"لازم ندوش الدوشة بـ دوشة أدوش منها عشان ما تدوشناش".. إفيه عبقرى من الفيلم الشهير – الكيف – يلخص ما تعيشه الكرة المصرية من ضجيج وصخب، ويصل إلى درجة التطابق اللا محدود الذي نحياه على مدار أسبوع كامل، من دوشة أصابتنا بتشوش سمعى جعلنا غير قادرين على سماع صوت العقل الذي بدا غائبًا عن المشهد، ووأد الفتن المقيتة والمرفوضة من الجميع إلا فاعليها.
بداية من السوبر المصري في الإمارات يوم 20 فبراير وعقبها قمة الدوري المحلى بأربعة أيام، وما بينهما وما بعدهما، أوصلنا لحد الترحم على حالنا وخلق داخلنا نوستالجيا واضحة على وجوه الجميع وفى رد فعلهم، وذلك مما أصبحنا فيه من تناحر غير مبرر وتهاون غير مسبوق، في وضعية لا تناسب تمامًا مفهوم كرة القدم القائم على المنافسة الشريفة.
المنافسة الشريفة تقوم على ثلاثة مفاهيم:
الابتعاد عن الأساليب الملتوية
طرد الدوافع الانتقامية
وقبول الخسارة
وإذا ما قارنا ذلك بما حدث بين الأهلى والزمالك مؤخرًا، سنجد عدم تحقق أي مفهوم منهم إزاء ما صعقنا منه من أحداث مسيئة تبعها ارتفاع وتيرة الغضب من الطرفين تجاه الطرف الثالث وهو اتحاد الكرة ممثلاً في لجنته المؤقتة التي يحاول أعضاؤها تطبيق اللوائح والقوانين ضد المخطئ، لكن المؤسف أن تجد ثغرات وعورات قانونية يستند إليها المخطئ بل ويشكو من ظلم وقع عليه ويهدد بالتصعيد قضائيًا مع تدويل القضية.
ومن أسوأ ممارسات المنافسة غير الشريفة:
التضليل
إخفاء المعلومات
والإساءات الشخصية
وكل هذا شاهدناه مأسوفا علينا، أن نجد من بيننا من يسيء إلينا ولنفسه، ويظهرنا كمجتمع ضل الطريق لندخل في منحدر لن نستطيع الخروج منه سالمين.
*علميا كثرة الدوشة تصيب الإنسان بالصمم وفقدان السمع، ومن طرق علاجها تجنب التواجد في البيئات الاجتماعية التي تصنعها، وبما أن الدوشة استفحلت في منظومة الكرة المصرية، فهل أصبحت من الأوساط والبيئات الطاردة للإنسان القويم والسليم صحيًا ونفسيًا؟
ولكن كيف لنا أن نتجنب التواجد في منظومة الكرة المصرية وهى صناعة قائمة بذاتها وباتت مصدر رزق للجميع، وكذلك مصدر سعادة واهتمام لفئة كبيرة من المجتمع فضلا عن إعتبارها نوع من أنواع القوة الناعمة ؟.. إذن نحن أمام حالة مستعصية.. إما أن نمرض بالصمم إزاء ما نسمعه من جعجعةً بلا طحن.. وإما أن نبتعد عن بيئة كرة القدم، في معادلة يصعب على أي مشخصاتي أن يشخص لها الدواء ويعالج من يعانيها من تبعاتها المضرة على كل المستويات.
*وعملاً بمبدأ ليس في الإمكان أفضل مما كان، يبقى الشيء الأفضل أن يُتبع ويتبعه المسئولون والجماهير واللاعبون في الناديين، وسط ذلك الصراع المحتدم، أن ينشغل الزمالك والأهلي بدوشة صحية، تتمثل في ضرورة التفكير في المواجهات الأفريقية التي ينتظرها كليهما بدور الثمانية من دورى الأبطال حيث يلتقي الأبيض مع الترجى الجمعة، والأهلى مع صن داونز السبت.. هذا هو الأهم وليتنحى أمامه أي أمر آخر أيًا كان هو أيه؟ حتى لا يندم الجميع في وقت لا ينفع فيه الندم، ونجد أنفسنا خارج البطولة القارية الأكبر.
الأهلى والزمالك.. أنت وهو أدوش نفسك بالفوز على منافسك الخارجى في بطولة كبرى يتابعها الجميع على مستوى العالم وليس أفريقيا فقط، هذا هو الأهم لك ولبلدك التي تحمل اسمها وتدافع عن علمها في المحافل الكبرى.
ابحث عن طرق فرض الاستقرار بين صفوفك وأدخل لاعبيك المباراة وسط أجواء كروية صحية، ارفع حوافزهم، أضف على دوافعهم.. على أمل حسم التأهل مبكرًا من القاهرة بفوز كبير دون أن تهتز شباكك، قبل السفر إلى المنافس في بلده وكلاهما في غاية القوة والشراسة على أرضه.. وفى نفس الوقت تجاهل وتناسى الدوشة الخيبة التي ليس لها أي قيمة سوى محاولة فرض الذات وتأكيد انتصار زائف على الآخر، وليس لها دواعٍ سوى كونها تدعو للتعصب والفتنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة