التهدئةُ فى لبنان على مرمى حجرٍ، وبعيدةٌ أيضًا فى الوقت ذاتِه. والعِلَّة فى جنوبىِّ الليطانى، لا تختلفُ عن مَثيلتِها على ساحل غزَّة. إذ تتوافرُ الشروطُ الموضوعيّة لإنجاز الصفقة.
إذا تصاعد الطَّبلُ فلا تنتظر غناءً. وخلاصةُ المشهد بين تل أبيب وطهران، أنهما يقدحان شررَ الحرب من دون رغبةٍ فى خَوضِها؛ فكأنهما يتنافسان على ابتزاز المنطقة، وينخرطان معًا فى رقصةٍ لاهثة.
من مَأمَنِه يُؤتَى الحَذِر. ربما لا شىءَ يُلخِّصُ المشهدَ الإقليمىَّ المُشتعلَ أكثر من هذا القول المأثور، وبالنسبة لكلِّ الأطراف المُتشابكة ميدانيًّا على حدٍّ سواء. إسرائيلُ بُوغِتَت من جانب غزَّة وكانت تتوهَّمُ أنَّ حماس تحت سقف الردع
مثلما الزمنُ لا يعود للوراء؛ فالذين قضوا فى جحيم غزَّة صاروا رقمًا فى أرشيف الضحايا. يتأسَّى العالم عليهم لكنه لا يسعى لاستيفاء حقوقهم؛ وما استدعاؤهم فى مجال النزاع إلَّا لاستنقاذ الباقين.
تجرَّعت إسرائيلُ كأسَ اليمين المُتطرِّف بكاملها؛ حتى لم يعُد فى جوفها فراغٌ لهواء آخر. والنزاعات التى كانت تُدار على أجنداتٍ سياسية مُتمايزة فى قليلٍ أو كثير.
أيقنت إسرائيلُ أنها بعيدةٌ من النصر؛ فتقبَّلت الهُدنة التى كانت ترفضها وتُماطل فى مُفاوضاتها، وقد ارتضت «حماس» ترتيباتٍ مرحليّةً أقلّ ممّا كانت تتطلَّع إليه.