إسراء أحمد فؤاد

القاهرة - واشنطن.. علاقات راسخة وفرص تعاون ممتدة

الأربعاء، 26 مايو 2021 10:04 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ارتبط صعود الرئيس الأمريكى المنتمى للحزب الديمقراطى جو بايدن، فى نوفمبر 2020، برهان خسره كل من أراد للعلاقات المصرية - الأمريكية سوءا، فقبل هذا التاريخ كان يتخيل البعض أن العلاقات بين القاهرة وواشنطن تخاطر بالعودة إلى الأجواء الجليدية التى سادت خلال فترة أوباما، عندما يتولى رئيس ديمقراطى رئاسة الولايات المتحدة، ولكن رغم الصعود والهبوط الذى يحكم العلاقة منذ عقود، فإنه يمكن وصفها كونها علاقات استراتيجية تتباين فيها الرؤى ووجهات النظر حول بعض القضايا الثنائية والإقليمية، هذه العلاقة تحكمها ثوابت، بغض النظر عن الانتماء الحزبى لساكن البيت الأبيض.
 
فى صباح الجمعة الماضى 21 من مايو، دخلت الهدنة فى قطاع غزة حيز التنفيذ اعتبارا من الساعة الثانية فجرا بالتوقيت المحلى، وفقا لمبادرة مصرية لوقف التصعيد بين إسرائيل وحماس بعد 11 يوما من العدوان الإسرائيلى، ومع خيوط الشمس الأولى عمت الاحتفالات القطاع، فيما كانت تتلقى القيادة السياسية فى مصر التهانى العربية والدولية بنجاح مساعيها، ودورها الناجح فى القضية الفلسطينية، من بين قادة العالم ممن أدركوا الدور المصرى.
 
سارع الرئيس الأمريكى جو بايدن، أمس الأول الاثنين 24 من مايو، بإجراء اتصال هاتفى بالرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو الاتصال الثانى بين الزعيمين فى غضون 4 أيام، لتقديم بالغ الشكر على نجاح الجهود المصرية فى إنهاء التصعيد بين إسرائيل وحماس، وتنسيق القاهرة مع بلاده، والحاجة الملحة لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين فى غزة ودعم جهود إعادة البناء، فضلا عن تبادل الرؤى والتقديرات تجاه تطورات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى التباحث حول موضوعات علاقات التعاون الثنائى بين مصر والولايات المتحدة.
 
وفى ضوء دور مصر المحورى إقليميا ودوليا، وجهودها السياسية الفعالة فى دعم الأمن والاستقرار فى المنطقة وتسوية أزماتها، تطلعت الإدارة الأمريكية الجديدة، لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال المرحلة المقبلة فى مختلف المجالات، حيث أكد الرئيس بايدن على قيمة الشراكة المثمرة والتعاون البناء والتفاهم المتبادل بين الولايات المتحدة ومصر، ومن ثم تطلع الإدارة الأمريكية لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال المرحلة المقبلة فى مختلف المجالات، خاصة فى ضوء دور مصر المحورى إقليميا ودوليا، وجهودها السياسية الفعالة فى دعم الأمن والاستقرار فى المنطقة وتسوية أزماتها، فيما أكدت القيادة المصرية أن الدولة المصرية «مستمرة فى بذل الجهود لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وذلك فى إطار ثابت من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل».
 
الاتصال والتنسيق بين الزعيمين لم يكن يوما أمرا دخيلا على العلاقات المصرية - الأمريكية، بل هو أحد المرتكزات التى تحكم العلاقات الاستراتيجية التى ارتبطت بها القاهرة وواشنطن على مدى العقود الأربعة الماضية، حيث ظل التنسيق والتشاور المصرى الأمريكى قائما فى كل قضايا المنطقة، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأوضاع فى سوريا ولبنان والسودان والعراق واليمن ومكافحة الإرهاب وأزمة سد النهضة.
خلال السنوات الماضية، نجح الرئيس عبدالفتاح السيسى والدبلوماسية المصرية فى إعادة الثقة بين البلدين، ووضع إطار مؤسسى يتسم بالاستمرارية، وهو ما يطلق عليه «الحوار الاستراتيجى» لسد الفجوات فى التفاهم بين الجانبين بمعزل عن التفاصيل اليومية لإدارة العلاقات المصرية الأمريكية، كما استطاع الرئيس السيسى وضع قاعدة للمصالح المشتركة تقف عندها الدولتان على قدم المساواة دون أى تمييز لتحقيق مصالحهما، دون الإضرار بمصالح طرف على حساب الآخر.
 
أما بالنسبة لواشنطن، فتدرك إدارة بايدن أن مصر ركيزة الاستقرار فى الشرق الأوسط، وفى أول عهدها فى فبراير الماضى اتخذت واشنطن أول خطوة تجاه القاهرة، حيث وافقت على صفقة لبيع صواريخ لمصر بنحو 200 مليون دولار، ووصفت الخارجية الأمريكية وقتها مصر بدولة «حليفة رئيسية وشريك استراتيجى فى الشرق الأوسط»، وقالت فى بيان إن هذه الصفقة ستساعد فى «تحسين أمن دولة حليفة رئيسية من خارج الناتو، والتى لا تزال شريكا استراتيجيا مهما فى الشرق الأوسط»، وأشارت إلى أن هذه الصواريخ «ستدعم سفن حاملة الصواريخ السريعة التابعة للبحرية المصرية، وستوفر قدرات دفاعية محسنة بشكل كبير للمناطق الساحلية المصرية ومداخل قناة السويس»، وبعد الإعلان عن الصفقة بعدة أيام، التقى الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكى كينيث ماكينزى، حيث بحثا تعزيز التعاون العسكرى والأمنى بين البلدين ومكافحة الإرهاب، وبعدها أجرى وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، اتصالا بنظيره المصرى سامح شكرى، وكان أول اتصال هاتفى بينهما منذ استلام إدارة بايدن السلطة.
 
وبين ليلة وضحاها لم تصل العلاقات المصرية الأمريكية لهذا المستوى من التنسيق، بل مرت بعقود من الصعود والهبوط ونلقى الضوء على أبرز تلك السنوات:
- أربعينيات القرن الماضى.. شهدت مدينة العلمين معركة حسمت نتائج الحرب العالمية الثانية للحلفاء، ومنذ تلك اللحظة بدأت النظرة الاستراتيجية لمصر تختلف من جانب القوة الصاعدة فى ذاك الحين، وتحولت مصر إلى مقر لأهم الاجتماعات الدولية، وعقد الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت عام 1943 مؤتمر القاهرة الأول، بمشاركة الزعيم البريطانى ونستون تشرشل، والزعيم الصينى شاينغ كايشيك، أعقبه بأيام اجتماع القاهرة الثانى بين «روزفلت» و«تشرشل» بمشاركة الرئيس التركى «إينونو».
 
- 1945.. كانت الولايات المتحدة تبحث عن الشركاء الجدد فى المنطقة، الذين برزت أدوارهم، لذا بدأت واشنطن توثيق علاقاتها مع القاهرة، حيث عقد «روزفلت» على ظهر سفينة حربية فى قناة السويس اجتماعا مع ملك مصر والسودان فاروق الأول فى منطقة البحيرات المرة.
- 1947.. زار رئيس أركان الجيش المصرى القواعد العسكرية والمصانع الأمريكية، وفى سبتمبر من العام نفسه طلبت مصر رسميا بعثة عسكرية أمريكية لتدريب القوات المصرية.
 
- 1952.. أيدت الولايات المتحدة، برئاسة هارى ترومان، ثورة يوليو، فى محاولة لتحييد القادمين الجدد فى السلطة داخل مصر، لكن بدأ الفتور يدب فى العلاقة الوليدة مع زيارة وزير الخارجية الأمريكى آنذاك، جون فوستر دالاس، لمصر بعد انتخاب «أيزنهاور» رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن حمل معه أفكارا لتطويق الاتحاد السوفيتى، لكن لقاء «دالاس» بجمال عبدالناصر عصف بكل ما تمناه خلال رحلته من واشنطن للقاهرة.
- 1955.. أعلنت الخارجية الأمريكية اتفاقا يقضى بأن يتولى كل من البنك الدولى وواشنطن وبريطانيا تمويل مشروع السد العالى بتكلفة 1.3 مليار دولار بشروط.
 
- 1963.. زار ريتشاد نيكسون مصر، وكان حينها مبعوثا للرئيس الأمريكى جون كيندى، ورأى حجم العمل فى السد العالى، وقال فى لقائه مع «عبدالناصر»: «رأيت اليوم أفدح خطأ ارتكبته أمريكا، لقد اعتصر الألم قلبى عندما رأيت السوفييت يعملون جنبا إلى جنب معكم فوق السد، فلولا دالاس لكان هناك أمريكيون على هذه الأرض».
- 1966.. رفض «عبدالناصر» دعوة الرئيس الأمريكى ليندون جونسون، لزيارة الولايات المتحدة، وحتى حين وافق وأرسل أنور السادات، فى محاولة لوقف تدهور العلاقات، لم تأت تلك الزيارة ثمارها، وفى محاولة أمريكية لاستقطاب «عبدالناصر»، استقبل «جونسون» وأسرته منى عبدالناصر وزوجها فى الولايات المتحدة، وحملها رسالة مفادها أنه يريد أن يكون صديقا لوالدها، إلا أن الرسالة لم تلق صدى.
 
- 1966.. زار أنور السادات أمريكا بصفته رئيس مجلس الأمة آنذاك، وحظيت الزيارة باهتمام لافت من جميع الأوساط ودوائر واشنطن السياسية، حيث التقى خلالها السادات الرئيس الأمريكى، ووزير الخارجية، ورئيس مجلس النواب، ورؤساء اللجان البرلمانية، وغيرهم من المسؤولين الأمريكان.
- 1967.. اتهم «عبدالناصر» «جونسون» صراحة بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلى، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا.
 
- 1972.. اتخذ السادات بعد توليه حكم مصر قرارا بتخفيض عدد أعضاء البعثة الأمريكية بمصر إلى النصف، والأمر نفسه بالنسبة لأعضاء البعثة المصرية فى الولايات المتحدة، بسبب دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلى.
 
- 1973.. بعد حرب أكتوبر جاء هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكية، إلى مصر، واقترح إرسال كميات من القمح إلى القاهرة كتعبير عن حسن النوايا، ثم بدأت مرحلة جديدة من أشكال المعونة الأمريكية.
 
- 1974.. تقارب مصرى - أمريكى، حيث أقدم الجانبان على إعادة العلاقات فى مارس من العام نفسه، وبعد أشهر من العام نفسه، تحديدا فى يونيو، أجرى ريتشارد نيكسون زيارة لمصر، وبحث مع «السادات» قضايا المنطقة، ومستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين.
 
- 1975.. توقيع اتفاقية بين مصر وأمريكا للتعاون الاقتصادى، تحصل بها مصر على قرض 80 مليون دولار، لتمويل الواردات الزراعية والصناعية.
- 1976.. تم توقيع 4 اتفاقيات اقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية، تتلقى مصر بمقتضاها قرضين قيمتهما 89 مليون دولار، إلى جانب منحتين قيمتهما 11 مليون دولار.
 
- 1977.. تم توقيع اتفاق مصرى أمريكى فى القاهرة بشأن مبلغ الـ500 مليون دولار، الذى وافق الكونجرس على تقديمه لمصر بصفة عاجلة فى شكل قرض سلمى.
 
- 1977.. تمت موافقة لجنة الاعتماد التابعة لمجلس النواب الأمريكى على تقديم مساعدات لمصر قيمتها 750 مليون دولار.
- 1978.. موافقة الولايات المتحدة على السماح لمصر بشراء 1500 ناقلة جنود مدرعة من طراز «بى كى»، و1500 ناقلة أخرى من طراز «M 112».
- 1981.. اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وبداية صفحة جديدة من العلاقات مع واشنطن، ربما تكون الأطول والأقل توترا، إلا أنها لم تخل أيضا من الشد والجذب.
 
- 1985.. توتر الأجواء بين البلدين بعدما أقدمت الطائرات المقاتلة الأمريكية على اعتراض طائرات مدنية مصرية كانت تقل القائد الفلسطينى «أبوالعباس»، وإجبارها على الهبوط فى إيطاليا‏،‏ إلا أن مصر استطاعت احتواء الأزمة العاصفة مع إدارة أمريكية جديدة، بعدما أمنت مع رئيس وزراء إيطاليا عدم تسليم «أبوالعباس»‏، وانتقلت الخلافات بين القاهرة وواشنطن إلى العلن، بسبب مساندة «الأصوليين» العرب، وانتقدت مصر بشدة تلك المواقف، خاصة دعم واشنطن لمن وجهوا أعمالهم الإرهابية تجاه مجتمعاتهم، ووصلت الأزمة ذروتها بعد اغتيال رئيس البرلمان المصرى السابق رفعت المحجوب.
 
- 2017.. جاء الرئيس دونالد ترامب وأبدى من اللحظة الأولى إدراكا لأهمية ومكانة مصر، وقدم خطوات إيجابية لدفع العلاقات مستقبلا، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى من أوائل قادة العالم الذين هنأوا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفوزه فى الانتخابات مباشرة بعد إعلان النتائج.
 
2017 - 2018.. جمعت بين الرئيس السيسى وترامب 5 قمم بدأت بالاجتماع الأول بنيويورك مع المرشح الجمهورى للرئاسة وقتئذ دونالد ترامب، ثم توالت الاجتماعات.
 
2019 - 2020.. اتسمت العلاقات فى حقبة ترامب بالسلاسة والشراكة والتشاور فى ملفات عديدة فى مقدمتها الحرب على الإرهاب، والملف الليبى، والقضية الفلسطينية، فضلا عن أزمة سد النهضة، كما نجح الرئيس عبدالفتاح السيسى والدبلوماسية المصرية فى إعادة الثقة بين البلدين، ووضع إطار مؤسسى يتسم بالاستمرارية واستأنف «الحوار الاستراتيجى» بين البلدين.
 
- 2021.. بعد نحو شهرين من استلام إدارة بايدن السلطة، أى فى فبراير من العام نفسه، وافقت واشنطن على صفقة لبيع صواريخ لمصر بنحو 200 مليون دولار، ووصفت الخارجية الأمريكية وقتها مصر بدولة «حليفة رئيسية وشريك استراتيجى فى الشرق الأوسط».








الموضوعات المتعلقة

واشنطن "مع، ضد" داعش

الجمعة، 12 سبتمبر 2014 09:00 م

داعش والفتنة الكبرى

الجمعة، 27 يونيو 2014 08:04 م

مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة