زواج القاصرات حلال أم باطل؟..دار الإفتاء: باطل لعدم توافر الشروط والأركان الحقيقية للزواج.. ولا يَزُجُّ بابنته فى مثل هذه المسالك إلا ساقطُ العدالةِ.. وينبغى أن يعاقَب فيه فاعله وكلُّ من سهله أو سعى فى إتمامه

الإثنين، 01 أبريل 2024 08:00 ص
زواج القاصرات حلال أم باطل؟..دار الإفتاء: باطل لعدم توافر الشروط والأركان الحقيقية للزواج.. ولا يَزُجُّ بابنته فى مثل هذه المسالك إلا ساقطُ العدالةِ.. وينبغى أن يعاقَب فيه فاعله وكلُّ من سهله أو سعى فى إتمامه دار الإفتاء
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قرر الإسلام كرامة المرأة وأعلى شأن الأنثى إلى أرفع مقام، وعصم بالزواج البشريةَ من استغلال الغرائز واتِّباع الشهوات؛ لأنه عقد غليظ فى حقيقة أمره ليس من مقصودِه تمتع الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل فحسب، بل المقصود منه إلى جانب ذلك المحافظةُ على الإنسان وتحقيقُ التناسل وبقاء النوع الإنسانى، ويكون به الأنس والسكن الروحى والنفسى وفرح النفس وسط شدائد الحياة ومتاعبها؛ كما ورد فى قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أن خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً أن فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].

دار الإفتاء أكدت أنه لا يخفى أن ما نشهده فى العقود الأخيرة من أمر زواجِ القاصرات يجعلنا جميعًا أمام مشكلة اجتماعية خطيرة، تفتقد فى مظاهرها وممارساتها لمعنى الزواج السوى ومقومات استمراره؛ والقاصراتُ جمع قاصر، ويدل فى اللغة على العجزِ وعدم الرشد فى التصرفات ووضع الأمور فى غير مواضعها، ويطلق فى الاستعمال الشائع على من لم يبلغ الحُلُمَ: الصّغير والصَّبى والجارية، وهم مَن دون سن البلوغ الذى حدده أهل القانون فى مصر ببلوغ سن الزوجة أو سن الزوج ثمانى عشرة سنة ميلادية، ومن ثَمَّ فالمراد بزواج القاصرات كمصطلح مركَّب هو تزويجُ من له الولاية البنتَ الصّغيرةَ التى لم تصل السنَّ المحدد فى القانون ببلوغ ثمانى عشرة سنة ميلادية.

وأوضحت دار الإفتاء: لقد حثَّ الشرعُ الشريف كُلًّا من الرجل والمرأة على مراعاة الكفاءة عند العزم على الارتباط وإقامة العلاقة الزوجية بينهما، ورغم أن فقهاء الإسلام قد اتفقوا على أصل مشروعية الكفاءة لكنهم اختلفوا فى تحديد خصالها وسماتها؛ نظرًا لمراعاة النظر فى أغلبها لاختلاف الأحوال والأزمان والأمكنة والأعراف والثقافات، وهى أمور ضرورية تمثل عناصرَ فعالة فى حصول المودة والرحمة والاحترام المتبادل فى الأسرة وعاملًا مساعدًا على أداء الحقوق المتقابلة بين الزوجين.

وتابعت: القول بمنع هذا النوع من الزواج هو المعتمد فى عصرنا ومصرنا شرعًا وقانونًا؛ وذلك استنادًا إلى أقوال بعض أهل العلم من التابعين ؛كالإمام ابن شبرمة والإمام الأصم، ومن المقرر شرعًا أنه يجوز الأخذ بأى قول معتبر من أقوال أهل العلم بما يحقق المصلحة ووفقًا للاختيار الفقهى المنضبط، خاصة أنه قد ثبت ضرره بصورة يقينية، حيث يتضمن هذا النمط من الزواج أمورًا خطيرة ترجع على مبدأ اعتبار الكفاءة بالبطلان؛ حيث امتهان الكرامة وضياع الحقوق، بالإضافة إلى ما يحصل فى بعض صورِه من سوء المعاملة والمعاشرة، مع ما يستتبع ذلك من المضار النفسية والاجتماعية، وما يجره من تهديد الأمن الاجتماعى، وما يفرزه ذلك من أطفال الشوارع ومجهولى النسب، فى بعض الحالات، الذين يمثلون بعد ذلك قنابلَ موقوتة تهدد الأمن والسلام الاجتماعيين.

إذا كان العقلاءُ لا يختلفون فى أن مثل هذا النمط من الزواج هو ضررٌ محضٌ على المستوى الفردى والاجتماعى، وأنه يفتقد أدنى معايير الكفاءة بل الكرامة الآدمية فى الزواج، فإن فى قواعد الشريعة الإسلامية وأحكامها ما هو كفيلٌ بمنعه وردع من يمارسه وتجريم من يتوسط فيه ويعين عليه، بل وإلغاء ولاية الأب على ابنته القاصر إذا زُجَّ بها فى ذلك الأمر، وما يترتب عليه من آثار خطيرة من الاستغلال الجنسى والانتفاع المادى على حساب كرامتها وحقوقها.

والمعتمد فى الفتوى بشأن هذا النمط من عقود الزواج هو البطلان أخذًا بقول ابن شبرمة والأصم؛ لعدم توافر الشروط والأركان الحقيقية للزواج، وتضمنه آثارًا خطيرةً تُهدد استقرار الأسرة والمجتمع، فضلًا عن ضرره الطبى، ولا يَزُجُّ بابنته فى مثل هذه المسالك إلا ساقطُ العدالةِ، فهو زواجٌ من غير ولى مُعْتَدٍّ به شرعًا، وينبغى أن يعاقَب فيه فاعله وكلُّ من سهله أو سعى فى إتمامه على هذا النحو الذى لا يستند إلى عقل رشيد.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة