لا حديث يعلو فى مصر بين المواطنين وعبر منصات التواصل الاجتماعى سوى الحديث عن ارتفاع دراجات الحرارة بشكل ملحوظ فى كل أنحاء الجمهورية، وسط تخوفات بعض المواطنين من النزول للشارع لعدم تعرضهم لضربة شمس أو إصابتهم بالإجهاد الحرارى.
وبالرغم من هذه الظروف المناخية الصعبة والقاسية التى تعانى منها البلاد تزامناً مع صوم المواطنين، تجد هناك فئات من المجتمع لا يبالون بذلك، يتحركون أسفل أشعة الشمس الحارقة يواصلون عملهم فى هدوء، تداعبهم أشعة الشمس فى "عز الضهر" فلا يتوقفون عن عملهم.
رجال المرور يضربون مثالاً واضحاً فى الإخلاص وأداء رسالتهم النبيلة خلال هذه الأيام، من خلال الانتشار المرورى على كل الطرق والمحاور الرئيسية، لتسيير حركة المرور ومنع التكدسات، هدفهم راحة المواطنين والوصول لعملهم أو منازلهم آمنين سلامين.
وأنت تجلس داخل سيارتك المكيفة تسمع الأغانى، ستلمح بجوارك شرطى المرور يقف بثبات وسط الشارع، يتصبب عرقاً وهو سعيد، ووجهه بشوش بأداء رسالته، بينما زميله الآخر يمسك بيد عجوز ليعبر بها الشارع، وثالث يقدم نصائحه لقائدى السيارات لعدم تعرضهم لحوادث، من خلال الكشف على إطارات السيارات فى هذا التوقيت وعدم ترك مواد كيميائية بالمركبة وعدم ملء "تنك" البنزين لآخره، وغيرها من النصائح التى تضمن أمن وسلامة المواطن.
على نفس المنوال، يضرب رجال الحماية المدنية مثالاً فى التضحية من خلال مواجهة ألسنة النيران فى الحرائق، التى تندلع لأسباب متعلقة بارتفاع دراجات الحرارة، ولا يبالون بهذه الأجواء الملتهبة أثناء أداء واجبهم.
المشهد يبدو بطولياً لرجال أمن يقفون فى الكمائن بأماكن نائية وعلى الحدود يحرسون فى سبيل الله، لا يبالون بأى شىء، يعرفون جيداً أن أعينهم لن تمسها النار.
وبعيداً عن رجال الشرطة، الأمر ذاته ملفت للانتباه من هؤلاء الذين يعملون بمهن شاقة، ممن يعملون فى مخابز ويواجهون لهيب النيران، وعمال "الطوب" والمصانع بالمناطق الجبلية، فلم يمنعهم ارتفاع دراجات الحرارة من البحث عن الرزق الحلال.
وفى جنوب الخير يضرب أهالينا فى الصعيد دوماً المثال فى "الرجولة"، حيث يتواجد المزارعين بحقولهم "فى عز الضهر"، يقفون صامدون فى منتصف الزراعات عندما تتوسط الشمس السماء، تضرب أشعتها الحارقة أجسادهم فتزيدهم قوة وإصراراً على مواصلة الجهد.
هؤلاء جميعاً يستحقون منا الاحترام والتقدير، هؤلاء هم الأبطال الحقيقون، دون غيرهم من أصحاب اللياقات البيضاء الذين يجلسون أٍسفل أجهزة التكيف فى الحجر المغلقة خلف أجهزة اللاب توب، يبحثون عن مجد زائف عبر منصات التواصل الاجتماعى، لا تعرف أيديهم العمل والجهد والبناء، لا يشغلهم سوى النقد و"التنظير"، هؤلاء لن يضيفوا شيئا للوطن، وإنما هم أدوات هدم يستخدمها غيرهم فى إطلاق الشائعات والترسيخ لها، بينما أهالينا الصامدون فى الشوارع أسفل الشمس هم الأبطال الحقيقيون الذين نطمئن على وطننا طالما هم موجودين على أرضها الطيبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة