قال الدكتور تيدروس ادهانوم جبريسيوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، خلال اجتماعه مع الاتحاد الأوروبى لوزراء الصحة والخارجية مساء أمس الأربعاء: "أهنئ فرنسا على رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبى، ونتطلع إلى العمل معكم فى العام المقبل فى هذا الوقت الحرج لأوروبا والعالم"، مضيفا أن كورونا هو أكثر بكثير من مجرد جائحة، إنها أزمة عالمية تمس كل مجالات الحياة.
وأضاف فى بيان له: "طوال هذا الوباء أظهر الاتحاد الأوروبى دوره القيادى فى الصحة العالمية، من خلال التعاون الداخلى والتضامن الخارجي، وترحب منظمة الصحة العالمية بإطلاق الهيئة الأوروبية للتأهب للطوارئ الصحية والاستجابة لها، وبمقترح تعزيز وكالة الأدوية الأوروبية والمركز الأوروبى للوقاية من الأمراض ومكافحتها"، موضحا: "لقد كان الاتحاد الأوروبى قوة دافعة وراء مسرع توفير أدوات كورونا ACT، ولا يزال أحد أكبر ممولى ركيزة مرفق كوفاكس COVAX، حيث يوفر اللقاحات لأكثر من 150 دولة، إلى جانب الاستثمارات فى البحث والتطوير".
وقال: "فى الوقت الذى نعمل فيه للسيطرة على الوباء، يجب أن نتعلم الدروس التى تعلمنا إياها، وأن نجرى التغييرات التى يجب إجراؤها للحفاظ على العالم أكثر أمانًا، لقد كانت جائحة كورونا دليلاً قاسياً على أن الصحة ليست قطاعاً منعزلاً، على العكس تماما، كما رأينا خلال العامين الماضيين، عندما تكون الصحة فى خطر، كل شيء فى خطر".
وأضاف: " كورونا هو أكثر بكثير من مجرد جائحة، إنها أزمة عالمية تمس كل مجالات الحياة، الاقتصاد والتعليم والعائلات والتوظيف والأعمال والتكنولوجيا والتجارة والسفر والسياحة والسياسة والأمن، وأكثر من ذلك بكثير".
وأكد: "الدروس واضحة، حيث يجب أن نعزز بشكل عاجل بنية الصحة العالمية وأنظمة وأدوات التأهب لمواجهة الأوبئة والجائحة والاستجابة لها، ويجب أن تكون مدعومة بحوكمة وتمويل قويين، متصلين ومنسقين على الصعيد العالمى من قبل منظمة الصحة العالمية".
وقال: "إننى أثنى على الاتحاد الأوروبى لاتخاذه موقفًا حازمًا بشأن إصلاح إدارة الصحة العالمية، حيث كشفت كورونا عن نقاط الضعف الأساسية فى الهيكل العالمى للتأهب للوباء والاستجابة لها وفاقم من تفاقمها: بالتمويل غير الكافى، وعدم كفاية الأنظمة والأدوات".
وقال: "إن أفضل طريقة يمكننا معالجتها هى من خلال اتفاقية ملزمة قانونًا بين الدول، اتفاق تم تشكيله من الاعتراف بأنه ليس لدينا مستقبل بل مستقبل مشترك، مضيفا، إن الأمن الصحى العالمى مهم للغاية بحيث لا يمكن تركه للصدفة أو حسن النية أو تغيير التيارات الجيوسياسية أو المصالح الخاصة للشركات والمساهمين".
وأضاف: "كما تعلمون، فى جلسة خاصة لجمعية الصحة العالمية العام الماضى، قررت الدول الأعضاء فى منظمة الصحة العالمية البالغ عددها 194 دولة التفاوض على اتفاقية أو صك دولى آخر بشأن الوقاية من الجائحة والتأهب والاستجابة لها، تتطلع منظمة الصحة العالمية إلى العمل بشكل وثيق مع الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء فيه لتطوير هذه الأداة الجديدة".
وقال: إن اتفاق جديد لن يحل كل مشكلة، لكنها ستوفر الإطار الشامل لتعزيز تعاون دولى أكبر، من خلال 4 طرق رئيسية:
1. حكم أفضل:
فى الوقت الحاضر، تعتبر إدارة الأمن الصحى العالمى معقدة ومجزأة وفشلت فى ضمان العمل الجماعى الفعال والوصول العادل إلى اللقاحات والأدوات الأخرى.
2. تمويل أفضل:
أدت دورات الذعر والإهمال إلى خلق نظام تمويل بيئى غير مستقر ولا يمكن التنبؤ به للأمن الصحى العالمي.
يتطلب تعزيز دفاعات العالم تمويلًا إضافيًا يمكن التنبؤ به ومنصفًا ومتوافقًا مع الأولويات الوطنية والإقليمية والعالمية، إن الآلية الممولة فقط من المساعدة الإنمائية الطوعية لن تؤدى إلا إلى زيادة التنافس على الموارد الشحيحة بالفعل، تدعم منظمة الصحة العالمية فكرة إنشاء صندوق وسيط مالى، يكون مقره فى منظمة الصحة العالمية، وتموله البلدان والمنظمات الإقليمية على أساس تقاسم الأعباء.
3. نحن بحاجة إلى أنظمة وأدوات أفضل للتنبؤ بالفاشيات المحتملة للأوبئة والأوبئة ومنعها واكتشافها والاستجابة لها بسرعة.
لقد قد اتخذت منظمة الصحة العالمية بالفعل خطوات لبناء بعض هذه الأنظمة والأدوات، بما فى ذلك مركز منظمة الصحة العالمية للاستخبارات الوبائية والأوبئة، لتعزيز المراقبة العالمية من خلال الذكاء التعاوني.
وقد بدأ الآن إنشاء أكاديمية منظمة الصحة العالمية، هنا فى ليون، والتى ستوفر لملايين الأشخاص حول العالم إمكانية الوصول السريع إلى أعلى مستويات التعلم فى مجال الصحة، وستكون مساهمتها فى الاستجابة لحالات الطوارئ وبناء القدرات كبيرة وستغير قواعد اللعبة، تعزز أكاديمية منظمة الصحة العالمية مكانة ليون كمركز صحى فى فرنسا وأوروبا.
ونشكر مدينة وميتروبول فى ليون والمجلس الإقليمى والحكومة الفرنسية على دعمهم وتعاونهم حتى الآن، ونشجع الشركاء الأوروبيين الآخرين على المساهمة فى الأكاديمية لإنجاحها.
4. يحتاج العالم إلى منظمة الصحة العالمية المعززة والممكنة والممولة على نحو مستدام.
فى قلب الهيكل الصحى العالمى، مع 194 دولة عضو، و152 مكتبًا قطريًا، تتمتع منظمة الصحة العالمية بخبرة فريدة وولاية عالمية فريدة وانتشار عالمى فريد وشرعية عالمية فريدة، ولكن على مدى عدة عقود، ضعفت منظمة الصحة العالمية بسبب عدم التوازن المنهك بين المساهمات المقدرة والطوعية والمخصصة الذى يشوه ميزانيتنا ويقيد قدرتنا على الإنجاز، ويؤثر على استقلاليتنا.
وقال تيدروس، يتمثل أحد أكبر المخاطر التى يتعرض لها الأمن الصحى العالمى الآن فى زيادة تفتيت الهيكل الصحى العالمى، أو إنشاء هياكل جديدة لا تشمل جميع الدول الأعضاء أو لا تخضع للمساءلة أمامها، لذلك نرحب بالمناقشات حول استراتيجية الصحة العالمية لأوروبا التى تعترف بالدور التوجيهى والتنسيقى الفريد لمنظمة الصحة العالمية فى الصحة العالمية، مضيفا، إن التفاوت المتزايد بين توقعات منظمة الصحة العالمية ومواردها معروف جيداً، يجب أن يكون كورونا هو العامل المساعد لتصحيح عدم التطابق.
وأضاف: فى العام الماضى، أعدت مجموعة العمل التابعة للدول الأعضاء والمعنية بالتمويل المستدام تقريرًا يتضمن عدة خيارات، بما فى ذلك زيادة الاشتراكات المقدرة إلى 50% من ميزانيتنا الأساسية بحلول 2028-29، واستكمال عملية الميزانية البرنامجية الخاصة بنا بنموذج تجديد الموارد، نحن نسعى للحصول على دعمكم لهذه المقترحات.
وأكد: مثلما يحتاج العاملون فى مجال الصحة إلى الموارد والأدوات لأداء وظائفهم، تحتاج منظمة الصحة العالمية كذلك إلى أموال مستدامة ويمكن التنبؤ بها ومرنة للقيام بعملنا، نحن نطلب من جميع الدول الأعضاء ضمان مطابقة نوعية وكمية استثماراتك لتوقعاتك، حتى نتمكن من تحقيق النتائج التى تتوقعها بشكل صحيح، منظمة الصحة العالمية القوية تجعلنا جميعًا أكثر أمانًا.
وقال دعنى أترك مع 3 طلبات:
أولاً: يجب أن نظل مركزين على إنهاء كورونا كحالة طوارئ صحية عالمية فى كل مكان.للقيام بذلك، نسعى للحصول على دعمكم لتمويل كامل مسرع توفير أدوات كورونا ACT لضمان الوصول العادل إلى اللقاحات والاختبارات والعلاجات فى كل مكان.
ثانيًا: يجب أن نتعلم الدروس التى يعلمنا إياها الوباء، وأن نبنى هيكلًا عالميًا جديدًا للتأهب للوباء والاستجابة له، على أساس الإنصاف والشمولية.
على وجه الخصوص، نسعى إلى مشاركتكم النشطة فى الأشهر المقبلة فى المفاوضات بشأن صك قانونى ملزم.
ثالثاً: لوحظ فى كثير من الأحيان أنه إذا لم تكن منظمة الصحة العالمية موجودة، فلا بد من إنشائها.
لذلك، نسعى للحصول على دعمكم لبناء منظمة الصحة العالمية قوية وممكّنة وممولة بشكل مستدام وشاملة، منظمة الصحة العالمية التى تم تمكينها للسعى لتحقيق الرؤية التى كان مؤسسوها فى عام 1948.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة