محمد أحمد طنطاوى

"مليونيرات الخبز"

الإثنين، 21 مارس 2022 11:14 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قبل يومين توقف الرئيس السيسي، عند أحد باعة العيش الحر وسأله عن السعر، وبعد حديث مثير للإعجاب من جانب الرئيس، الذي ظهرت درايته الكاملة بكل ما يحيط بمشكلة "رغيف العيش الحر"، وتكاليف الإنتاج، وحجم المكاسب التي يجنيها أصحاب المخابز، في ظل التزام الحكومة بتوريد الدقيق بصورة منتظمة وتلبية احتياجات المخابز أولا بأول.

سعر رغيف الخبز بعد حساب كافة التفاصيل والتكاليف الثابتة والمتغيرة في ظل الظروف الراهنة والأسعار الحالية 65 قرشاً، بوزن 90 جراماً، ولو افترضنا بيعه بمكسب 25%، أي بحوالي 85 قرشاً، سوف يحقق ربح يومي لصاحب المخبز 20 قرشا في الرغيف الواحد، وهذا يعنى أن المخبز الذي ينتج حوالي 20 ألف رغيف يومياً سيكون ربحه 4 آلاف جنيه، وشهرياً حوالي 120 ألف جنيه، ومن هنا جاءت الحسبة الدقيقة التي ذكرها الرئيس السيسي لصاحب مخبز العيش.

ما ذكرته في السطور السابقة الوضع المثالي لتسعير رغيف العيش، وأكبر سقف مكاسب يمكن الحصول عليها، لكن هذا المكسب يبدو غير مرضى لأصحاب المخابز، وبدأت حملة شرسة لرفع سعر رغيف الخبز الحر، حتى وصل إلى جنيه وربع، بزيادة حوالي 90% عن سعر التكلفة الحقيقي - 65 قرشاً -  بمعنى أن مكسب صاحب المخبز من الرغيف الواحد 55 قرشا، ولو أن الإنتاج اليومي لهذا المخبز 20 ألف رغيف/ يوم، فهناك مكسب يصل 11 ألف جنيه، بما يعادل 330 ألف جنيه شهرياً، وهذا معدل مكسب لا يوجد في أي  تجارة أو صناعة في العالم كله، كما أن سرعة دورة الربح والإنتاج لا تتوافر في  أي مجال آخر.

كل المكاسب التي تحدثت عنها في السطور السابقة مرتبطة بوزن عادل لرغيف الخبز 80 جراما، لكن ما يحدث في الواقع أن هناك سرقات في وزن رغيف الخبز، فقد تم تقليل وزنه بصورة ملحوظة خلال الأيام الماضية، لدرجة أنه فقد حوالي 30% على الأقل من وزنه الحقيقي، لذلك يجب أن يكون وعى المستهلك خلال الفترة المقبلة معيار حقيقي للعرض والطلب، وأن يمتنع عن التعامل مع كل بائع سلعة أو خدمة يغالى في تكلفتها.

أتمنى أن يكون قرار الحكومة بتحديد سعر رغيف الخبز الحر والفينو اعتبارا من غد الثلاثاء، ملزم لكافة المخابز، وأن يتم تفعيل الغرامات الفورية على كل من يخالف القرار، خاصة أنه تم تسعير بيع الخبز المميز زنة 45 جراما بـ 50 قرشا، والـ 65 جراما بـ 75 قرشا، و11.5 جنيه لكيلو الخبز المعبأ، وبالنسبة للخبز الفينو، فحدد القرار 50 قرشا للرغيف زنة 40 جراما، و75 قرشا لزنة 60 جراما، و1 جنيه لزنة 80 جراما، وألزم القرار تحديد أسعار الخبز الفينو والسياحي منافذ البيع بالإعلان عن أسعار الخبز في أماكن ظاهرة للمستهلكين، مع فرض غرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز خمسة ملايين جنيه طبقا لنص المادة 22 مكررا ج، من قانون حماية المنافسة للمخالفين.

أتصور أن المشكلة الحقيقية في تسعير السلع والمنتجات في مصر أن التاجر أو المستثمر لا يقتنع بالمكاسب العادية التي تدور حول 5 إلى 10% في الظروف الطبيعية، ومتعارف عليها في كل دول العالم، بل يخطط دائماً إلى مكاسب من 50 إلى 100% ربما أكثر، وهذا سبب رئيسي في ارتفاع معدلات التضخم، وانفلات زمام الأسعار بين الحين والآخر، حتى وإن كانت الظروف العالمية مستقرة، لذلك يجب أن يدرك الجميع خطورة الموقف، حتى لا ينفلت زمام التضخم ويخرج عن السيطرة وتزيد معه حدة الفقر.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة