يصل الجميع إلى سكة الندامة قبل النهاية بقليل، ثم تراهم جميعا يتخففون من ماضيهم المثقل بالذنوب والخطايا.. ويتعهد كل واحد منهم ألا يعود إلى ما كان عليه" ولعل تلك المقولة أول ما يدار فى عقل القارئ حين يقرأ مجموعة "خلف النهاية بقليل" للروائى وحيد الطويلة، الصادرة عام 1998، وهى مجموعة قصص قصيرة جداً أقرب إلى المذكرات البسيطة تحكى عن الواقع الإجتماعى بأسلوب بسيط وسلس، افتتح الكاتب قصصه بكلمة كونفوشيوس "لا يهم من يحكم، طالما أنا الذى أضع الأغاني".
يقول وحيد الطويلة عن مجموعته: حين كتبت مجموعتى القصصية الأولى "خلف النهاية بقليل"، حرثت الأرض بحثا عنه، بحثت عنه أكثر حين خرجت "ألعاب الهوى"، كأننى أريد أن أرمى أمامه الفرق بين الحكاية والسرد (الشفوى والمدون)، ها أنا ذا أكتب، لم أعثر عليه، قيل إنه هاجر، وأن أباه مات".
يقول الروائى الفلسطينى رشاد أبو شاور عن المجموعة: فى قصة (كوكتيل)، وبعد أن تيأس الحبيبة القديمة التى خطبت لشخص يبدو أنها لا ترغب فى الاقتران به لحبّها لزميلها الجامعى العازف عن الزواج، والذى تلتقى به فى المقهي، والمقهى يلجأ إليه المستوحشون الوحيدون، الهاربون من حبس الأمكنة الأسرية، أو الذين يرغبون فى (الوحدة) داخل الأمكنة المكتظة والضاجة، بحيث يكونون مع الناس ولوحدهم! موحية برغبتها فى الزواج منه، ومحتجة على نفوره من الزواج وتحمّل المسؤوليّة، تحكم عليه بجملة موحية: أخالك لن تكتب أبدا رواية، سوف تكتب دائما قصصا قصيرة.
قصص (خلف النهاية بقليل) كتبت فى المقهى المستنسخ، والثابت من حيث الجوهر رغم التعدد، والتوزع بين إسكندرية والقاهرة، هى قصص بلا بطولة، ولا حكايات كبيرة، شخوصها قلقون، أحدهم يصف نفسه مستعيرا بعض قلق جده (المتنبي) الذى ترك لنا قولاً لا ينسي:
على قلق كأن الريح تحتي
مع إسقاطنا لادعائه فى عجز البيت:
أسيرها يمينا أو شمالا
قصة (أظافر) وهى بالكاد مئة كلمة تبدأ: العربات على قلق، والريح تحتي، كلمات قليلة عن سرعة إيقاع الحياة لناس المدينة، ولامبالاتهم ببعضهم، وتفاصيل اللحظات الطائشة.
وحيد الطويلة روائي، صدر له عدة روايات، هي: ألعاب الهوى، وأحمر خفيف، وباب الليل، حذاء فيلليني، وجنازة جديدة لعماد حمدى، فضلا عن المجموعات القصصية: كما يليق برجل قصير ـ خلف النهاية بقليل ـ مائة غمزة بالعين اليسرى، عمل خبير العلاقات الثقافية بالمؤسسة العامة للحى الثقافي، وكان مدير مكتب مجلة الدوحة فى القاهرة، وعضو اتحاد المقاهى العالمي، حصل على جائزة ساويرس الثقافية لعام 2015 (فئة كبار الكتاب) عن رواية "باب الليل".