تنطلق بعد أيام قليلة فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الجديدة، فى أرض المعارض الجديدة بالتجمع الخامس، والتى يشارك فيها عدد كبير من دور النشر المصرية والعربية والأجنبية أيضًا، وهناك نرى ونقرأ ونطالع عددًا لا بأس به من العناوين الجديدة والمهمة.
ومما أتذكره قديمًا، أن الجامعات المصرية كانت تحدد ميزانية معقولة لمعرض القاهرة للكتاب يأتى بها مندوبون لشراء الكتب التى تحتاجها المكتبات، وكثيرًا ما التقيت القادمين من الجامعات الإقليمية وشاهدتهم وهم يتفقون مع دور النشر على هذه الكتب، لكن هل لايزال ذلك موجودًا، هل الجامعات لا تزال تحدد هذه الميزانية للمكتبات، وهل فى كل عام يكون الطلبة والطالبات على موعد مع كتب جديدة فى المجالات المختلفة، أم أن الجامعات أيضًا لم تعد تكترث بالمكتبات مثلما يحدث فى المدارس وأن جملة "الميزانية لا تسمح" صارت موجودة أيضًا فى هذا البند؟
أتمنى أن تكون ظنوني خاطئة، وأن تكون الجامعات قادرة على المحافظة على ذلك التقليد المهم الذى يساعد فى بناء الأجيال والذى يطرد العناكب والأشباح خارج حجرات المكتبات ويأتى بمحبى العلم والراغبين فى تحسين أحوالهم وتثقيف أنفسهم وتطوير مهاراتهم كى يشغلوا هذا الحجرات بالبحث والمثابرة.
نعم، لا شىء يبنى المجتمعات مثل الكتاب، ومعرض القاهرة الدولى للكتاب عرس حقيقى فى هذا الشأن، والطلبة والباحثون ليسوا قادرين على شراء كل ما يحتاجون إليه أو ما يودون الاطلاع عليه، وهنا وجب أن تقوم المؤسسة بدورها التعليمى والثقافى والاجتماعى، وأن تتجاوز فى سبيل ذلك البعد الروتينى الذى يجعل الكتاب أول ضحايا نقص الميزانيات.
شىء آخر مهم يتعلق بالمسألة نفسها، هو أنه فى حالة أن "عادة شراء الكتب لا تزال موجودة" أرجو ألا تظل هذه الكتب فى المخازن حتى تفسد أوراقها أو تنقضى أفكارها، بل أتمنى عرضها فورًا فى المكتبات والإعلان عن وجودها، واطلاع الأساتذة والباحثين عليها حتى لا تعد بمثابة طاقة معطلة موجودة فقط على الورق.
وأعتقد أن تجديد المكتبات الجامعية وتزويدها بالجديد طول الوقت سوف يعد نقطة قوة للقائمين عليها، وتأكيد أننا نتحرك للأمام ساعين نحو العلم وطرقه وأفكاره.
ما أود قوله هو ألا تنسى الجامعات دورها فى إحضار الكتاب للباحثين والطلاب ولا تضيعه تحت دعاوى أنه ليس أساسيًا وأن الميزانية هذا العام بها كذا وكذا ولا تسمح، لأن الكتاب والمكتبة أساسيان ويأتى ترتيبهما قبل المبانى الأخرى والإنشاءات الجديدة.