مع مرور الوقت واستمرار العدوان الإسرائيلى على غزة، مصحوبا بحصار ومحاولات إبادة، تتزايد احتمالات اتساع الصراع إقليميا ودوليا، فى ظل مواقف أمريكية مختلفة، وتردد فى التعامل، مع الخلافات بين الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال، التى تواصل حربا بلا أفق، وتضاعف من الصراع بما قد يضر بالسلام فى المنطقة، وتحقق التوقعات والتحذيرات المصرية المبكرة من استمرار الصراع بلا أفق.
وعلى مدى أشهر يبقى الموقف المصرى من العدوان الإسرائيلى على غزة واضحا والتحركات المصرية حاسمة سواء فيما يتعلق بمواجهة العدوان والسعى لوقفه أو الدفع لاستمرار تدفق المساعدات إلى القطاع، ورفض الحصار الذى يفرضه الاحتلال، وأيضا مبادرات فرض هدنة أولى والاتجاه لرسم سياقات هدنة ثانية وطويلة وهو ما يجرى العمل عليه والتباحث حوله مع الأطراف الإقليمية والدولية.
مصر أعلنت موقفها من البداية ضد تهجير قسرى للفلسطينيين من غزة أو تصفية القضية الفلسطينية وتصدت للكثير من التصريحات غير المسؤولة التى خرجت من بعض المسؤولين الإسرائيليين وتكشف عن ارتباك داخل دولة الاحتلال ورغبة نتنياهو فى البقاء بالسلطة ومخاطبة التيارات الأكثر تطرفا داخل دولة الاحتلال، بالرغم من أن تحركاته لم تسفر عن تأمين عودة المحتجزين بالقوة كما وعد، بل واستمراره فى إطلاق وعود وتصريحات هدفها إرضاء ناخبيه المتطرفين، حتى ولو على حساب اتساع الصراع.
وينعكس هذا الموقف حتى مع حلفائه حيث تتزايد التقارير والتحليلات داخل الولايات المتحدة تشير إلى ذلك، وهو ما عكسته تقارير «نيويورك تايمز» التى أشارت الى أن جولة وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن الأخيرة إلى المنطقة، أظهرت الخلافات بين الموقف الأمريكى وموقف الاحتلال، وتعنت موقف بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بوقف إطلاق النار فى غزة، وأنه يخاطب جمهوره المحلى، بينما بلينكن حاول ضمان وقف إطلاق النار فى غزة، وإطلاق سراح المحتجزين وإطلاق عملية سلام أوسع، لكنه واجه تعنت نتنياهو، الذى يسعى لإنقاذ نفسه.
ترى صحيفة «واشنطن بوست» إن نتنياهو يجد نفسه فى خطر سياسى عميق فى ظل ما يواجهه من دعوات متزايدة لاتفاق جديد لوقف الحرب، وتزداد الخلافات بينه وبين واشنطن، ويصر على إطلاق تصريحات حول ما أسماه تحقيق «الانتصار الكامل» فى غزة، وسط فضائح لا تحصى، كأطول من مكث فى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وتشكك تقارير المخابرات الأمريكية، قدمت الأسبوع الماضى فى قدرات الحرب على إنهاء المقاومة، وقالت إنه على الرغم من أن إسرائيل أضعفت القدرات القتالية لحماس منذ بدء الحرب، لكنها لم تقترب بعد من تدميرها.
وذهبت نيويورك تايمز الى القول بأن التحديات التى يواجهها نتنياهو كثيرة وتشكل دائرة يبدو من المستحيل حلها، حيث يهدد شركاؤه فى الائتلاف القومى المتطرف واليمين المتشدد بإسقاط الحكومة إذا توقفت الحرب، بينما عائلات المحتجزين يطالبون بقبول أى خطوات لإطلاق سراحهم بعد فشل إطلاقهم بالقوة، وتضغط واشنطن من أجل إطار عمل سياسى لغزة ما بعد الحرب يشمل خارطة طريق لإنشاء دولة فلسطينية أمضى نتنياهو مسيرته السياسية فى محاولة منع إقامتها حيث قال فى ديسمبر إنه فخور بأنه منع تأسيس دولة فلسطينية.
من جانبها وضعت مصر خطا أحمر، واتخذت إجراءات للتعامل مع أى تصرفات أو تصريحات غير مسؤولة باعتبار أن مصر قادرة من جهة على حماية أمنها القومى وأيضا أن التزامها بالسلام يتضمن قدرتها على مواجهة أى تحركات لخرق السلام أو تجاوز الاتفاقات، ويعلم الجانب الآخر والدول المختلفة وضوح وحسم الموقف المصرى، وهذه المواقف الواضحة والحاسمة هى التى تدفع الاحتلال الى إطلاق بالونات اختبار او إطلاق حملات من الأكاذيب، أو الادعاءات والهجوم على الدولة المصرية التى تمثل مواقفها شوكة فى حلق الاحتلال، حيث تقف مصر داعمة للفلسطينيين.
جددت مصر موقفها فى بيان واضح وحاسم من رئاسة الجمهورية أكدت فيه أن موقف مصر الثابت هو التصميم على وقف إطلاق النار فى غزة بأسرع وقت ممكن، وحماية وإنقاذ المدنيين الذين يتعرضون لأسوأ معاناة إنسانية، من القصف والجوع والمرض، مع استمرار مصر فى قيادة وتنظيم وحشد وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع بأكبر كميات ممكنة.
وحرصت مصر على إبقاء معبر رفح مفتوحا طوال الوقت بدون شرط أو قيد بل إنها واجهت مشكلات بسبب تكرار قصف الاحتلال للمعبر من الجانب الفلسطينى 4 مرات، وحال دون إدخال المساعدات وتدخلت مصر لإعادة تأهيله، وحشدت مساعدات إنسانية بأحجام كبيرة.
الدور المصرى كما أكد بيان الرئاسة ينطلق من شعور بالمسؤولية الإنسانية عن الأشقاء الفلسطينيين بالقطاع، حيث الموقف الرسمى والشعبى موحد وواضح، بل إن مصر تعرضت لضغوط وتحديات حتى يمكنها تنسيق عملية إدخال المساعدات، ووظفت اتصالاتها مع الأطراف الإقليمية أو الدولية أو الأممية، للضغط من أجل إتاحة دخول المساعدات وزيادة كمياتها بالشكل المطلوب، كما أن 80% من المساعدات مقدمة من مصر حكومة وشعبا ومجتمعا مدنيا.
وبالرغم من التحديات، أعلنت مصر استمرار العمل المشترك والتعاون مع الولايات المتحدة بشأن التوصل لتهدئة فى قطاع غزة، والعمل لوقف إطلاق النار وإنفاذ الهدن الإنسانية وإدخال المساعدات الإنسانية بالكميات والسرعة اللازمة ورفض التهجير القسرى والتوافق التام بين البلدين، بشأن العمل على إرساء وترسيخ السلام والأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، وكشف موقع أكسيوس عن إرسال الرئيس الأمريكى جو بايدن مدير المخابرات المركزية إلى مصر فى أحدث محاولة لإبرام اتفاق بشأن المحتجزين فى قطاع غزة، وهو ما يمثل ردا عمليا على تصريحات الرئيس بايدن التى تعكس حسب التقارير الامريكية قلقا بعد تكرار زلات اللسان لبايدن، واضطرار البيت الأبيض لمحاولة شرحها وتوضيحها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة