نقرأ خلال الفترة الأخيرة أخبار حوادث السير ومقتل عدد من الأطفال على يد أطفال آخرين، نتيجة ترك رب الأسرة ابنه يقود السيارة وهو في عمر صغير، دون أدنى وعى، وتأتي النتيجة في النهاية بنشر الحزن وانهمار الدموع، وسيطرة السواد والأسى على حياة عائلة أخرى لا ذنب لها إلا أن طفلها قتل وهو يلعب أو يعبر الطريق، وتتعالى أصوات الصراخ "بأى ذنب قتل".
من المسئول عن تلك الحوادث؟ ومن الذى يستحق العقاب؟ جميع الإجابات تصب في عند "الأب"، الذى من المفترض أنه مسئول وناضج وحائط صد ضد كل ما يؤذى أفراد عائلته، ولكن من يجعل ابنه يقود سيارته الخاصة وهو لم يبلغ الـ18 عامًا فإنه بطبيعة الحال "سفاح" بكل معانى الكلمة، نعم إنه كذلك لأنه يتسبب في قتل أبرياء أخرين سواء من الكبار أو الصغار، وهو في النهاية مصدر لتعاسة الآخرين سواء عائلته أو عائلات أخرى تفقد في لحظة فلذة أكبادها التي كانت قبل هذه اللحظة ترسم له طريق المستقبل ليكون عونا لها ولبلده.
ودائما فى مثل هذه الأزمات أول ما يفعل الأب أنه يتنصل من كونه يعلم أن ابنه قاد سيارته دون علمه، كما حدث بالفعل في حادثة قريبة نتج عنها مصرع طفل 7 سنوات على يد طفل آخر يبلغ 11 عاما في حادث سيارة بشربين فى محافظة الدقهلية، فحين تم استجواب النيابة العامة لوالد الطفل المتسبب في الحادث أنكر معرفته بأن ابنه قاد السيارة.
ولكل أب مسئول أقول كيف لا تعلم بأن ابنك الطفل يقود سيارتك؟ وأنت تعلم أنه بمجرد أن تعطى له مفاتيح المركبة فإنك قد وافقت على أن يقودها وهو لا يحمل رخصة قيادة ولم يبلغ سن الحصول عليها، كما أنك بذلك وافقت أن يتعلم طفلك القيادة وهو في عمر الأطفال، ولعدم إدراكه بمدى خطورة هذه الفعلة فإنك أيها الوالد المسئول أعطيت له ترخيصًا من عندك وليس من إدارة المرور الجهة المنوط بها ذلك، وهذا تم بمجرد أنك قمت بتعليمه القيادة وهو طفل صغير كنوع من التدليل و"الدلع المرئ" كما كان يقول أجدادنا ووالدينا، فكيف بعد ذلك يدرك الطفل وهو يقود السيارة أنه يمشى بين أرواح الناس في الشارع، ونتيجة ذلك الخطأ منك أيها الأب غير المسئول طبعا في هذه الحالة يتم إنهاء حياة أطفال مثله لم يستكملوا حلمهم وحلم آبائهم.
وفي الختام لا يسعني إلا إرفاق البيان الذي أصدرته النيابة والذي تؤكد فيه "على أن الإفراط في تدليل الأطفال والسماح لهم بأشياء لا ينبغي السماح بها، وغض الطرف عما يفعلون من أمور يراها البعض بسيطة وهي في الأثر عظيمة، ينتهي بانسياقهم إلى جرائم حقيقية وشخصيات إجرامية غير سوية، فإرضاء الأبناء دون انضباط ما هو إلا هروب من مسئولية تعليمهم وتربيتهم وتأديبهم التأديب الصالح الذي يبني شخصياتهم النافعة، ويقيهم الأضرار والشرور".
ناشدت النيابة الأهل حسن القيام بواجبهم تجاه أبنائهم وإعانة المؤسسات التعليمية والدينية الرسمية في تربيتهم التربية السليمة، فلا تذهبوا بهم إلى عنف لا طائل منه، أو تسيب وتدليل لا خير فيه، فالخير دومًا في وسط من ذلك، والحق دومًا بين باطلين واختتمت "اتقوا الله في أبنائكم".
وفى النهاية أتمنى من الناس أن يتعلموا ألا يفرطون في تدليل أولادهم بهذا الشكل المبالغ فيه، فهذا ليس حب بل أنهم يرسمون لهم حياة يشوبها الهلاك وتهديد مستقبلهم ومستقبل غيرهم، فكما تعرض طفل من عائلة أخرى للقتل على يد طفل اخر متدهور برعاية والده، فهذا الأخير ليس بعيدًا عن ذلك فقد يتعرض طفله لنفس الحادث على يد طفل أخر لم يربيه والده تربية سليمة، "أيها الآباء اتقوا الله وربوا أولادكم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة