أكرم القصاص

مصر وأفريقيا و«البريكس».. اقتصاد عالمى أكثر توازنا وعدالة

الجمعة، 25 أغسطس 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على مدار ثلاثة عقود، ومنذ انتهاء الحرب الباردة، هناك مساع لإعادة بناء قواعد الاقتصاد والنفوذ فى العالم، بشكل أكثر توازنا وعدالة، لأنه بالرغم من انتهاء الحرب الباردة - أيديولوجيًّا - إلا أنها تركت شكلا غير متوازن فى العلاقات والقدرة على حسم الخلافات والمنافسة، حيث تركت فراغات، واختلالا أنتج نظاما ناقصا، بل إن الحرب فى أوكرانيا لم تكن هى وحدها التى أظهرت السعى لإعادة ترتيب القوة والنفوذ فى العالم، لكن مظاهره بدأت من سنوات، حيث ترى دول - مثل الصين وروسيا، ودول الاقتصادات الناشئة - ضرورة إنهاء أحادية النفوذ، وأن يكون هناك نظام عالمى أكثر توازنا، تبدو فيه الولايات المتحدة إحدى القوى الفاعلة وليست القوة الوحيدة، مثلما كان فى بداية الألفية، لأن انفراد الولايات المتحدة انتهى بغزو وصراعات، وفراغات أنتجت عدم توازن.
 
وحتى وعود العولمة وحرية التجارة الدولية، لم تخلُ من منافسة واستقطابات، أطاحت بالأحلام التى راجت ما قبل بدايات القرن الواحد والعشرين.
 
 من هنا، كان السعى لبناء تكتلات اقتصادية يمكنها معالجة وتلبية مطالب الدول الصاعدة، وتم إعلان تشكيل مجموعة «بريك» منذ عام 2006 من الدول ذات الاقتصادات الصاعدة، وأخذ الاسم من الأحرف الأولى لتلك الدول «البرازيل، وروسيا، والهند، والصين» وعقد أول مؤتمر قمة لها عام 2009، وانضمت جنوب أفريقيا إلى المنظمة عام 2010 ليصبح اسمها «بريكس» BRICS.
 
تمثل بلدان «بريكس» 23% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى و42% من سكان العالم، و30% من حجم الاقتصاد العالمى، و26 بالمئة من مساحة العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب العالمى.
 
وتحت عنوان «بريكس وأفريقيا.. شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة بشكل متبادل»، انطلقت القمة فى عاصمة جنوب أفريقيا، جوهانسبرج، فى دورتها الـ15، والتى تحظى باهتمام كبير، نظرا لتلقيها طلبات من دول عدة للانضمام إلى المجموعة، على نحو ما قال وزير التجارة والصناعة فى جنوب أفريقيا إبراهيم باتل، إن هناك طلبات من العديد من الدول على الانضمام لتجمع «بريكس» وأيضا للتواصل مع المجموعة، لأنهم يدركون أن العالم يتغير، وإن هناك طاقة للنمو وللإنتاج والاستثمار والتكنولوجيا صادرة عن مجموعة «بريكس».
 
وقررت القمة فى البيان الختام دعوة مصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لتصبح أعضاء كاملة العضوية فى مجموعة «بريكس» اعتبارا من أول 2024. 
 
ثمن الرئيس عبدالفتاح السيسى، إعلان تجمع «بريكس» دعوة مصر للانضمام لعضويته مؤكدا اعتزاز مصر «بثقة دول التجمع كافة، والتى تربطنا بها جميعا علاقات وثيقة، ونتطلع للتعاون والتنسيق معها خلال الفترة المقبلة، وكذا مع الدول المدعوة للانضمام لتحقيق أهداف التجمع نحو تدعيم التعاون الاقتصادى فيما بيننا، والعمل على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التى تواجهنا، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية».
 
وكانت مصر دائما من أكثر الدول الداعية إلى توسيع التعاون الاقتصادى، والسعى لنظام اقتصادى أكثر عدالة وتوازنا، فيما يتعلق بالتنمية والديون، بما يتناسب مع طموحات الدول فى بناء تجاربها الاقتصادية المستقلة. 
 
وفى الخطاب الذى ألقاه رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا عشية القمة، أكد أن بلاده تدعم توسع البريكس والشراكة مع الدول الأفريقية الأخرى، والتى من خلالها يمكن للقارة أن تفتح الفرص لزيادة التجارة والاستثمار وتطوير البنية التحتية»، وأن التوسع من شأنه أن يلبى «الرغبة المشتركة فى إقامة نظام عالمى أكثر توازنا». ودعا «إلى استثمار مناخ التنافس الدولى لتعظيم مكاسب أفريقيا، وذلك من خلال بناء شراكة استثمارية بين دول القارة وبريكس.
 
وكانت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدى باندور، قالت إن زعماء دول المجموعة اتفقوا على آليات لبحث ضم أعضاء جدد للمجموعة سعيا إلى إرساء نظام عالمى متعدد وإنهاء هيمنة الدولار.
 
ودعا قادة عدد من دول المجموعة المشاركين فى القمة إلى إرساء نظام عالمى متعدد وإنهاء هيمنة الدولار، وشددوا على ضرورة توسيع المجموعة وتعزيز دورها فى تعافى الاقتصاد العالمى.
 
وحسبما نشرت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية «إن إلغاء الدولرة وزيادة استخدام العملات المحلية فى التجارة، تأتيان على رأس قائمة الاجتماعات»، بينما كشف سفير جنوب أفريقيا لدى «بريكس» أنيل سوكلال، أن المجموعة ستناقش تعميق استخدام العملات المحلية فى التجارة بين الدول الأعضاء فى قمة بريكس، وهى خطوة تلقى ترحيبا من المؤسسات الاقتصادية العربية، وقال إن المحادثات ستركز على قضايا من بينها إنشاء نظام مدفوعات مشترك، بينما أشار الى أن «التداول بالعملات المحلية مطروح على جدول الأعمال، ولا توجد خطط لمناقشة استبدال الدولار كعملة عالمية بحكم الأمر الواقع. 
 
كل هذه إرهاصات مهمة باتجاه نظام عالمى أكثر توازنا، وأقل استقطابا، يضاعف التعاون والمنافسة، مع ضمان إمكانية تدعيم التنمية.
 
P.8

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة