سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 يوليو 1956.. جمال عبدالناصر لأمريكا بعد رفضها تمويل مشروع السد العالى: «موتوا بغيظكم والرد الذى أقوله اليوم غير الرد الذى أقوله يوم الخميس»

الأربعاء، 24 يوليو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 يوليو 1956.. جمال عبدالناصر لأمريكا بعد رفضها تمويل مشروع السد العالى: «موتوا بغيظكم والرد الذى أقوله اليوم غير الرد الذى أقوله يوم الخميس» الدكتور مصطفى الحفناوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

خرج الدكتور مصطفى الحفناوى من بيت الرئيس جمال عبدالناصر يوم 23 يوليو 1956 متوجها إلى مقابر الإمام الشافعى وجلس لساعات أمام قبر ابنه، بعد أن أبلغه الرئيس وناقشه فى اعتزامه تأميم شركة قناة السويس، يتذكر فى الجزء الثالث من كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة» أنه خرج من حى المقابر فى ساعة متأخرة من الليل، متجها إلى ضريح سيدنا أبى عبدالله بن الحسين، وبقى فيه حتى صلاة الفجر، وخرج من المسجد إلى داره، ولم يشعر أحد بأنه موجود فى القاهرة، ومكث يعمل طوال اليوم إلى الليلة التالية.


مضى الحفناوى طوال يوم 24 يوليو، مثل هذا اليوم، 1956، فى تنفيذ الشق الخاص به فى إعداد مشروع قانون التأميم، الذى كلفه به عبدالناصر فى لقائهما يوم 23 يوليو، ويشرح أحمد حمروش رحلة إعداد هذا القانون فى كتابه «ثورة 23 يوليو»، قائلا: «كلف جمال عبدالناصر وزير الاقتصاد الدكتور عبدالمنعم القيسونى، بإعداد مشروع قانون التأميم، واشترك فى وضعه محمد على الغتيت عضو مكتب هيئة قناة السويس، حيث كان رئيسه الدكتور حلمى بهجت بدوى متغيبا فى الخارج، والمستشار بدوى حمودة ممثلا لمجلس الدولة، والمستشار حسن نور الدين مستشار وزير الداخلية، واقترح بعض المستشارين وضع الشركة تحت الحراسة مستندين إلى مخالفات الشركة وتلاعبها، ولكن عبدالناصر أصر على التأميم».


يؤكد سامى شرف، مدير مكتب عبدالناصر، فى الجزء الأول من مذكراته «سنوات وأيام مع عبدالناصر»، أن «الغتيت» ومصطفى الحفناوى كانا متحمسين لاتخاذ قرار بفرض السيطرة المصرية الكاملة على شركة قناة السويس، وأن الرئيس وافق على ضم المستشار محمد فهمى السيد مستشار الرئيس للشؤون القانونية ومساعده المستشار عمر الشريف، لفريق العمل، ويضيف أنه بعد الانتهاء من إسهامات الجميع وتوصلهم إلى صيغة محدد للقرار، قام هو بنفسه بكتابته على الآلة الكاتبة، وطلب منه الرئيس أن يحتفظ به فى خزانته حتى يعطيه أوامر جديدة، مع تنبيهه بحسم «مافيش حد يفتح هذا الموضوع مع أى مخلوق».


يكشف عبدالحميد أبوبكر، مساعد المهندس محمود يونس قائد فريق تنفيذ تأميم شركة القناة، أسرارا أخرى جرت فى نفس اليوم «24 يوليو»، قائلا فى كتابه «قناة السويس والأيام التى هزت الدنيا»: فى تمام الساعة التاسعة صباحا وصل «عبدالناصر» إلى معمل تكرير البترول بمسطرد لافتتاح خط أنابيب البترول الجديد «السويس/ القاهرة» وفقا للموعد الذى حدده، وكان برفقته بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة والوزراء، وقبل أن يبدأ عبدالناصر جولته لمشاهدة المعمل ونهاية الخط، التفت إلى محمود يونس رئيس الهيئة العامة للبترول، قائلا: «اتكلم واشرح ولا تتوقف عن الشرح سواء كنت أسمع لك أو لا».. يعلق أبوبكر: «كان الواضح أن ذهن الرئيس مشغول تماما وأن آخر شىء يمكن أن يفكر فيه هو ما يشرحه يونس له»، ويضيف أبوبكر: «أدرك محمود يونس شرود الرئيس وانصراف ذهنه عن كل ما يسمع، وحرصا منه على سلامة الرئيس قال له: أرجو ألا تلمس أى ماسورة فى المعمل لأنها ساخنة جدا لأن الوقت لم يسمح بتغليفها».


بعد افتتاح الخط، ارتجل عبدالناصر كلمة ليس لها علاقة بمناسبة الافتتاح، يذكر أبوبكر: «انصبت على قرار أمريكا سحب تمويل السد العالى يوم 19 يوليو 1956 وحملة التشكيك فى سلامة اقتصادنا، وقال الرئيس: نؤمن بأنفسنا، ونؤمن بقوتنا، ونؤمن بعزتنا، ونؤمن بمصر وبأبناء مصر، ونؤمن بشعب مصر، وأضاف: قامت فى واشنطن ضجة تعلن وقد تجردت من الحياء، بل تجردت من أى مبدأ من المبادئ التى تقوم عليها أسس علاقات الدول، تعلن كذبا وخداعا وتضليلا، أن الاقتصاد المصرى يدعو إلى الشك، إننى أنظر وأقول: موتوا بغيظكم، والرد الذى سأقوله لهم على هذا الكلام اليوم، هو غير الرد الذى سأقوله يوم الخميس القادم إن شاء الله».


يؤكد «أبوبكر»: «شعر الموجودون أن افتتاح المشروع لم يكن إلا ذريعة اتخذها عبدالناصر لإلقاء خطاب سياسى للرد على قرار سحب تمويل السد، وباتت عواصم الشرق والغرب تتساءل عن الخطوة التالية أو الرد الذى يعده عبدالناصر على إهانات دالاس، لكن الحقيقة ظلت سرا، وبات العالم يترقب يوم الخميس 26 يوليو 1956 لكى يعرف رد جمال على إهانة الغرب».


وبعد انتهاء الافتتاح طلب عبدالناصر من محمود يونس أن يقابله فى مبنى مجلس الوزراء الساعة الثانية عشرة ظهرا.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة