محمد كمال

ملاحظات صينية

الأحد، 04 أغسطس 2024 01:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

‏زيارة سريعة للصين تجدد فى الذهن عددا من الملاحظات التى يتميز بها هذا النموذج الفريد فى التنمية.

‏الملاحظة الأولى تتعلق بالثقافة والوعى، فالذى يزور الصين للمرة الأولى، ويضع فى ذهنه عدد سكانها، يتوقع ازدحاما كبيرا فى شوارعها، ولكن عندما يصل للعاصمة بكين أو إحدى مدنها الكبرى الأخرى، يجد انتظاما وسيولة مرورية.

أحد أسباب ذلك هو استخدام السيارات ذات الأرقام الفردية فى يوم والزوجية فى يوم آخر، وأتذكر أن هذه الفكرة طرحت فى مصر منذ عدة سنوات، ولكنها وجدت معارضة شعبية كبيرة. صحيح أن نجاح التجربة فى الصين يرتبط أيضا بوجود نظام ملائم من المواصلات العامة، ولكن الأمر بالأساس يتعلق بالثقافة والوعى.

مسألة أخرى يجدها من يزور الصين، فى هذه الأيام من الصيف، حيث درجة الحرارة المرتفعة لا تختلف عن القاهرة، وهى أنه يتم ضبط أجهزة التكييف فى المبانى الحكومية والعامة ما بين درجة 24 و26 مئوية، وحتى فى الفنادق الخاصة يتم ضبط أجهزة التكييف على ما يقرب من 24، بما يتيح الإحساس بدرجة من البرودة، ولكن دون الإفراط فى استهلاك الكهرباء، كل ذلك يتم قبوله من الشعب الصينى بالتزام وانضباط يرتبط بدرجة الوعى لديهم.

‏الملاحظة الثانية تتعلق بالحكومة الإلكترونية على المستوى المحلى، وزيارة مركز البيانات الضخمة بمدينة شنغهاى، يوضح كيف يتم استخدام شبكة الإنترنت فى تقديم أكثر من 100 خدمة، من خلال منصة إلكترونية واحدة، تتضمن إجراءات من الميلاد إلى الوفاة مرورا بخدمات التعليم، والصحة، والضرائب، وغيرها.

وقد ساهمت سلاسة تقديم هذه الخدمات، من خلال منصة إلكترونية محلية، فى تسهيل معيشة المواطن وزيادة درجة الرضا عن الحكومة.

‏الملاحظة الثالثة تتعلق بالابتكار السياسى، فنظام الحكم بالصين له خصوصية، ويتمتع بدرجة عالية من المرونة والتكيف، جعلته يستمر فى إدارة البلاد ويحقق الإنجاز، وأحد خصائص هذه التجربة هى استقطاب أفضل العناصر للانضمام للحزب، والتصعيد فيه من خلال معايير الكفاءة.

إحدى مظاهر الابتكار فى النظام السياسى الصينى هو إنشاء مجالس استشارية، فبجانب الحكومة التى تتولى التنفيذ، والبرلمان الذى يتولى التشريع، تقوم هذه المجالس الاستشارية، التى تضم الخبراء والنخب، وممثلى القوى القومية والمجتمعية بتقديم النصيحة والاستشارة لصانع القرار.

وهذه المجالس موجودة على المستوى المركزى والمستوى المحلى، بما يساعد على تقديم المشورة وفى الوقت نفسه دمج النخبة فى الدولة.

‏ملاحظة أخيرة تتعلق باهتمام الصين بالبعد الحضارى فى علاقتها الدولية، فانطلاقا من حضارتها العريقة، تؤمن بأنه لا توجد حضارة تسمو أو تتفوق على أخرى، وليس من حق أى حضارة أن تفرض قيمتها ونظامها على الآخرين، ومن حق الدول، خاصة ذات الحضارات العريقة، أن تطور نظامها الخاص بها.

باختصار.. الصين تقدم نموذجها الخاص الذى لا تدعو الأخرين لتبنيه، ولكنه فى الوقت نفسه يطرح الكثير الذى يمكن دراسته والاستفادة منه.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة