبر نصوص - لم يُسلط الضوء عليها كثيرًا - جهوده النقدية المتميزة فى نقد القصة القصيرة فى حقبة السبعينيات. 
 
ويخصص الباب الأخير لنقد القصة القصيرة فى مطلع الثمانينيات والذى شهد عودة الروح للنقد الأدبى وتدفق الدم فى شرايين الحياة الأدبية بسبب ظهور صحافة أدبية متميزة حاولت - ونجحت إلى حد كبير- أن تنقذ الحياة الأدبية فى مصر من حال الضعف المسيطرة عليها من خلال الترجمة والمتابعة والتغطية والدراسة، وغير ذلك من ألوان النشاط النقدى والأدبي، الذى كان نصيب القصة القصيرة منه وافرًا. 
 
ولقد تجلى ذلك فى ظهور عدد من المجلات الأدبية والنقدية المتميزة على رأسها: "فصول" و"إبداع" و"أدب ونقد" وغيرها . وهى المنابر التى تَركَّز جهدها النقدى على تحديث أدوات النقد والنقاد وهو ما ظهر فى المناهج الحديثة للنقد الأدبى التى حاولت أن تُقرب النقد فى منهجيته وأدواته من العلوم التطبيقية والإنسانية. 
 
ولقد أسفر ذلك الالتحام بين النقد وتلك العلوم عن ظهور اتجاهات نقدية جديدة مثل الاتجاه النفسى والاتجاه اللغوى والذى أفاد النقد من تطبيقاتهما كثيرًا، موظفًا معطيات تلك العلوم على نقد القصة القصيرة، وهو ما نراه واضحًا فى كتابات شاكر عبد الحميد وفرج أحمد فرج وعز الدين إسماعيل النقدية. وكتابات سيزا قاسم وحسين حمودة وغيرهم.
 
كتاب القصة
 
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة