أجواء روحانية مفعمة بالايمان يعيشها ضيوف الرحمن خلال هذه الأيام، خاصة بعد أن مَن الله عليهم بالوقوف في عرفات، وكلهم أمل أن يعودوا كيوم ولدتهم أمهاتهم دون ذنوب.
تحرك ركب الحجيج من عرفات للمزدلفة، امتثالا لقوله تعالى :" فاذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام"، ومنها لمدينة الخيام "منى".
هنا "مِنى" جسّدت كل معاني البياض، بياض الوجوه التي تشع نورا وإيماناً وبياض الإحرام وبياض الخيام وبياض القلوب.
هنا يتعارف الحجاج بعضهم على بعض، داخل مدينة الخيام ، بعد قضاء عدة أيام ، يتجاذبون فيها اطراف الحديث مع غيرهم، وتنشأ بينهم علاقات وصداقات داخل هذه المدينة الفاضلة.
مشعر منى يقع بين مكة المكرمة والمزدلفة، على بعد سبعة كيلو مترات شمال شرقى المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم، عبارة عن وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحَدُّه من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادى محسر .
يقول المؤرخون، إن تسمية "منى" أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة فى الحج، وقيل إنه "لتمنى آدم فيها الجنة"، ورأى آخرون أنه لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس "مِنى".
فى "منى" رمى إبراهيم عليه السلام الجمرات، وذبح فدية لابنه إسماعيل عليه السلام، وفيه قال الله عز وجل: "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ"، وذكر بعض المؤرخين أن "منى" كان فيها مشعرا يُعرف بـ"مسجد الكبش".
فى مشعر "منى" نزلت سورة النصر، فى أثناء حجة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم، وفيها تمت بيعتا الأنصار المعروفتان بـ"بيعة العقبة الأولى"، و"بيعة العقبة الثانية"، إذ بايع 12 شخصا من أعيان قبيلتى الأوس والخزرج بيثرب، أو المدينة المنورة لاحقا، الرسول فى المرة الأولى، وفى الثانية بايعه 73 رجلاً وامرأتان، وكانت البيعتان قبل هجرة الرسول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة