كل يوم يخرج علينا أحدهم، محاولاً هدم رمز أو التشكيك فى أصل، بغرض ما فى نفسه، لكنه غرض ليس خيرًا أبدًا، ومن ذلك أن خرجت علينا مؤخرًا، صفحة فيس بوك مجهولة، وما أكثر الصفحات المجهولة، تدعى أن "هيكل" أجبر صاحب نوبل على كتابة رواية "أولاد حارتنا"، واصفة موقف نجيب محفوظ بالجبان فى مواجهة رفض الأزهر للرواية، التى واجهها هيكل بمفرده، بحسب وصف الصفحة.. وهذا الأمر يستحق وقفة.
أولاً: المهاجمون لنجيب محفوظ، إنما يستكثرونه علينا، كأننا نحن المصريين لا نستحق أن يعيش بيننا مبدع كبير يملك رؤية ووعيًا وقدرة على إدارة الذات، كاتب يحقق كل هذه المكانة العالمية، ويصبح رمزًا للأدب العربي في كل ربوع الدنيا، يريدون أن يقولوا لنا إنكم لا تستحقون ذلك، لذا يبحثون ويفتشون ويخترعون ويؤلفون ويبحثون عن النقائص، وإن لم يجدوها يخترعونها.
ثانيًا: إن الغرض من كل ذلك هو إفقادنا الثقة فى أنفسنا، يريدون أن يجعلوا سقف طموحاتنا هابط، يقولون لنا إن نجيب محفوظ كاتب كبير لكنه مهادن للسلطة، مبدع لكنه لا يحب الصدام مع المؤسسات الدينية، وغير ذلك من الجمل المحفوظة، يفعلون ذلك وهم يختبئون خلف أسماء مستعارة، وصفحات مجهولة، وبحثًا عن شهرة.
ثالثًا: نجيب محفوظ كاتب كبير ولن ينقص الهجوم عليه من قدره شيئًا، لكن ذلك لا يعنى أن نقف مكتوفي الأيدي، بل علينا واجب ولنا دور، لأن الموضوع أكبر من مجرد الهجوم على كاتب أو التقليل من أثره، إن فى الأمر "كذب وتدليس ولى للحقائق" ما يؤكد سوء نيتهم.
لسنا ضد النقد الفني، لكننا ضد الهدم، ضد أن يجعلوا من نجيب محفوظ هدفا لسهامهم المسمومة، التى تقتل من ورائها شعبًا كاملاً يحلم ويصدق حلمه.