عادت ظاهرة الدروس الخصوصية إلى سابق عهدها بقوة، وكأن شيئا لم يكن، فلا أحد يعتد بالإجراءات الخاصة بمكافحة فيروس كورونا، وضوابط التباعد الجسدى، إلى جانب أن أجهزة الحكم المحلى على رأسها وزارة التنمية المحلية وما تشرف عليه من أحياء ومراكز مدن ومجالس قروية، فالكل يغمض عينيه عن هذه الجريمة التى تتم فى حق الأسرة المصرية، التى نرى جميعا أبعادها فى مستوى تعليمى ضعيف يعتمد على الحفظ والتلقين، يقدم لنا خريج ضعيف غير قادر على التعامل مع متطلبات سوق العمل.
التصريحات الرسمية عن غلق مراكز الدروس الخصوصية لم تتغير منذ 6 أشهر حتى الآن، فالكل يتحدث عن غلق 3 آلاف مركز منذ شهر إبريل الماضى حتى الآن، دون أن تتم أى ضبطيات جديدة أو تحركات فاعلة خلال الفترة الراهنة، بما يؤكد أن الملف أخذ طريقه إلى " الثلاجة"، كما تتعامل المحليات دائما مع معظم القضايا، فالأمر يبدأ قويا فاعلا ثم سرعان ما يتحول إلى أداء باهت وغير مؤثر، طالما لا توجد إرادة حقيقية نحو مواجهة الدروس الخصوصية باعتبارها العدو الأول للتعليم في مصر.
لا يختلف أحد من الخبراء والمتخصصين أن الدروس الخصوصية أفسدت التعليم في مصر، وحولته إلى تجارة رخيصة فى أيدى مجموعة من المعلمين لا يعرفون قيمة العلم أو رسالته، وأغلبهم استقال من التربية والتعليم، حتى يتفرغ إلى جمع الأموال والمكاسب من جيوب أولياء الأمور، ثم نرى مراكز ضخمة يتم تأسيسها سواء فى المدن أو القرى على حد سواء، حتى أصبح هؤلاء أباطرة بحق، استنزفوا كل الفائض من دخل وادخار الأسرة المصرية.
الدليل الأكبر على أن مراكز الدروس الخصوصية لا يقترب منها أحد هو بدء نشاط هذه المراكز بصورة ضخمة خلال الشهرين الماضيين، لدرجة أن القرى الريفية البسيطة باتت أوكارا لهذه المراكز، والأطفال الصغار في السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية أصبحوا زبائن دائمين فيها، بما يخالف أنظمة التعليم الجديدة والمناهج المتطورة التى بدأتها وزارة التربية والتعليم قبل سنوات من أجل إعادة بناء طالب قادر على مواجهة تحديات العصر ومتطلبات أسواق العمل.
وزارة التربية والتعليم يحب أن تضع قضية الدروس الخصوصية على رأس أولوياتها فى المرحلة المقبلة، فهذه المشكلة هى العائق الأكبر أمام تطوير التعليم فى مصر، وقد استفادت الأسرة المصرية من تجربة كورونا خلال الـ 6 أشهر الماضية، بعدما تم وقف نشاط الدروس الخصوصية بشكل كامل، وقد كانت هذه بادرة جيدة للبناء عليها من أجل إنهاء هذه الظاهرة بشكل كامل، وعلينا أن نستكمل ما بدأناه تجاه هذه الظاهرة الخطيرة بتكثيف الضبطيات وإغلاق المراكز وتشميعها دون رجعة، حتى نضمن تعليم حقيقى لأبنائنا خلال الفترة المقبلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة