(1)
احتفل المصريون بالذكرى الثالثة لثورة 30 يونيو، ولكن قطاعا من الشعب المصرى، وهم المواطنون المصريون الأقباط، اقترنت فرحتهم بالدموع حزنا على ضحاياهم، منذ فجر العيد بقرية كوم اللوفى، التابعة لمركز سمالوط بمحافظة المنيا، حيث شَرع مواطن قبطى يُدعى «أشرف خلف» وشقيقه فى البناء على قطعة أرض مملوكة له، فصارت شائعة مفادها الشروع فى بناء كنيسة، وتدخلت الأجهزة الأمنية على أثرها، واستدعت صاحب المنزل لأخذ توقيعه على إقرار يُفيد بأن البناء مُعَد لغرض السكن وليس لآداء الشعائر الدينية، لكن ذلك لم يمنع مُسلمى القرية من التجمهر والاعتداء على منزل «أشرف خلف» والعديد من المنازل المملوكة للأقباط، وأسفرت تلك الاعتداءات عن حرق 4 منازل، وطرد «أشرف» وجميع أفراد عائلته من منازلهم، الأمر الذى دفع بالأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط بإصدار بيان يستنكر فيه ما حدث، ويطالب الدولة بتعويض المضارين، ورفض الأحكام العرفية وضرورة تطبيق القانون، وإعطاء تصريح بناء للكنيسة المقدم من عشر سنوات، لأن الأقباط يذهبون للصلاة فى قرية عزبة رفلة التى تبعد عن اللوفى بأكثر من ثمانى كيلو مترات.
(2)
فى العاشرة من صباح العيد، نعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، القس رافائيل موسى، كاهن كنيسة مار جرجس العريش، الذى استشهد على أيدى مسلحين أطلقوا وابلا من الأعيرة النارية صوبه أثناء عودته إلى منزله بعد انتهاء صلاة القداس الإلهى، وأضافت الكنيسة فى بيان لها: كاهن العريش الشهيد ينضم لشهداء الوطن والكنيسة، الذين لم يتوقف نزيف دمائهم منذ عام 2011، وشهداء الكنيسة القبطية الحاضرين دومًا على أرض الواقع وعلى صفحات التاريخ على حد السواء، وأوضحت الكنيسة نبذة عن حياة الكاهن الراحل، استشهد عن عمر يناهز 46 عامًا، متزوج ولديه طفلان، وسيم قسًا فى 3 مارس 2012 بيد الأنبا قزمان أسقف شمال سيناء، ومعه القس مينا عبود الذى استشهد برصاص الإرهاب أيضًا فى يوليو2013.
(3)
ما أبعد المسافة بين المنيا والعريش وما أقرب الهدف، هناك عيد لثورة مجيدة نحتفل بها، لإسقاط الإرهابيين الإخوان عن الحكم وسائر عموم الوطن ما عدا شمال سيناء والمنيا، وبالطبع لا ننسى شهداء القوات المسلحة والشرطة التى تنزف يوميا جراء الإرهاب الأسود، ولكن هناك من يحاولون منذ 2013 وحتى الآن إبعاد الأقباط عن حلف 30 يونيو، على سبيل المثال بعد فض الاعتصامات الإرهابية فى قدم الأنبا مكاريوس أسقف المنيا شهادة فى كتاب بعنوان «رحيق الاستشهاد»، جاء فيه أنه بلغ عدد الكنائس التى تم حرقها وتدميرها بالكامل «36» كنيسة ومنشأة مسيحية، فى حين تم حرق وتدمير «16» كنيسة ومنشأة بشكل متوسط، و«8» بشكل جزئى، كما تم نهب وسلب 4 كنائس ومنشآت مسيحية، وبلغ عدد الخسائر فى ممتلكات الأقباط الخاصة «421»، كما جرح وأصيب وقتل العشرات، ومنهم من تم التمثيل بجسده مثل إسكندر طوس بدلجا بالمنيا، وكانت خسائر المنيا تشكل %80 من خسائر الجمهورية.
(4)
وما زالت شمال سيناء والمنيا تنزفان، وقطاع ليس بالقليل من الأقباط بات يشعر بالاستهداف دون حماية، وبعضهم يستشعر أن المنيا ما زالت تحت الحكم الإخوانى والسلفى، وتم الحوار مع كبار المسؤولين دون جدوى، هناك 14 قرية تتناوب فيها الأحداث والطابور الخامس يستثمر الأزمات والشرطة والتنفيذيين وبيت العائلة يلجأون للحلول العرفية على حساب دولة القانون، ومن يعود إلى صفحة المحافظة فى السنوات الثلاث سوف يتأكد من ذلك، إضافة إلى ترتيب أوراق القضايا بطريقة تساعد المجرمين على الإفلات من العقاب.
(5)
سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، كل سنة وأنت طيب، أتمنى أن تشكل من مؤسسة الرئاسة التى نثق فيها لجنة لتقصى الحقائق، تبحث لماذا تكرار 37 حادث فى المنيا فى الثلاث سنوات؟ ولماذا لم تقدم قضية من تلك الأحداث للقضاء؟ وما مدى فساد رؤية الأجهزة الشرطية والتنفيذية؟ والأخطر سيادة الرئيس، لماذا يشعر قطاع من الأقباط فى المنيا بأنهم يعيشون فى ظل حكم إسلامى؟
كل سنة وأنت طيب والشعب المصرى بخير.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة