جاء الإخوان إلى السلطة ومضوا؛ ولا تزال بعض رواسبهم حاضرة. وأخطر ما يُهدّد البيئة السياسية أن تكبش بعضُ قواها، برعونةٍ وانتهازيّة، ما تبقَّى من روث الجماعة ومُخلّفاتها. والحقيقة أنه مع افتراض حُسن النيّة فى الجميع، ومن دون طعنٍ أو تخوين، يحدث شىء من الانفتاح على الرجعية فى بعض مشاهد الانتخابات الرئاسية. لا فارق بين أن يكون ذلك عفوًا أو باختيارٍ مقصود؛ فالمُحصّلة واحدة ومُقدار الكُلفة ثابت، وأخطر ما ينطوى عليه أنه يطعن نزاهة الأيديولوجيا وحركيّتها، ويُجدِّد ذكريات أليمة عن تيَّارات ارتضت قديمًا أن تفرد الغطاء المدنى على سكاكين الجماعات الدينية، كما يُجاهر بمعاداة ركائز الدولة التى أرستها «30 يونيو» بتحالفها العريض. ربما يُخالج الذاهبين لهذا المسار شعورٌ بأثر الإسناد الإخوانى، وأنه يملك «خزّان تصويت» يكفى لتحسين مراكزهم فى المُنافسة؛ لكنهم يتعامون عن خطورة اللعب بالنار، وعن أن الغايات مهما أُثيرت من أحاديث عن عدالتها وشرفها؛ فقد تهتزّ وتسقط من دون وسائل شريفة.
اختبرت قوى السياسة الاصطفاف مع الجماعة فى عديد المحطّات منذ الثمانينيات. كان مُدهشًا أن يحدث اللقاء على جثّة السادات، وقد استفاد منه الإخوان؛ ثم انقلبوا عليه بعدما نبتت أنيابُهم مُجدّدًا. اكتوى منهم «الوفد والأحرار»، ومُسِخ حزب العمل من تقدُّميته إلى حظيرةٍ أُصوليّة مُلحقة بالتنظيم، وقصَّر اليسار والليبراليون فى قراءة الدروس. تأرجح «انتهازيّو البنّا» بين مَيلٍ لنظام مُبارك ومَيلٍ عنه، وظلّ المدنيّون على سذاجتهم. ثم تجدَّد العمل فى الجمعية الوطنية للتغيير، وفى التحاق عصابات المُرشد المُتأخّر بثورة يناير، ورأت الأحزاب خيانة العهود بأوضح صورها فى استفتاء مارس، وفى انتخابات البرلمان والرئاسة، وفى الهيمنة على السلطة وكتابة الدستور ومحاولة ابتلاع المُؤسَّسات، وإطاحة الخصوم جميعًا بالترهيب أو القتل؛ فكان أن انخرطوا مُضطرّين مع ثورة الشباب فى 2013 ولم يكن ثمة بديل عنها.. أن يعود قطيع الضِباع للمشهد؛ ولو خيالاً يُداعب أذهان البعض، ليس إلّا دليلاً على إدمان مهزلة التكرار وتجرُّع السمّ من الكأس نفسها. إنضاج البيئة السياسية لا يكون باستدعاء أمراضها القديمة، ولا باستسهال المسارات، عِوضًا عن اجتراح البدائل وترقية الخبرات والأداء؛ وليس أسوأ ولا أغبى من أن تستعيد أخطاء الماضى مُتطلّعًا لمُستقبل مُغاير.
مُناسبة الحديث، ما يقع من خِفَّة فى الاشتباك بسباق الرئاسة. لا شىء فى السياسة معصومٌ أو فوق النقد وتسجيل الملاحظات، ينطبق ذلك على المُعارضة كما الدولة؛ إنّما حدود النقد والنزاع تظل مرهونةً بالثوابت المُتّفق عليها، منها الدستور والقانون، وأهمّها «ميثاقية 30 يونيو» التى ترسم خريطة السلطة والمجال العام. الصندوق وسيلة لتنظيم المُناكفات فى نطاق بيئته وتوازناتها القائمة، وليس خندقًا سرّيًّا للانفتاح على الساحات المُغلقة، أو اقتراف الديمقراطية بنكهةٍ ثورية. ربّما لم يتخلَّص بعض مُدمنى الشعبوية من إغراءات الخطابة ومكياج البطولات السهلة؛ لكن تقدُّمَهم للعمل السياسى بطابعه الإصلاحى، يُوجب النزول عن الأكتاف وزعامة الحناجر، والتقيُّد بشروط المنافسة التى لا تقبل إطلاقًا الانقلاب على حقوق الأمن والدم، أو الانزلاق إلى تفاهماتٍ مشبوهة تطعن البلد فى خاصرته. هنا يتساوى من يُبادر بمدّ يده للإخوان، ومن يُناور ولا يُعلن موقفًا صريحًا وجذريًّا منهم؛ وأغلب الصمت فى السياسة قبولٌ وإقرار، أو تلبيس واستثمار فى الرمادية.
أحد راغبى الترشُّح حاليًا يُتاجر فى تلك البضاعة. عندما سُئِل عن موقفه من الجماعة الإرهابية لم يُقدّم إجابةً واضحة؛ بل كان كلامه أقرب للمُغازلة المُضمَرة. ويكشف ماضيه أنه طرح ما أسماه «مبادرة إصلاح سياسى» دعت فى 2019 لاستيعاب الإخوان، وقال مُنسّق حملته قبل أسابيع إنهم يُرحّبون بعودتهم، وهو بجانب المستشار السياسى وأمناء التدريب والتنظيم واللجنة القانونية محلّ تساؤلات، تُثيرها تقارير صحفية وتدوينات عن قُربهم للتنظيم، فضلاً عن أراشيف من «رابعة» وفى محبّة «حازمون» أو تهديد الداخلية.. من جانبى لا أجزم بصحةِ ذلك أو خطئه؛ إنّما أحمل علامات استفهامٍ ودهشة من الإمعان فى التعمية والتضليل، وتجاهل الإفصاح عن المواقف والانحيازات علنًا؛ لا سيّما أن الشاب الطامح للرئاسة جمعه لقاءٌ بأحد أهم الأذرع الإخوانية بالخارج، أنكره فى البداية، ثم صمت بعدما كشفه الطرف الثانى. أنا هنا لا أُغيِّب اسمه عن تجاهلٍ أو تحقير؛ إنما المقصود تجريد القضية وسحبها من الشخصنة؛ لتنطبق على كلّ حالةٍ شبيهة، وللأمانة أيضًا كى لا أُغذّى بكائيّاتهم الزاعقة بمادةٍ يُوظّفونها فى دعايات الاستهداف والتشويه. المسألة ليست بابًا للسفسطة والجدل الفارغ؛ لكنها قاعدةٌ أصيلة يتحدَّد عليها من يشتغل بالسياسة ومن يلعب دور «حصان طروادة».
المفارقة، أن سؤال الرعى مع المدنيّة والافتراس مع الرجعية، كان حاضرًا فى لقاء أبرز حركات المُعارضة براغب الترشُّح المذكور، بناءً على طلبه. لم يتحصّلوا منه على جوابٍ شافٍ عن علاقته بالإخوان الآن، ورؤيته المستقبلية لهم؛ لكن لا أحسب أنهم خرجوا من الجلسة بشكوكٍ يُعوَّل عليها، حتى أنهم توقّفوا جميعًا عن ذِكر التنظيم أو قطيعتهم معه. عندما أُثير موضوع طبخ تحالف انتخابى «مدنى دينى» قبل الانتخابات التشريعية فى 2020، نفت الحركة وتشدَّدت فى تأكيد مواقفها المبدئية؛ لكنها اليوم تُجدِّد الشبهات حول سنواتها الماضية بأثرٍ رجعى، وهى تصطفّ خلف مُرشَّح تنفتح بعض قنواته على الجماعة، وأعلن قادتها عن دعمه علنًا فى قنواتهم وصفحاتهم. المنطق أن السياسة لا تُقدّم هدايا مجانية، وأن تحالفات المختلفين أيديولوجيًّا تكون مشروطةً دومًا بأُطرٍ فكريّة، وبرامج حركيّة محلّ اتفاق. هنا يتبادر سؤال مهم: لماذا تدعم الحركة مشروعًا تختلف مع أهم تفاصيله؟ إن كانت تختلف فعلاً، ولماذا بقدر تداعيها لمُساندته لم تستخلص منه رسائل لا تقبل التأويل عن ثوابتها المدنية؟!
تجاوز الأمر حدودَ الصمت عن الأسئلة المفصليّة، إلى المُجاهرة بأجوبةٍ تغمز بطرف عينها للواقفين على الضفّة الأخرى من الوطن. عقدت الحركة مُؤتمرًا تحدّثت فيه عن التضييق، وخصَّصت أغلبه لتسويق «الشاب المراوغ» بينما لديها اثنان آخران فى السباق، وتحدّثت عن مُتّهم محبوسٍ فى قضية سبّ وقذف، هو فى تحالف آخر والمشتوم من أعضائها. فى اليوم التالى مُباشرةً تبنّى البرلمان الأوروبى دعوات الحركة بالضبط والترتيب. هنا حزمة مُلاحظات: الأولى أن الشاتم المحبوس يُواجه قضيةً جنائيّة الطابع، وخصمه من التيّار نفسه، وإن عجزوا عن تسويتها بالحوار، فليس من الحصافة أن يُطالبوا بتعطيل القانون، أو يستخدموها للابتزاز السياسى، والثانية أنه كان ضيفًا دائمًا على قنوات الإخوان ولم ينتقدوا ذلك أو يمنعوه عنه، وهو شريكٌ مُباشر لبعض أحزابهم، والثالثة أنهم يدعمون شخصًا غادر الحركة بينما يُعادون عضوًا وصل للعتبة الانتخابية بالفعل، بل إن مُستثمرًا حزبيًّا منهم طعن فيه وشكَّك فى تزكياته البرلمانية، ولا يختف ذلك عن مُستثمرٍ حزبى آخر، طُرِد من البرلمان لعلاقته المشبوهة بجهاتٍ أوروبية، فهل سعوا إلى استصدار القرار السالف أو يرضون به؟ والرابعة أنه لو كان وجود الإخوان وذيولهم على مقربةٍ من ستراسبورج سببًا وراء التلويحة الخارجية، فهل الصمت معناه أنهم يقبلون الأمرين: الجماعة والوصاية؟ لم يصدر موقفٌ رافض أو مُمتعض عن الحركة أو أىٍّ من أحزابها؛ بل إنهم لوَّحوا بخياراتٍ بديلة وهدَّد بعضهم بالانفجار والفوضى. هذا أبعد ما يكون عن نُضج السياسة، وأقرب للغشومة والابتزاز والانتهازية.
فى بيان ترشُّحه، قال السيسى إنه يحترم كل المُترشِّحين، ويعتزم استبقاء حالة الحوار الوطنى وما أثمرته من انفتاح، وجدَّد التذكير بغطرسة الإخوان وإرهابهم وأهمية إنقاذ مصر منهم، كما أكَّد استكمال مشروعه لبناء دولة مدنية حديثة. تُشكّل تلك النقاط ملامح أوّلية لبرنامجٍ انتخابى صالح للنقاش الآن، وللرقابة ومُتابعة التنفيذ مُستقبلاً، إن صار الرؤيةَ الفائزة بولايةٍ جديدة؛ لكن بعض المُتنافسين لم يطرحوا إلى الآن مشاريع واضحة، ولا حتى خطوطًا عريضة، وأغلب الرسائل تُغرِق فى عُموميّات إنشائية وتُراهن على بلاغة دغدغة العواطف. من جانبى أحترم الساعين للترشُّح أيضًا؛ لكنه احترام مشروط بالجدية واستقامة المواقف، ومشفوع بأسئلة إن عزّت على الرئيس كمنافسٍ؛ فإن لى كناخب أن أسألها. أقبل أن تتبدَّل الرؤى وتتغيَّر الأفكار، وأن تهتز البرامج فى جانبٍ وترسُخ فى آخر؛ إنما الثابت الذى لا نزول عنه هو رفض الإخوان، وعدم مصالحتهم، وإدانة وتخوين أيّة محاولة لفتح ثغرةٍ لهم على المشهد الوطنى، الآن أو فى المستقبل. أىُّ مُرشَّحٍ ينزلق لتلك البقعة المُحرّمة، يلعب دورًا مشبوهًا لا يمكن غفرانه، ولا يقبل التبرير بالبراجماتية أو حداثة التجربة وانعدام الخبرة.
الناصريّون أكثر المُتضرّرين من عيال حسن البنا. كانت الجماعة تخاصم مشروع ثورة يوليو منذ فشلت فى ركوبها، وتطرّفت فى عداوة «عبدالناصر»، وحاولت اغتياله، ولنصف قرنٍ بعد رحيله تلوك اسمه وتقتصّ من سيرته وشرفه. الرؤية القومية تتصادم مع نزعة الأُمميّة و«أستاذية العالم»، وقد رقص الإخوان على إيقاع الهزيمة فى يونيو، ولاحقوا شبيبة الناصرية من جنازير الجامعات إلى قتل الحسينى أبو ضيف. التفكير فى التحالف معهم اليوم ابتذالٌ رخيص، كما كان اعتذار أحد رموزهم للجماعة بعد 2011. ربما يقول قائلٌ إن لعبة الانتخابات لها منطق وحسابات؛ لكنّ خداع النفس لا يُبرّره أى كسبٍ مُحتمل، ولا الالتفاف على الثوابت وخيانة الأيديولوجيا من أبنائها. من يتبضّعون الوهم ربما يقنعهم زعم «راغب الترشُّح» أنه ليس مسؤولاً عن هوية من يدعمونه، وهذا حديث حقٍّ يُراد به باطل؛ إذ لم يأت الدعم تطوُّعًا أو كيدًا للسلطة، إنما جاء بعد لقاءاتٍ وتفاهمات وقنوات اتّصال اجتُهد فى فتحها لسنوات. كان يُمكن أن يُعلن قطيعةً صارمة مع التنظيم، ويكتفى بتصويتهم له نكايةً فى النظام، على الأقل لن يكون مُلتزمًا تجاههم بعطايا وتسهيلات مُستقبلية. ما يحدث أن الدعم يُستجلَب على ما يبدو عبر صفقةٍ، سيكون من نتائجها تحصيل الفواتير فى أجلٍ غير بعيد، ولأن السياسى الشاب لا يملك ما يدفعه، سواء فاز أو خسر؛ فالأرجح أن «الشيك» مسحوبٌ على رصيد البلد، والسعر إمَّا مصالحة سياسية لو وصل للحُكم، أو غطاءً مدنيًّا إن أخفق، قد يُصرَف داخل الهياكل الحزبية وفى النقابات ودوائر المجتمع المدنى.
تكشف اللحظة عن طيشٍ ظاهر؛ كما لو كانت بعض التيارات تُراهن على الجعجعة، وإن من غير طحن. مُؤتمر المعارضة ذهب للتصعيد أكثر من التماس الحلحلة، وموقف البرلمان الأوروبى تحفُّه فِخاخ المنطق: إنه منصّةٌ خطابية غير مُلزمة لحكومات أوروبا نفسها، ولم يتّخذ موقفًا أخلاقيًّا من خروقاتٍ حقوقية حادة فى بيئته، تطال المهاجرين والمُلوّنين يوميًّا، ولا اقترب من تسييس الانتخابات الرئاسية الأمريكية وارتفاع وتيرة الحصار القانونى لـ«ترامب» بعد ثلاث سنوات من الوقائع محل الاختصام. لعلّ الأوزان النسبية شديدة التفاوت والمنافسة شبه محسومة، ومن ثمَّ فقد يكون الصدام سعيًا لإفساد المشهد، بدل البناء عليه فى مسار التراكم الصاعد إلى الانفتاح وتطوير البيئة السياسية. لم يغب النضج عن البعض؛ لكن أحزابًا صغيرة هامشية، ويقودها رجال أعمال خِفافٌ وانتهازيّون، تُذكى النار؛ كأنّ غايتها مُكايدة السلطة أو تصوير السباق على أنه «خناقة شوارع»، ومعركة صفرية لا تقبل التعايش المنضبط والنموّ الحثيث. تلك المعادلة لا تُبشّر بغلّةٍ مُجزيةٍ فى موسم الحصاد؛ لأنها تتوخَّى رفع منسوب التوتّر والاستقطاب، وتبدو محاولةً لفرض توازنات جديدة، قد يكون من عناصرها تغطية إدماج الإخوان فى التفاعلات الحزبية الساخنة. وإن كان اللهاث المحموم لإعادة تركيب المشهد مُغريًا بمكاسب فى آخر النفق؛ فالعقل يُلزم بالنظر الرشيد فى تبعات المُخاطرة المسعورة. تفجير الحدود الآمنة للبيت المدنى الحديث قد يعصفُ بالانتحاريّين أنفسهم، أو يترك بعض أطماعهم المُنفلتة فى العراء.. والحساب المُؤجَّل لا يعنى النجاة، فالمسؤولون عن تعبيد طريق الإخوان سابقًا لم يبرأوا من الذنب تمامًا اليوم، ولن يُفلتوا من مُساءلة التاريخ والسياسة غدًا، أو فى مستقبلٍ بعيد.
ما نزال تحت ضغطٍ قديم. لا أحد فى خصومةٍ حقيقية مع الواقع؛ إنما هى بقايا الماضى ومهمّة تصفية رواسبه. هناك شكوك مُتبادَلة بين كلّ الأطراف، ولا سبيل لتجاوزها إلا بالعمل الدؤوب والمُتدرِّج؛ لبناء ركائز جديدة، تسمح بالمُكاشفة وإعلان النوايا والاعتراضات. فتحُ المجال العام واستعادة التماسك الوطنى غايةٌ نبيلة، دونها جهدٌ مُضنٍ ومُقدّمات واجبة، وكما يجب أن يكون الإجماع رضائيًّا وعلى قاعدة ندّية؛ فإنه يجب أن يكون الوصول إليه وئيدًا وسلميًّا، لأن استعجاله بالمعارك الطائشة سيترك آثار الرصاص على جدران المشهد الجديد، ويستجلب مقاومةً اجتماعية وسياسية، من فئاتٍ تضع الثابت المدنى قبل المُتغيِّرات الظرفية فى تركيبة المشاركة وصيغة الحُكم. على المُعارضة ألّا تُحرق المراكب على طريقة «العدو أمامكم والبحر من خلفكم»، إذ يُفترَض أنها ليست فى عداوةٍ مع منافسيها، ولا يجب أن يكون الغرق بديلاً مُتعجِّلاً عن التحرُّك الهادئ فوق يابسةٍ يُعاد تخطيطها بقواعد جديدة.. المُناورة بإظهار ورقةٍ وإخفاء أوراق وراء ظهرها، ليست الطريقة المُثلى لإدارة اللعبة؛ وعلى الجميع إعلان نواياهم وتثبيت التزامهم بالمُحدِّدات الوطنية، ثم نزول الملعب دون افتراضاتٍ سلبية، أو قرارات مُسبقة، أو طموح لإنهاء المباراة قبل موعدها الطبيعى. ما دون ذلك قد يكون حرقًا للمراحل، أو وكالةً مشبوهة عن أهدافٍ غير سياسية بالأساس، والتوجُّس مشروع بالنظر لسابق السقوط. ما لا يُبنَى على أُسسٍ راسخة قد لا يصمد إن اشتدّت العواصف، وفى التذبذب بين المدنيّة والرجعية، لا يبدو أن حصيرة الخرسانة السياسية جاهزة لاستقبال مدماكٍ جديد. المُعارضة أمام مسؤولية حقيقية تجاه نفسها أوّلاً، ويجب ألّا تُكرِّر الرسوب فى الامتحانات، أو تستسهل اللجوء للغشّ والتحايل على الأسئلة الإجبارية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة