هانى عزيز

لا للإساءة للإسلام ولرسوله الكريم

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012 11:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المؤكد أن مصر قد أصابها بلاء التطرف، فقد بُليت ببعض المتطرفين من المسيحيين ومن المسلمين، هؤلاء - بالرغم من أنهم يُعدُّون على أصابع اليد الواحد - صوتهم عالٍ، قد يفعلون ذلك عن عمد أو عن جهل أو عن فهم خطأ للأديان، وهؤلاء يجب أن تُتخذ حيالهم إجراءات قانونية تردعهم وتجعلهم يفكرون مليون مرة قبل السقوط فى بئر ازدراء الأديان، فمصر فيها ما يكفيها من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التى تحتاج إلى تكاتف جميع المصريين ووحدتهم لحلها، فجميع المصريين يتطلعون إلى غدٍ أفضل لا إلى الفرقة والانقسام والبغض والكراهية، وهى ما يجب أن يقف ضدها كل مصرى أمين على هذا الوطن.

منذ أيام خرجت علينا وسائل الإعلام بخبر مفاده أن بعض أقباط المهجر، أو – تحديدًا – شخصين، هما "عصمت زقلمة" و"موريس صادق" ومعهما القس الأمريكى المعروف "تيرى جونز" أنتجوا فيلمًا يسىء للرسول الكريم، وهو ما رفضه جميع الكنائس المصرية، فقد أصدر الأنبا باخوميوس القائم مقام بطريريك الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية بيانًا يرفض فيه الإساءة إلى الإسلام ونبيه الكريم، ويؤكد على احترام الكنيسة للإسلام والمسلمين وشركاء الوطن والإنسانية، وإن الكنيسة ترفض المساس بمشاعرهم وعقائدهم ورموزهم الدينية، وأكد الأنبا باخوميوس أن الكنيسة تعلن تبرؤها من أفعال كل من يقدم تلك الأعمال التى تنطوى على ازدراء الأديان، والتى تعد جريمة يعاقب عليها القانون وتتعارض مع الخلق المصرى الأصيل وتقاليد المسيحية.

ماذا ننتظر من عصمت زقلمة وموريس صادق وتيرى جونز، الأول يدعو إلى تقسيم مصر وأقام نفسه رئيسًا لهذه الدولة المزعومة، والثانى يبذل قصارى جهده فى استعداء الدول الخارجية على مصر، والأخير معروف بعدائه الشديد للإسلام.

هؤلاء لا يدركون ما يفعلون، لكن يعرفون أن النتيجة سوف تكون فى صالحهم، هم يريدونها فتنة، فتنة تأكل الأخضر واليابس. يريدون بث الفتنة وتأجيجها لتصبح نارًا مستعرة تحرق الجميع. هذا ما يريدونه ويعملون عليه، ويجب أن نكون واعين لذلك، ما الفائدة التى سوف تعود على الأقباط من إنتاج فيلم يسىء إلى الرسول الكريم؟ فإنتاج فيلم يسىء إلى الرسول الكريم قد يدفع المسلمين المتشددين للانتقام من كل من هو قبطى، خاصة أن الوضع ينبئ بذلك (من كان يتوقع أن حرق قميص يمكن أن يؤدى إلى فتنة طائفية يذهب ضحيتها شخص مسلم ويُسجنُ آخرون وتُنهبُ وتُخرَّب ممتلكات مسيحيين؟)، هؤلاء يهدفون إلى صناعة الفتنة، ويجعلونها صناعة كاملة متكاملة لا تهدأ. يريدون مصر رمادًا. هؤلاء لا يدركون ما يفعلون أو لا يقدرون أن هناك مصريين كثيرين عرضةٌ للأذى، لو كانوا يدركون ولديهم الإحساس بقيمة حياة الآخرين لما أقدموا على حماقتهم هذه.

هؤلاء لا يقيمون وزنًا لحياة الآخرين أو استقرار بلد بكامله، هؤلاء خونة للوطن أولاً، وخونة للأقباط أخيرًا، خونة لأنهم يدفعون الأقباط للتهلكة، لا يقيمون وزنًا لدمائهم التى يمكن أن تسيل بسبب حمقهم، هؤلاء يعرفون مدى حب المسلمين وغيرتهم على الإسلام التى قد تدفع بعض الغيورين على دينهم إلى ارتكاب حماقات تسىء لهم وللإسلام.

عصمت زقلمة وموريس صادق لا يكترثان لا بالوطن ولا بالأقباط ولا بأى قيم إنسانية يجب الحفاظ عليها؛ مثل احترام الآخر والحفاظ على مقدساته ومشاعره الدينية.

وهذا ما يجب أن يدركه كل مسلم، المسلم المتشدد الغيور جدًّا على دينه قبل المسلم المعتدل، وهو أيضًا غيور على دينه ولكنه يعرف أن هناك من يريد بهذا الوطن شرًّا، يريد أن ينسف جسور الحب التاريخية بين المسلمين والأقباط، لذا يجب أن يدرك كل مسلم هدف هؤلاء ويفشله بأن يدرك أن هؤلاء لا هم مصريون ولا هم يعرفون معنى الانتماء لهذا الوطن. هؤلاء شياطين الإنس الذين لا همَّ لهم إلا العيش على دماء الآخرين.

عصمت زقلمة وموريس صادق فى حاجة شديدة لقراءة تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية ووطنية الأقباط، التاريخ الذى يجب أن يفخر به كل مصرى، المسلم قبل المسيحى.

كيف وقف الأقباط مع صلاح الدين فى حرية ضد الأوربيين فيما يعرف بالحملات الصليبية، وقد كافأهم على ذلك بدير السلطان فى القدس؟ وكيف رفض البابا بطرس الجاولى بطريريك الكنيسة القبطية أيام محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة، بسط حماية قيصر روسيا على أقباط مصر، وقال لمندوب القيصر: (إن كنت تقول إن القيصر يموت، فنحن فى حماية من لا يموت)؟ من ينسى كفاح الأقباط ضد الاحتلال الإنجليزى؟ من ينسى كلمات القس سرجيوس عندما قال: (إذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم بحجة حماية الأقباط؛ فأقول لهم: ليمت الأقباط وليعِش المصريون المسلمون أحرارًا)؟ من ينسى بطولات الأقباط فى تحرير أرض سيناء؟ من ينسى المهندس باقى زكى ياقوت صاحب الفكرة العبقرية فى هدم خط بارليف بخراطيم المياه، والفريق فؤاد عزيز غالى الذى كان نائبًا للجيش الثانى الميدانى، ثم قائدًا له، والذى قام بتأمين منطقة شمال القناة من القنطرة إلى بورسعيد، وأيضًا اللواء أركان حرب شفيق مترى سدراك، الذى شارك فى معركة أبو عجيلة عام 1967، وكان قائدًا لكتيبة مشاة، وكبد العدو خسائر فادحة نال بسببها ترقية استثنائية، وقُتل فى حرب أكتوبر؟ وهناك العشرات من الأقباط الذين سجل التاريخ بطولاتهم فى حرب أكتوبر وتضحياتهم من أجل مصر أمنا جميعًا.

أما مواقف قداسة البابا شنودة الثالث فهى معروفة للجميع، فهو سار على خُطى الآباء البطاركة الذين سبقوه فى رفض التدخل الخارجى فى شئون مصر الداخلية. فقداسة البابا كان دائمًا ما يرفض تقرير الحريات الدينية، ورفض مقابلة أعضائها حين زارت مصر. فقد كان يؤمن بأن مشكلات الأقباط لن تُحل إلا على مائدة الوطن عن طريق الحوار وبناء جسور من الحب والتفاهم، لذلك يحتاج عصمت زقلمة وموريس لقراءة تاريخ الكنيسة وتاريخ مصر حتى يعرفا أن قوة مصر فى وحدتها وأن مصر لم تكن مصر التى نعرفها إلا يوم أن وحدها الملك العظيم "مينا" موحد القطرين.

أعزائى القراء.. كتبت جريدة اللوموند الفرنسية اليوم التالى لأحداث 11 سبتمبر، تفجير برجى التجارة العالميين، تقول: "كلنا أمريكيون". تضامنًا مع الأمريكيين، واليوم نرفع الشعار نفسه ونقول: "كلنا مسلمون". فى وجه هؤلاء الذين يودون تفجير العلاقة الممتدة عبر التاريخ بين الأقباط والمسلمين. هؤلاء هم أفراد لا يمثلون إلا أنفسهم، وهم يضرون بالأقباط ضررًا بالغًا، وعلى كل مسلم أن يدرك هذا فلا فائدة سوف ترجع على الأقباط من فيلم يسىء للرسول الكريم والإسلام، فلن يساعد أحدٌ الأقباط فى الحصول على حقوقهم إلا إخوانهم المصريون المسلمون، وذلك من خلال الحوار على مائدة الوطن. واليوم نقول لكل مسلم: نحن نتضامن معك ضد كل من يفكر فى الإساءة إلى نبيك الكريم، ونقول لهؤلاء الذين لا يفكرون إلا فى أنفسهم: ارجعوا عمَّا تنوون عمله لأن ما تفعلونه قد يكون النار التى يمكن أن تحرق هذا الوطن، ارجعوا عنه إذا كانت هناك محبة لهذا الوطن فى قلوبكم.


* أمين عام جمعية محبى مصر السلام








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة