محمد الجالى

الضبعة وقرار الرئيس

الجمعة، 27 أغسطس 2010 02:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو أننى أعرف رقما هاتفيا شخصيا أو منزليا للرئيس مبارك، لما ترددت لحظة فى الاتصال به لأشكره على قراره الحاسم بتنفيذ مشروع المحطة النووية بالضبعة.

أعرف أن مواطنا فقيرا إلى الله مثلى، ربما كان مبالغا أكثر من اللازم، أو "بيشتغل نفسه" ليكتب ما قرأتَ يا عزيزى سابقا، فأمثالى ترتعد أصابعه وينتفض قلبه (طوعا وكرها) لو صدّق نفسه وأقبل على هذه الفعلة الشنيعة، فقبل أن تصل رنات "موبايلى" عبر أثير شبكة موبينيلية أو فودافونية أو اتصالاتية سأذهب أنا إلى الشبكة الترابية الأرضية التى إما روضة من رياض الجنة (رزقنى الله وإياك بها) أو حفرة من حفر النار (أعاذنى الله وإياك منها!!)
دعك من كل ما سبق، فتلك هرطقات ربما تكون بحكم "الصيام فى حر صيف القاهرة"، ودعنى أشرح لك باستفاضة لماذا أشكر الرئيس على هذا الحسم؟!

الرئيس مبارك أنهى جدلا استمر لسنوات طوال، فبينما أهل الذكر من خبراء الطاقة يؤكدون على ضرورة أن تكون الضبعة هى المكان الأصلح والملائم لإقامة أول محطة نووية فى مصر، اصطدمت تلك الأمانى القومية الوطنية بمطامع رجال البيزنس الذين حولوا سواحل البلد إلى منتجعات سياحية تخدم عِلية القوم (نفوذا وأموالا) وساهموا فى تحويل باقى أجزاء البلد إلى "عشش" تفتقد للبنية الأساسية ويعانى أهلها أضغاث الفقر والجوع.

قل ما شئت عن أن قرار الرئيس تأخر كثيرا جدا، وأعلِن عن غضبك من محاولات سيطرة "البيزنسيون الجدد" على هذا الموقع الساحلى الفريد الذى تحسدنا كل الأمم عليه، وسُبّ والعَن نواب الشعب الذين شاركوا أسيادهم من رجال الأعمال لتحقيق مصالح خاصة، لكن قبل أن تفعل ذلك كله، لا تنسى أن قرار الرئيس جعلك تضحك عليهم "فى الآخر" ولا تَرْعَوِ عن إخراج لسانك لهؤلاء الطامعين فى بيع بلدك شبرا شبرا ثم بيعك أنت بعد أن يستولوا على أراضى البلد كلها بكرات دمك الحمراء والبيضاء وشحمك ولحمك وشعرك وأظفارك.

أشكر الرئيس مبارك لأنه أضاع على هذه المجموعة العابثة بأمن البلد وكيانها وثقلها الإقليمى والدولى، فرصة التحكم فى مصائرنا وتهديد مستقبل الأجيال القادمة.

أشكر الرئيس مبارك لأنه فكر وقدر ثم صبر ثم تدبر ثم اتخذ قرارا جريئا تاريخيا بعد أكثر من 30 عاما من رئاسته للجمهورية، فلم يفكر سوى فى صالح البلد ضاربا بالأحلام (غير المشروعة) لأصدقاء نجله عرض الحائط، فالرئيس رجل-اتفقت أو اختلفت مع سياساته- وصل إلى ما هو أهل له بكده وتعبه، جاهد من أجل الوطن وحارب الأعداء وانتصر، بينما غيره يوشك أن ينكبّ على قمة البلد بمؤهلات "الشوكة والسكين".

أشكر الرئيس مبارك لأنه سيجعل مصر بقراره الذى تأخر كثيرا تستعيد كبريائها وريادتها التى انزوت لصالح الفُرس والروم، حتى أصبحنا نوشك على رؤية خارطتنا السياسية بالميكرسكوب.

أشكر الرئيس مبارك لأنه بقراره الحاسم سيؤرق مضاجع دولة بنى صهيون التى تجرأت على كل الأمم فلم يذلها سوى الله ثم أبناء النيل.

أشكر الرئيس مبارك لأنه اختار توقيتا مهما لإقرار المشروع بمنطقة الضبعة، خصوصا أن طاقتنا من الكهرباء وغيرها من مصادر الطاقة تأثرت بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وأدت إلى شلل فى قطاعات عديدة حتى فى العاصمة.

لكن قبل أن أختم بشكر الرئيس، أوجه كلامى لرجل الأعمال القيادى المعروف بالحزب الوطنى( إبراهيم كامل) الذى أراد أن يستولى على تورتة الضبعة وينشئ عليها مشروعا سياحيا: "لا تجادل بالباطل، لأن رئيس الدولة حسم الأمر، فهل ستأخذك العزة بالإثم وتصر على معارضتك حتى بعد قرار الرئيس"، لا أعرف(صراحة) من أين أتى السيد إبراهيم كامل بكل هذه الجرأة ليعقّب على قرار الرئيس مبارك فى تصريحاته لـ"المصرى اليوم" ويقول نصا: "يأخذون قرارا أولا يتخذون.. رأيى لن يتغير وسوف يكون لى رد عندما أعود إلى مصر مطلع الأسبوع المقبل".

هل تناسى السيد إبراهيم كامل أنه قيادى فى حزب الرئيس، وأن اعتراضه على قرار الرئيس سقطة كبيرة فى حقه وفى حق صديقه نجل الرئيس، أم أنه يرى فى نفسه مالا نراه نحن؟
أخشى أن يَصدُق إبراهيم كامل ويقنع الرأى العام بأنه فوق مؤسسة الرئاسة، وأن مصلحته الخاصة أقوى من المصلحة القومية، لكن ما يجعلنى أُكذّب تصريحات "كامل" أن يُحاسب على هذا العتو، ويحقق معه الحزب الوطنى الذى يتشدق دائما بصرامته وحزمه، ليعرف أن مقام الرئاسة "لحمه مر".









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة